الجديد

الصراع على زعامة العالم .. المارد الصيني ما زال بعيدا

غازي معلى

هل المبشرون بالصين كقوة قادمة ستقود العالم بعد الكورونا الكونية محقون ، أم أنها ستبقى مجرد دولة جانبية في عالم الحضارات و القوى الدولية ؟

المعادين للصين يقوبون إنها الدولة لا يزال شعبها يأكل الخفافيش، ويعيش بلا نظافة صحية، بحيث تنمو في بيئته الأوبئة.

أما المؤيدون  يقولون انها  الدولة العظمى، في الوقت الذي مازال العالم مرعوب من هجوم هذا الفيروس ، قضت عليه الصين في ووهان، وخففت الإصابات إلى نسبة مذهلة.

اعتقد ان الكل على صواب و قد أذهلت الصين العالم بأسلوب فريد في إدارة الشأن العام يتعايش فيه الرأسمالية بأسمى تجلياتها ، مع  الحزب الشيوعي الجاثم على انفاس الناس، في تناغم فريد من نوعه.

قد يطول زمن التسابق بين الصين الغني و الحالم بطريق الحرير و شعبه الذي يرضى بقليل من الأرز و الغرب المفلس و المتداين بنسب مفزعة و شعوبه المدللة التي لا يمكن لها ان تعيش الا في رفاهية.

فهل تصبح الصين هي التي ستقود العالم في وقت قريب ؟ اعتقد ان العوائق هي ثقافية بالأساس ، وأهمها اللغة، فالتقدم الذي أحرزه الألمان ظل إقليمياً بسبب اللغة.

نصف العالم يركب سيارات ألمانية، لكن الذين قرأوا غوته أقلية صغيرة. والأدب الروسي من أهم آداب العالم، لكن العالم يقرأه بلغات أخرى.

إن الحضارة العالمية المبنية على التراث اليوناني واللاتيني، التي منها ولدت ثقافات واسعة كالإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، أي ما يسمى في مجموعه اليوم ب «الغرب»، لن يفسح في المجال بهذه السهولة لحضارة لا يعرف عنها الكثير.

سوف يكون من السهل على الصينيين أن يطلقوا كبسولة إلى الفضاء، لكن كم من الوقت ينبغي أن يصرفوا لكي يقيموا «هارفارد» و«أوكسفورد» و«السوربون». جميع الطلاب المتفوقين في «M.I.T» صينيون، لكن جميع الأساتذة أميركيون.

الثابت و الأكيد أن الصين أصبحت  القوة الاقتصادية الثانية في العالم لكن للمرور للمرتبة الأولى واتكاك الريادة والزعامة يحتاج وقتا طويلا جدا قد لا نعيشه و لا حتى أطفالنا، لان المرور للمرتبة الأولى يمر حتما عبر بوابة الحضارة،  فعدد جوائز نوبل في الآداب و الكيمياء و الفيزياء مازالت الصين في اخر الترتيب. و تحتاج الصين لوقت طويل لكي يخرج من نخبتها شكسبير او همنغواي.

اجبار الناس على البقاء بمنازلهم زمن الكورونا و إطعامهم من الجوع بما تيسر لا يجعل من الصين القوة القادرة على قيادة العالم.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP