الجديد

هند صبري

الفنانة هند صبري ل “التونسيون”: أعد لمرحلة ما بعد الكورونا .. ومنشغلة بانتشار الوباء في مسقط راسي قبلي”

حاورها: علاء حافظي

في هذا الحوار مع الفنانة التونسية المتألقة هند صبري نتطرق الى حديث الساعة ونعني تاثير انتشار وباء الكورونا على مختلف المناشط الحياتية وخاصة الثقافية والفنية، وخاصة عن متابعة صبري القريبة للوباء من خلال تحركها لتقديم مساعدات لجهة قبلي مسقط رأسها في مقاومة انتشار الكورونا. كما تطرق الى الحوار الى جوانب مجتمعية وسياسية عامة والى الصناعة السينما في تونس.. وكانت أجوبة هند بري – كما ستلاحظون – عميقة وتستند الى رؤية وموقف فضلا عن متابعة لما يجري في رحم المجتمع التونسي والعالمي من تحولات.

في ما يلي نص الحوار

** كيف تتفاعلين مع الكورونا خاصة وقد تزامن مع شهر رمضان؟ 

لا يختلف تفاعلي عن تفاعل كل المواطنين و القائم على احترام الحجر الصحي و هو ما جعلني اعمل عن بعد انطلاقا من المنزل و هي تجربة استثنائية بكل المقاييس و حاليا أجلت التفكير في مشاريعي الفنية الى ما بعد زوال الحجر الصحي حتى تتضح الصورة بشكل كامل اذ يبدو واضحا ان الانتاج الفني سيتأثر في مستوى التمويلات و اليات العمل و طرق الانتاج بتداعيات الكورونا .

كما أكرس جانبا كبيرا من وقتي للمطالعة و متابعة كيفية تفاعل المجتمعات و خاصة مصر و تونس مع الكورونا و ما خلقته من وضعيات يتعين التفاعل معها.

** شاركتي في تأسيس مبادرة “مفيد ” فما هي هذه المبادرة؟

اعتقد ان الفنان مدعو للتفاعل مع ما يعيشه مجتمعه من تطورات و من مشاكل ايضا و انا اعتز بانتمائي لتونس و انحداري من منطقة الصابرية بولاية قبلي و ايضا بمصر التي احتضنتني لذلك لم اتردد عن التحرك من اجل المساهمة في دعم جهود الشعب المصري في التصدي للكورونا .

وتحركت ايضا صحبة عدد من الاصدقاء و الصديقات من خلال مبادرة  “مفيد ” من اجل المساهمة في تطوير تجهيزات المستشفى الجهوي بقبلي اذ اتضح انه يشكو من عدة نقائص و هذا واجب خاصة في هذا الظرف بالذات.

**لو تسمحين نعود الى سياق تشكل شخصيتك فما هي القيم و الاحداث التي ساهمت في بناء شخصيتك و تطوير وعيك ؟

يمكن ان اعتبر نفسي محظوظة في هذا الاطار اذ نشأت في عائلة تعتبر حداثية جدا مقارنة بالقيم السائدة في تلك الفترة اذ تأثر والدي و والدتي بمناخات ثورة ماي 1968 الطلابية و ما رافقها من حركات اجتماعية و طلابية و من تطلع لحرية اكبر و لمجتمع يحترم الانسان و يكرس العدالة الاجتماعية .

كان والدايا يساريان الى حد ما و قد وعيت منذ طفولتي المبكرة  على أهمية الثقافة و دورها و قد نشات بحكم عمل والدي في مدينة الكاف ذات الاهمية الثقافية اذ  لها تراث ثقافي هام الى جانب اسهامها في الحركة المسرحية و الثقافية التي عرفتها تونس . والدي ينحدر من الجنوب و والدتي من الشمال و قضيت اغلب فترات حياتي في العاصمة و هو ما جعلني “ملقحة ” ضد الجهويات و ضد التعصب الجهوي و تأثرت بحكم المحيط العائلي الذي نشأت فيه بقيم حداثية جدا في ما يتعلق بالمرأة اذ كانت والدتي استاذة لغة فرنسية و ناشطة ضمن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات و ساهمت جدتي في النضال ضد الاستعمار و قد تولى الرئيس الحبيب بورقيبة منحها وساما.

** حسب رايك ما هي نقاط قوة المجتمع التونسي ؟

اعتقد ان المجتمع التونسي و تنظيمه هو اهم نقطة قوة في المجتمع التونسي اذ لعب المجتمع المدني دورا في تحديد مسار المجتمع التونسي و الامر لا يقتصر على الاتحاد العام التونسي للشغل فقط بل هناك جمعيات اخرى فاعلة و مؤثرة كالجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات على سبيل الذكر لا الحصر و لا بد في تقديري من تعميق وعي الجيل الشاب بأهمية الجمعيات لان غياب الروح الجمعياتية يضعف الشعور بالواجب الوطني و يقلص الاحساس بأهمية التطوع و العمل من اجل الاخرين . انا اؤمن ان الحراك الاجتماعي المنظم ايجابي و مثمر في حين ان التحرك الفوضوي يمثل خطرا على المجتمع.

**  ما هي نقاط الضعف التي يشكو منها المجتمع التونسي؟ 

اشير هنا الى تفشي الفردية و ما يرتبط بها من قيم و سلوكات سلبية و هو ما يؤدي الى رفض التنظم و عدم تقدير الاخرين و اعتقد ان وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا في هذا الصدد لا في تونس فحسب بل في مختلف انحاء العالم اذ اوجدت سلوكات جديدة من مظاهرها تغليب الحديث و الكلام على الفعل و اصبح الاهتمام بجماعات الاصدقاء اكبر من الاهتمام بالشأن العام .

 ** كيف تقيمين ما تحقق منذ 14 جانفي 2011 الى حد الان ؟

اعتقد ان عدة مكاسب قد تحققت من اهمها الحرية اذ توفرت للتونسيين و التونسيات حرية التعبير و ايضا الديمقراطية اذ الاكيد اننا نعيش تجربة ديمقراطية حقيقية حتى و ان كانت منقوصة و لا تخلو من شوائب و نحن كشعب نتعلم و امامنا متسع من الوقت للتعلم . و هناك اساسا الحرية التي يتمتع بها قطاع الاعلام و حاليا 90 بالمائة من التونسيين يتابعون الشأن التونسي من خلال وسائل الاعلام التونسية و هذا رقم هام و دليل على ان التونسيين يعرفون ان وسائل الاعلام التونسية تعكس مشاغلهم و تتحدث عن مشاكلهم و هذا امر هام و ظاهرة انتفت احيانا حتى في اوروبا.

 ** ما الذي يتعين القيام به حسب رايك لتطوير وضعية المرأة التونسية؟

 انطلق هنا من قراءة سريعة لما افرزته الانتخابات التشريعية و الرئاسية الاخيرة من تراجع لافت لحضور المرأة مقارنة بالانتخابات السابقة علاوة على ما شهدته حكومة يوسف الشاهد و الحكومة الحالية من تراجع غير مفهوم لحضور المرأة و هو ما يجعلني اتساءل اين النساء الفاعلات؟ هل اصابتهن خشية من مجابهة الوضع و من اجواء العمل السياسي ففضلن الترفع عنه ؟.

لا بد في اعتقادي من ضرورة العمل من اجل تمثيلية سياسية تنسجم مع مكانة المرأة في مختلف المجالات و من الضروري ايضا دعم التمكين الاقتصادي للمرأة و ان يشمل كل الجهات و من ضمان تمثيلية سياسية للمرأة الريفية لان تمثيليتها الحالية لا تواكب التحولات الاجتماعية الجارية صلب المجتمع التونسي.

** كيف تبدو لك وضعية السينما التونسية؟

اعتقد ان وضعية السينما التونسية تبعث على التفاؤل و هي بارقة ضوء و امل في ظل التشاؤم السائد من مشاكلنا الاجتماعية و الاقتصادية و من تنامي ظاهرة التفاوت الاجتماعي و الاستقطاب السياسي الحاد الذي اظهرته الانتخابات الاخيرة .

فالسينما التونسية تشهد ميلاد و بروز جيل جديد تحرر بعد الثورة كتابة و انتاجا و اخراجا من كل المكبلات التي كانت تعيقه و من ضغط السلطة و استبدادها نحن حاليا امام جيل جديد من السينمائيين وهو شبان و شابات يتقدون حيوية و قدرة على الابداع مع تقدم في المرحلة العمرية بثلاثين عاما على الاقل اذ كان المخرج لا يشرع في الاخراج الا بعد ان يبلغ الخمسين من العمر و حاليا لدينا مخرجين في الثلاثين من العمر و هو ما يعني ان ديمقراطية الثقافة و الفن وصلت الى السينما و الجيل الجديد اخذ اللغة السينمائية عن الجيل القديم و يعمل على تطويرها.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP