الجديد

منذر بالضيافي

قصر قرطاج: اجتماع أمني وسياسي رفيع حول ليبيا دون الغنوشي

منذر بالضيافي

تجمع كل مكونات الساحة السياسية والمجتمعية في تونس، على أن ما يحصل في ليبيا يرتقي لمصاف “الشأن التونسي”، بالنظر الى روابط عديدة يتداخل فيها الأمني بالسوسيولوجي بالاقتصادي، لكن هذا “الاجماع” لم يرتق الى صياغة سياسة تجاه ليبيا تخضع لثوابت لا تتغير أيا كان “حاكم تونس”، وتكون مبنية على أساس علاقة وثيقة بالأمن القومي التونسي، هذا ما جعل مقاربة الشأن الليبي تخضع لمتغيرات الاحداث على الأرض، التي يعرفها هذا القطر في ساحة متغيرة داخليا ومحل تدخل اقليمي ودولي متشابك ومعقد.

متابعة للتطورات الليبية الأخيرة، في علاقة بإعلان المشير حفتر الذي يسيطر على شرق ليبيا عن ايقافه العمل باتفاق الصخيرات انتظم اليوم بقصر قرطاج اجتماع أشرف عليه الرئيس قيس سعيد للنظر و “التداول حول التطورات الأخيرة التي تشهدها ليبيا”، مثلما ورد في بيان للرئاسة التونسية، نشر على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

ذات البيان أشار الى أن الاجتماع أكد “على أن تونس ترفض أي تقسيم للشقيقة ليبيا مهما كان الشكل الذي يمكن أن يتخذه هذا التقسيم. كما جددوا تمسك تونس بالشرعية الدولية مع التأكيد في الوقت نفسه على ضرورة أن يكون الحل ليبيا ليبيا دون أي تدخل أجنبي لأن القضية هي قضية الشعب الليبي وليست مسألة دولية.”

كما أكد البيان “على أن تونس هي أكثر الدول تضررا من تفاقم الوضع في ليبيا، وعلى المجموعة الدولية ان تضع في الاعتبار الأضرار التي لحقت تونس ومازالت تطالها.
وقد تم في ختام هذا الاجتماع تكوين مجموعة عمل على مستوى رئاسة الجمهورية تجمع كل الأطراف المتدخلة وتتولى، فضلا عن تنسيق العمل، استشراف المستقبل، والتحسب لأي طوارئ.”.

مثلما أشرنا فان اجتماع قصر قرطاج اليوم تم التداعي اليه بعد اعلان حفتر “الانقلاب على اتفاق الصخيرات”، وبعد اعلان الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، رفضهم “لخطوة” المشير حفتر، ولعل هذا ما يفسر اعادة تأكيد تونس على تمسكها بالشرعية الدولية وبرفض تقسيم ليبيا والأهم تأكيد المجتمعين على أن تونس من أكثر المتضررين من الوضع في ليبيا، وهو ما دفع الحضور الى تشكيل “مجموعة عمل” تحت اشراف الرئاسة تعنى بمتابعة تفاعلات الوضع الليبي.

يمثل بعث “مجموعة عمل” في قرطاج حول ليبيا ، مبادرة ايجابية نأمل أن تكون مكونة من خبراء ومختصين من مختلف المجالات، وليس مجرد تفاعل “روتيني” مع الأحداث وللاستهلاك السياسي والاعلامي المحلي.

ولعل “حساسية” الوضع الليبي وتداعياته المتوقعة، دفعت الرئاسة الى بعث “مجموعة عمل” حتى تكون اطارا لفهم ما يحصل على حدودنا في ملف على صلة بالأمن القومي، فضلا على تحولها الى “مجموعة بحث استراتيجي” تساعد على صناعة وترشيد القرار السياسي حول ملف يؤرق بلادنا، وبالمناسبة نسأل عن دور معهد الدراسات الاستراتيجية التابع للرئاسة، الذي كان من المفروض أن يكون قاطرة بحثية استراتيجية تساعد صانع القرار.

وبالعودة لاجتماع قرطاج اليوم، والذي دعا عليه رئيس الجمهورية قيس سعيّد اليوم الخميس 30 أفريل 2020 بقصر قرطاج. وشارك فيه “كل من رئيس الحكومة السيد إلياس الفخفاخ ووزيرة العدل السيدة ثريا الجريبي ووزير الدفاع السيد عماد الحزقي ووزير الداخلية السيد هشام المشيشي ووزير الشؤون الخارجية السيد نورالدين الري، إلى جانب عدد من الإطارات الأمنية والعسكرية”، وفق بلاغ الرئاسة.

وهو اجتماع هام يرتقي من حيث تمثيلية الحضور، يرتقي من حيث الأهمية الى اجتماع مجلس الأمن القومي، الذي عادة يحضر فيه رئيس مجلس نواب الشعب، راشد الغنوشي.

للإشارة فان راشد الغنوشي، قال في حوار مع موقع “عربي21” (القطري) يوم 28 أفريل الجاري وبعد يوم واحد من اعلان حفتر عن ابطال العمل باتفاق الصخيرات، “نحن في تنسيق متواصل مع الجزائر لحلّ الأزمة الليبية”.

وقال رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي “أن تونس تتواصل مع الجزائر، وهناك تطابق في الرؤية ودفع إلى تبني الحل المقترح من دول الجوار الليبي والذي لا يتعارض بدوره مع ما انتهت اليه المؤسسات الدولية.”

كما أشار في حديث لموقع عربي 21 يوم الثلاثاء 28 أفريل 2020، إلى “أن الأحداث تتسارع وكنا نتمنى أن تواجه ليبيا الشقيقة جائحة كورونا موحدة، مضيفا بأن الوضع في ليبيا تتقاذفه الأجندات الدولية والاقليمية ولو كانت كل القوى تعمل بجهد حقيقي من أجل فرض الحل السياسي لتحقق ذلك”.

تصريح الغنوشي، عاد للتأكيد على أهمية تبني حل للأزمة الليبية في اطار “دول الجوار”، وهو ما غفل عنه اجتماع قرطاج اليوم برئاسة قيس سعيد، وهي مقاربة تعود الى مبادرة سابقة للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي. فهل أن تدارس الأزمة الليبية خارج مجلس الأمن القومي، سببه وجود تباين في المواقف والخيارات تجاه الوضع الليبي، بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي.

وكانت تسريبات أشارت الى أن المكالمة الهاتفية التي جمعت بين الغنوشي والرئيس التركي أردوغان منذ ايام قد تطرقت الى الوضع في ليبيا الذي تعد تركيا طرفا رئيسيا  فيه بسبب دعمها الكبير لحكومة السراج في غرب ليبيا، والتي تحظى أيضا بدعم يرتقي للشراكة مع تيارات اسلامية قريبة من تركيا و من حركة النهضة، ومحسوبة على جماعة الاخوان المسلمين.

 

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP