الجديد

العجمي الوريمي يكتب عن بناء “جيل جديد من القادة”

العجمي الوريمي

فاجأت الحملة الانتخابية للمترشحين الانتخابات الرئاسية التونسية (اكتوبر 2019) الملاحظين بوجود حراك انتخابي شبابي من خلال تنسيقيات جهوية ومجموعات فيسبوكية تجندت لدعم المترشحين وأبرزهم المترشح المستقل أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد ومرشح ائتلاف الكرامة ذو التوجهات الوطنية الديمقراطية الاسلامية الأستاذ المحامي سيف الدين مخلوف .

كما اشتغلت لصالح باقي المترشحين صفحات مدعومة أو مجموعات حزبية نشيطة كما هو الشأن مع مترشحين من أمثال وزير الدفاع الدكتور عبد الكريم الزبيدي ورئيس الحكومة ٱنذاك يوسف الشاهد عن حزب تحيا تونس ونائب رئيس البرلمان الاستاذ عبد الفتاح مورو مرشح حركة النهضة و مترشحة الدستوري الحر الاستاذة عبير موسي.

سنتحدث عن داعمي قيس سعيد وسيف الدين مخلوف من شباب الجامعات وأصحاب الشهائد و المعطلين عن العمل وشباب المناطق غير المحظوظة باعتبار مؤشرات التنمية..

لم يتم إلى حد الٱن اعداد بحوث سوسيولوجية اكاديمية عن الشرائح الداعمة والناخبة للمرشحين وتوزيعها الجغرافي ومستواها الثقافي واعمارها ومدى انخراطها في الحياة السياسية أو التزامها الديني والسياسي والحزبي،  ماعدا استطلاعات رأي باعتماد عينات وقتية بغاية معرفة اتجاهات الرأي العام أو التأثير فيها..

لقد مثلت تنسيقيات المترشح قيس سعيد مفاجأة ولغزا اذ أن الرجل لا يقود تيارا ولا يتزعم تنظيما ولا يتوفر على ٱلة انتخابية وادارة حملة بالمعنى الكلاسيكي، ولكن تشكلت حوله شبكات ومجموعات من الأنصار المتحمسين والمتعصبين في شكل موجة عميقة غاضبة لا تشبه في سلوكها واندفاعها ألا هيئات محبي جمعيات وفرق كرة القدم.

وهي موجات أبعد ما تكون في علاقتها بمرشحها وبالاستحقاق الانتخابي عن المقاربة العقلانية الا في نسق الحملة وادارة الزمن الانتخابي نحو الفوز ..

ومهما تكن درجة الوعي بقيمة الانجاز الانتخابي بوصول المترشح قيس سعيد الى قصر قرطاج أو مقدار الخيبة من أدائه وتأخر تنفيذ وعوده وعهده معهم فإن أنصار الرئيس الشبان سيشكلون رقما مهما في معادلة المستقبل وخارطة الأحزاب وموازين القوى ..

أما أنصار سيف الدين مخلوف وهم على ما يبدو اكثر انسجاما والتزاما من انصار قيس سعيد وبالتالي أقل عددا منهم فهم اميل الى التنظم والتأقلم مع الاوضاع الجديدة والتكيف مع منظومة الحكم خاصة اذا حافظت كتلتهم البرلمانية على لحمتها ووحدة خطابها.

والمرجح انها ستسير نحو مزيد من التمايز في مرجعيتها وبرنامجها واذا لم يتم جرها الى مربعات التكفير والتخوين أو شيطنتها لمجرد قربها من بعض رموز رابطة حماية الثورة أو مواقفها الناقدة لبعض النقابات والقيادات النقابية..

واذا كان أنصار الكرامة قد وجدوا في كتلتهم النيابية تعبيرة سياسية ويمكنهم ان يجددوا معها التعاقد ككتلة أو كحزب سياسي اذا اختارت ان لا تكون مجرد تيار أو تعببرة عن تيار ضمن موجات الزخم الثوري الحي والمتجدد..

فإن أنصار الرئيس قيس سعيد سيتوزعون فرقا ” وكل فرق بما لديهم فرحون” لأن المشروع الشعبوي للرئيس سيصطدم بالواقع ولان الانصار لا تجمعهم مرجعية واحدة ولأن الرئيس غير مستعد الٱن لأن يمنح هوية سياسية لكيان سياسي قد يكون مجرد رقم في منظومة حزبية ادانها وتبرأ منها .

كما انه لا توجد أية  ضمانة أن لا يتم اختراق أي تنظيم سياسي يمكن ان يرعاه قيس سعيد أو لا يسقط في عزلة اذا استحوذت عليه كتلة ايديولوجية أو تنتصب عليه قيادة بيروقراطية تديره مثل شركة وتقطعه عن الزخم الثوري الحي والمتجدد ، وبالتالي لا يكون تعبيرة عن “الشعب يريد” كما يأمل الرئيس أن يرى أنصاره ..

هذين المسارين المحتملين بديناميكيتين مختلفتية يفترضان وجود مسار ثالث هو مسار التمكين للشباب بعد أن أعلنوا رغبتهم وارادتهم في التأثير والتغيير وإن لم ينجحوا في قلب المعادلة لكنهم أحرجوا المنظومة الحزبية الكلاسيكية وأحدثوا اختراقا عبر الصندوق.

ولكي لا تتعمق الأزمة ولا يفضي الاختراق المحمود والمحدود الى مأزق القوى الجديدة وقطيعة بين المنظومة الكلاسيكية ومنظومة “حالة الوعي” و “الشعب يريد” فإنه ينبغي على النخبة الشبابية التي رافقت تجربة الانتقال الديمقراطي وانخرطت فيها وخاضت معارك تثبيت الديمقراطية السياسية، عليها أن تكون ومؤهلة  لمواصلة المسار لا كمجرد ناشطين وإنما بالانتقال الى أخذ المبادرة الفكرية والاعلامية والسياسية مستفيدة من رصيد خبرتها الشخصية ورصيد خبرة الحكم المحلي والتجارب الحزبية والنقابية في الساحات الطلابية وفي الفضاء العمومي ..

لكن، تفتقر هذه الطاقات الشبابية الواعدة والمقتدرة الى الحاضنة المؤسساتية والاعلامية كي توحد جهودها كما تحتاج الى قدر عال من الرحابة الفكرية لتجاوز الانقسامات الايديولوجية،  أي تحتاج مساحات فعل وفكر خارج الخنادق الملوثة والموبوءة بوباء الإقصاء والتعصب والكراهية والجهويات المقيتة ..

فهل يقدم الشباب على هذا الاستحقاق الوطني ليحتل المكانة التي يريد خارج اطر الجذب الى الوراء متحررا من أي وصاية؟.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP