الجديد

حكومة المشيشي .. “عثرات” و “هنات” قبل البداية !

هشام الحاجي

يجعل الظرف الدقيق الذي تمر به تونس على جميع المستويات من حكومة هشام المشيشي أهم حكومة منذ الإستقلال إلى اليوم و ذلك بالنظر إلى حجم الرهانات التي تواجهها و إلى أنها قد تكون حكومة الفرصة الأخيرة لإيقاف الانهيار المتواصل و المعمم و لإنقاذ البلاد من احتمالات مخيفة قد يستسهلها البعض من هواة التحاليل الباردة و لكن يدرك من لديه قدرة على المقارنة أنه يصعب الخروج من أتونها دون دفع تكلفة باهظة ماديا و إنسانيا.

و هذه الاعتبارات تجعل من كل خطوة تخطوها الحكومة الجديدة محل متابعة لأنها تمثل رسالة من شأنها أن تبعث الأمل الذي يكاد يتحول إلى عملة نادرة أو تغذي إحباطا ما انفك يتسرب للنفوس و يكبل الأيادي و ينشر الكراهية و العدوانية.

تظافر هذه المعطيات يجعل من التطلع إلى نجاح حكومة هشام المشيشي في إطلاق مسار الخروج من النفق أشبه ما يكون بالواجب الوطني خاصة و أن في السيرة الذاتية لعدد هام من أعضاء الحكومة ما يغري بشيء من الأمل.

و لكن بعض إشارات البداية تحد من هذا التفاؤل ذلك أن حكومة هشام المشيشي هي التجسيد الأمثل لمقولة حكومة الرئيس هذه البدعة التي أغرت بعض أسرى المناكفات السياسية و الصراعات الأيديولوجية الصبيانية.

و المشكل الكبير أن رئيس الجمهورية قيس سعيد لم يظهر لحد الآن أنه عبقرية فذة يمكن السير خلفه فالرجل لا يملك لا رؤية ولا برنامد للانقاذ ولا يملك خارطة طريق واضحة المعالم بل أن الأصل التجاري الذي يخوض به المعترك السياسي هو بعض الأفكار المحافظة و شعارات تتحول عندما يصدمها الواقع إلى ” غمغمات ” باهتة.

فضلا عن كونه “سجين” تصور تامري للحياة السياسية و خاصة عداوة معلنة للأحزاب السياسية و هو ما يعني أن حكومة هشام المشيشي تنطلق في هذا المستوى بعائقين كبيرين و هما غياب المرجعية لضبط برنامج و علاقة متشنجة و عدوانية مع الأحزاب السياسية و هو ما قد تكون له انعكاساته على الإستقرار السياسي.

و هناك أيضا رسائل ” سلبية ” أخرى وجهتها حكومة هشام المشيشي للرأي العام من أهمها الإعلان عن اعفاء وزير الشؤون الثقافية المقترح وليد الزيدي قبل عرض الحكومة الجديدة على البرلمان، وهو الذي سبق له وأن أعلن “تعففه” عن المنصب.

هذا الإنسحاب ارجعه البعض إلى الحملة التي تعرض لها الرجل على صفحات التواصل الاجتماعي و التي اتخذت من اعاقته موضوعا لها و هي حملة مرفوضة و مدانة في حين أكدت مصادر مطلعة أنه قد طلب من وليد الزيدي الإنسحاب .

كشت اقالة واستقالة الوزير المقترح لحقيبة الثقافة وكذلك ما يدور في الالكواليس عن تدخل قصر قرطاج في “التوزير”  عن وجود ثغرات في مقاييس و أدوات الإختيار إذ وقع تناسي ما يجب أن يتوفر في عضو الحكومة فضلا عن الكفاءة  من رباطة جأش و قوة شخصية و نخشى في هذا الصدد أن يتكاثر عدد القافزين من المركب سواء قبل اقلاعه أو عند دخوله معترك معركة صعبة ضد واقع معقد.

هناك أيضا هذا الجدل حول اسم وزير التجهيز المقترح إذ كما يقول المثل الشعبي ” اسمين في الدوار يحيرو ” و يبدو أن تغيير لقب بلقب يعود إلى صراع في محيط رئيس الجمهورية أدى إلى تغيير ” لاعب ” قبل أن يدخل في معترك المعركة.

أما أبرز رسالة سلبية فتتمثل في تهميش قطاع التكوين المهني من خلال حذف وزارته و خاصة الحاقه بوزارة بعيدة كل البعد عن التكوين المهني و هو ما يجعله أشبه بالطفل ” اللقيط ” لحكومة يعتبر رهان التشغيل و ما يفرضه من تثمين للتكوين المهني أهم رهان يواجهها…كل ما نأمله أن تعدل حكومة هشام المشيشي بوصلتها لأن بداية الارتباك قبل مغادرة الميناء قد تكون مؤشرا على إمكانية الغرق في أي لحظة إذا ما أنطلق المركب في العمل

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP