الجديد

النادي الافريقي .. قرن من الصمود و التجدد

هشام الحاجي

تساوقت ذروة الموجة الثانية من فيروس كورونا مع إحتفالات جمعية النادي الإفريقي بمرور قرن على تأسيس الجمعية التي تحولت منذ تأسيسها إلى مكون أساسي من مكونات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تونس.

هذا التساوق نتجت عنه سلوكات تحد جارف لكل مظاهر الاحتياط من فيروس عنيف و قاتل و هو ما يمثل أمرا يدعو للانتباه و التساؤل لأنه يتعارض مع أدنى قواعد السلوك المنطقي لما فيه من تعريض الذات و المجموعة لأكبر الأخطار.

و بهذا السلوك تنتقل جمعية النادي الإفريقي من ظاهرة إجتماعية يمكن دراستها في علاقة بالسياقات المجتمعية إلى ما يشبه الطائفة التي تتحكم بأساليب تخاطب اللاوعي في المنتسبين إليها و تخضعهم جميعا لسلوك واحد في تحد لكل المتغيرات التي توجه السلوك كالجنس و العمر و غيرها من المتغيرات.

يكفي أن يتحرك اللونان الأحمر و الأبيض حتى تهب جماهير أصبحت تشعر خاصة في السنوات الأخيرة أن جمعيتها هي ” ارث رمزي جماعي ” كبير يتعين صيانته و أن الهيئات المديرة التي تعاقبت على شؤونه ليست في مستوى هذه الأمانة و هو ما دفع ” شعب الإفريقي ” للتحرك و ابتكار آليات إنقاذ لجمعية يراها ، و هو محق ، أكبر من مجرد جمعية رياضية، فهي خزان الهوية الوطنية و هي قلعة لمواجهة كل المظالم.

في مثل هذا الوقت من السنة الفارطة تحدى احباء النادي الإفريقي الأزمة الإقتصادية و تدهور المقدرة الشرائية و استطاعوا أن يجمعوا لإنقاذ جمعيتهم من مخالب الفيفا ستة ملايين دينار .

و في أقل من ثلاثة أشهر و داخل هذا التحرك الجماعي قصص و حكايات لا يقبلها المنطق و لكن تتمتع بها العاطفة و المشاعر عن تضحيات بالقوت اليومي من أجل النادي الإفريقي .

لا أريد أن أصدر حكم قيمة عن تحدي الكورونا و لا أن انظر للأمر من زاوية ” الباطولوجيا الاجتماعية ” لأني من أبناء النادي الإفريقي و غالبا ما يأخذني بريق الشعار إلى سلوكات مماثلة و لكن قد يكون النظر لهذا السلوك من زاوية حاجة الجميع إلى مشروع مجتمعي تنصهر فيه الطاقات لتجاوز حالة الإحباط المتفشي.

و من زاوية تفرد النادي الإفريقي في النسيج الجمعياتي التونسي إذ كان رائدا في الإصرار على تونسته و هو رائد حاليا في تحويل الجمعية الرياضية إلى جمعية مواطنية….

في النادي الإفريقي أيضا ما في الشعوب المناضلة و خاصة الشعب الفلسطيني من قدرة لافتة على الصمود و الانبثاق من رماد الأزمات و التحول إلى نار تضيء الظلمات…

قرن من الإصرار و الصمود و التجدد من قلب الأزمات و المحن كما هو شعب تونس

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP