الجديد

مروان العباسي يستغيث "أحمُولي ظهري"

غازي معلى
وصل الوضع الاقتصادي في البلاد الى مرحلة حسّاسة، بات معها أي كلامٍ او تحذير ينزل كالصاعقة على الاسواق التي تفتقد الثقة. وما يزيد الطين بلّة، المناكفات الحزبية المتواصلة، و غياب الاستقرار السياسي، رغم وجود “الاستقرار الحكومي”، الذي يعتبر ممراً الزامياً الى الانقاذ.
في هذا الخصم، يشعر مروان العباسي، محافظ البنك المركزي، انه يقاتل وحيدا على جبهة حماية الوضع النقدي. فهو يجول حول العالم لحماية الوضع المالي والنقدي في تونس والمحافظة على استقرار الدينار . ويطلب من المسؤولين السياسيين دعم جهوده، ويقول: “احموا ظهري دون دعم الاستقرار السياسي، لا يمكنني الاستمرار بالمقاتلة وحيداً”.
و من المعروف ان الوضع النقدي و التوازنات المالية اليوم هي في اتعس حالاتها و ان تونس لم تشهد تقهقرا مشابها منذ عقود، و كثيرون ينذرون بالانهيار و الجميع يعرف ان الوضع دقيق و صعب . ولا أحد من المسؤولين السياسيين اليوم يعير أهمية للمصلحة العامة ومصلحة تونس.
يتقاتلون حول البقاء و احلام اليقظة لانتخابات 2019 ، في المقابل نجد محافظ البنك المركزي يحارب وحيداً على جبهة الدينار.
التعديل الوزاري الاخير لن يعطي الحكومة عصا سحرية لوقف الانهيار الاقتصادي لكن أضعف الايمان هو ان تأخذ القرارات المهمة ، لأننا اليوم جمهورية بلا إرادة حقيقية للإنقاذ و بما ان الاقتصاد علمٌ وليس تمنيات، يجب النظر الى الشق الإيجابي في الوضع التونسي اليوم من ناحية الاستقرار الأمني و أسس دولة ديموقراطية حيث تكاد تكون الوحيدة في المنطقة و لكن ايضا هناك شق سلبي ايضا من جو سياسي مشحون جدا و وضع اجتماعي ينذر بالانفجار و حكومة لم تأخذ قرارات إصلاحات جوهرية و بالتالي الوضع المالي لا يمكن ان يصمد.
لا يمكن أن يصمد اذا لم تشرع الحكومة في القيام بمبادرات واصلاحات توحي بالثقة. فما يجب معرفته والانتباه اليه جيدا، أن كلّ دينار من اربعة يتمّ صرفه اليوم تتم استدانته، وبالتالي في حال عدم وجود بصيص أمل اليوم، لن يعود بإمكاننا اصدار سندات خزينة للاستدانة و حتى صندوق النقد الدولي ممكن يظهر لنا وجهه الأكثر قبحا لأنه و الى غاية الساعة و رغم كل ما يقال فصندوق النقد الدولي مازال ” يدلل فينا برشة “، و هذا من الطاف الله و العلاقة التي تربط مديرة الصندوق بالرئيس قايد السبسي الباجي ضامنة.
لا يمكن الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي و التداين المستمر لتمويل ميزانية الدولة إلا عبر الشروع في اصلاحات هيكلية، و إعطاء إشارات قوية للعالم و المستثمرين و الدول الصديقة و المؤسسات الدولية بما من شأنه توفير خمسة مليار دولار لخزينة الدولة بعيدا عن التداين . و بالتالي الاستقرار السياسي هو المعبر الوحيد للشروع بالإصلاحات المطلوبة، وإلا فان التقلّص في الدخل القومي سيتزايد وستطال تداعياته بنسبة اكبر، الطبقة الوسطى والفقيرة.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP