الجديد

آفاق تونس .. و “انتداب” رئيس جديد !

هبة المهيري

بعد ثورة 14 جانفي 2011 نشأت مئات الأحزاب السياسية الجديدة في تونس، لكنها ما لبثت أن اختفت بمرور الوقت، ولم يبق منها إلا ما يعد على أصابع اليد الواحدة، فقد عجزت هذه “الكيانات” التي تفتقد في غالبيتها للشروط التاريخية لتأسي “الحزب السياسي” مثلما تعريفه في العلوم السياسية، من ذلك أنها عجزت على إنشاء قواعد انتخابية مستدامة ،وبناء أسس دعم فاعلة قادرة على توفير رغبات الشعب على المدى الطويل، كما أنها ارتبطت بأفراد وليس بمشروع سياسي، ما جعلها تفتقد الى التسيير الديمقراطي.

ونذكر في هذا السياق وكمثال، حزب “افاق تونس”،  الذي عرفه التونسيون عند تأسيسه  كحزب “بورجوازي – ليبيرالي” زاخر بالكفاءات. وقد    تحصل على التأشيرة القانونية في 28 مارس 2011 وشارك في انتخابات المجلس التأسيسي، تمكن من الظفر خلالها بأربعة مقاعد و اندمج بعدها مع الحزب الديمقراطي التقدمي في حزب جديد أطلق عليه اسم “الحزب الجمهوري”، ثم انسلخ عنه.

وتحصل غداة الانتخابات التشريعية لسنة 2014 على ثمانية مقاعد (بزيادة 4 مقاعد على انتخابات المجلس التأسيسي) مكنته من المشاركة في الحكومة بثلاثة وزارات وكتابة دولة.

و بالنظر إلى حداثة هذا الحزب ولتجربته المحدودة وبالرغم من الاستقطاب الثنائي آنذاك بين النهضة والنداء، فقد تمكن من النجاح خاصة في المناطق الساحلية. ومن هنا بدأ المنعرج فقد جر هذا التحالف إلى تراجع في شعبيته وقيمته السياسية كلما وصل الأمر الى تقييم أدائه الحكومي وهو مرض أصاب جل الاحزاب السياسية حديثة الولادة على حد.

وتفاقمت الأزمة داخليا باختلال العلاقات بين القيادات نظرا لنرجسية امينه العام المغادر ( ياسين ابراهيم ) وتفرده بالقرار، ما خلف موجة من الاستقالات من بينهم حافظ الزواري الذي رجح أسباب شلل الحزب الى إصابة بعض مسيريه بـ “هوس الزعامة” و”تضخم الأنا” واحتكار امتلاك الرأي الصائب حسب تعبيره.

ليتواصل هذا التعثر سنة 2018، عقب خروج وزرائه السابقين في حكومة الشاهد من هياكل الحزب ليدخل بعدها في  فترة ركود وغياب سياسي.

من المعروف في الفكر السياسي أن ثمة علاقة تلازميه بين بناء الأحزاب وحراكيتها (ديناميكيتها الداخلية) ومن ثم نجاعة مخرجاتها في الأداء والقدرة على التسيير.

من هذا المنطلق، وفي ظل حالة الشلل الفعلي في النشاط وغياب القدرات التنظيمية والتواصلية مع الجماهير الشعبية وهو ما أدى إلى هزيمته في الانتخابات التشريعية 2019. ترتب عليه إعلان ياسين ابراهيم عن استقالته من رئاسة الحزب، وقال في بيان صادر عن الحزب مساء الاثنين 7 أكتوبر 2019 “إيمانا منا بمبدأ المسؤولية كركيزة أساسية من ركائز الحزب، أعلن اليوم أمام مناضلي الحزب والرأي العام استقالتي من رئاسة حزب آفاق تونس”.

و بعد غياب على الساحة، يعود حزب افاق تونس للأضواء تحديدا يوم 31 أكتوبر 2020 معلنا عن التحاق الوزير السابق فاضل عبد الكافي والقيادي بمنظمة الاعراف نافع النيفر بالحزب.

 بعد شهر ونيف، ينتخب المجلس الوطني للحزب فاضل عبد الكافي رئيسا جديدا له ليصبح بذلك ثالث رئيس منتخب لحزب آفاق تونس في 9 سنوات من النشاط السياسي.

ويخوض عبد الكافي بالتحاقه بأفاق تونس اول تجربة حزبية في مسيرته التي انطلقت كوزير في حكومة يوسف الشاهد الاولى.

وكان الكافي مرشحا لرئاسة الحكومة في 3 مناسبات اخرها في اخر مشاورات اجراها رئيس الجمهورية قيس سعيد بعد اسقاط حكومة الفخفاخ.

ولعل الأسئلة التي تطرح نفسه اليوم بقوة هي التالية: هل ستفتح الأفاق لأفاق تونس بقيادة الفاضل عبد الكافي ؟ و هل ينجح عبد الكافي في التخلص من النخبوية والقطع مع النرجسية؟ و هل سيستطيع أن يكون الحزب البديل الحقيقي والقادر على تجميع العائلة الوسطية بعيدا على الاستقطاب الثنائي في المشهد السياسي الحالي؟

 

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP