الجديد

“جون أفريك”: عبير موسي الحليف الموضوعي للإسلاميين

تونس- التونسيون /ترجمة/

“عبير موسي الحليف الموضوعي للإسلاميين”،  بهذا العنوان المثير صدّرت الصّحفية والمراسلة التونسية لمجلّة “جــــــون أفريك” فريدة دهماني مقالها الصّادر يوم 23 مارس 2021 لتقدّم فيه قراءة لظاهرة عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحرّ، بين الفعل المشهدي والمبادئ الفكرية، وبين الحرب الهوجاء الّتي أرادتها منذ دخولها الفضاء السياسي ضدّ الإسلاميين وما يمكن أن تقود إليه عكسيا، فقد تنقلب الحرب على صاحبها فتأكله.

تنطلق الصحفية من مقدّمة لبداية عبير موسي وكيف قدّمت رئيسة الحزب الدّستوري الحـــــــــــرّ نفسها للتّونسيين، وظهرت على السّاحة السياسية باعتبارها المعارض الرّسمي للإسلاميين في تونس. وهو ما حقّق لها النّجاح والصّعود المدويّ. ولكنّها تتساءل: ألاّ يمكن أن يؤدي هذا العنوان الذي وضعت عبير موسي نفسها وحزبها تحته إلى خسارة المعركة وتقويضها؟

تبدأ الصحفية قراءتها وإجابتها على السؤال من مواقف عبير موسي، فهي حسب رأيها تهدّد بقتل أعدائها وذبحهم. إلى درجة أنّ البعض يقارنها أو يشبهها ب”جون دارك” قديسة الكنيسة الكـــــاثوليكية و البطلة العسكرية التي انتهى بها وفاؤها لملكها إلى الإعدام. غير أنّ الحرب التي تقــــودها عبير موسي لا تدافع فيها عن ملك آخر غير نفسها. حرب جعلت فيها من الحركة الإسلامية ممثلة في حركة النّهضة وائتلاف الكرامة هدفا لها. واستطاعت من خلالها أن تسجّل العديد من النّقاط وتؤثّر في النّفوس. وهو ما دفعها إلى مضاعفة لقاءاتها المدويّة عبر الجهات ولكنّها مع ذلك تفقد في نفس الوقت رصانتها.

ونتيجة لذلك بدأت تظهر بعض الانتقادات من مناصريها، فهي لا تهتم بالجهاز الحزبي للتّجمع الدّستوري الدّيمقراطي لبن على بما أنّها واثقة من نجاحه في العودة.

1-حرب العصابات في المجلس:

تبرز استطلاعات الرأي إحراز حزبها على 43 بالمائة من نوايا التصويت، وهـــــــــو ما يجعلها في طــــــريق مفتوح للحصول على أغلبية واضحة في البرلمان، ويمكنها حينها أن تكون رئيسة للحكومة. لكن ليس هذا ما تريده عبير موسي. فهدفها هو الوصول إلى قصر قرطاج ولكن مع 13.1 بالمائة من نوايا التّصــويت في الرّئاسية أمام تقدّم الرئيس الحالي قيس سعيد عليها بأغلبية كبيرة 53.3 بالمـــائة وفقــــــا لاستطلاعات سيقمأ كونساي مارس 2021 .

وفي صورة عدم حلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكّرة يبقى الأمل معقودا عند عبير موسي على انتخابات 2024، وذلك لا يمنعها من مواصلة حملاتها واستخدام كلّ الوسائل لتكون حديث النّاس والسّاعة.

2-عبير موسي المناهضة لحركة النّهضة:

ونتيجة لذلك ترى الذين يحنّون للنّظام ودولة القانون يشيدون بها، كما تشاركها العائلة الدّيمقراطية عدائها للإسلاميين. ولكن هل يكفي هذا العداء ليكــــــون برنامجا للحكم؟ من الواضح أنّ هناك برنامجا، ولكن يبدو أنّ رئيسة الحزب تخفيه وتقدّم عليه حرب العصابات المستمرة ضدّ أعدائها الألدّاء.

يبدو أنّه في ظلّ مشهد سياسي راكد، ينعدم فيه منافسون حقيقيون شرعت عبير موسي تتسلّـــق الدّرجات بقوة العدوان ضدّ الإخوان والمثابرة على ذلك، وهي صفات نادرة في المجال السياسي التّونسي، غير أنّ عبير تُسرف في ذلك حتّى أصبحت مأخوذة بلعبتها الخاصّة هذه. فمن الاعتصامات داخــــل المجلس إلى آخر أمام مقرّ جمعية العلماء المسلمين إلى تكثيف الاجتماعات الشعبية، تحوّل عبير هذا السّباق إلى ساحة للمعركة وتبدأ في الإزعاج وطرح الأسئلة.

فطقوسها باتت معهودة من خلال منعها لاجتماعات البرلمان وتحرّكها في أرجائه للتأكّد من أنّها مسموعة وأنّه لا أحد يقاطعها، تتسلّح بمكبّر الصّوت وتدور في الأرجاء تندّد بانتهاكات الإسلاميين. وهي تصوّر الألعاب بنفسها وتبثّها مباشــــــرة خاصّة وأنّ النّجاح مضمون عبر «لواب” لكنّها تخلّف كذلك شيئا من الاستياء لدى أقرانها. وقد مكنتها الاستفزازات المتصاعدة ضدّ حركة النّهضة وائتلاف الكـــــرامة الذي أظهر بعض أفراده عنفا جسديا ضدّها من أن تجد فيه نعمة من اللّه.

-هجوم غير منظم: عبير مهدّدة بالموت، وهي تعيش في ظل إجراءات مشدّدة، لكن أعداءها هم الــــذين يخشون فعلا أن تصبح منافستهم شهيدة، فإنّها تخسر كلّ ما جنته من هذه الحرب المتواصلة التي أوقدتها.

يبقى أنّ الأثر الذي تركته المحامية السابقة في معارضتها لحركة النّهضة هو أنّ الإسلاميين فقدوا قرابة مليون صوت بين 2011 و2019، وهو ما يجعلهم يعزّزون صفوفهم وينسون خـــلافاتهم الدّاخلية، ممّا يعني أنّهم يعودون من جديد بقوّة في صورة أنّهم مستهدفين من ورثة نظام بن علي الذي شرّدهم. ومع كلّ هذا ينسى التّونسيون حكمهم الكارثي منذ 2011 ولا يتعظون بالسّيناريو اللبناني

بسبب هذا الإفراط في العداء تضيّع عبير موسى الطّريق، وتفقد فكرة أنّ كلّ شيء إذا جاوز حدّه انقلب إلى ضدّه.

فمن خلال مداخلاتها في البرلمان باعتبارها نائبة وتعالى صياحها وعوائها يتفاعل معها أولئـــــك الذين تتغاضى عنهم باستمرار، وتعتمد طريقة خاصّة في إشهاد التّونسيين ممّا يضمن لها صـــورة شعبية مع أولئك الذين يرون فيها الملاك المنقذ، يتساءل الآخرون عن هجومها الفوضوي الذي ليس له من ثمار إلا إرباك المجلس وتعطيل جدول أعماله.

يتأكّد من محيطها أنّ عبير لا تستمع للنّصيحة، لكن يبدو أنّها مع ذلك مخدوعة جدّا لردّ الصّفعة بصفعة مثلها وتترك الجمهور في حالة تشويق لمدّة ساعتين دون إلقاء نظرة على خطابها. هذه الصّفات لا تكفي لينسى الناس معارضتها للمساواة في الميراث ورفضها إلغاء عقوبة الإعدام وعدم وضوح موقفها فيما يتعلّق بالعنف ضدّ المرأة إلا عندما يتعلق الأمر بأحد من أعضاء حزبها

هذا دلالة على أنّ علاقتها بحقوق الانسان بعيدة جدّا عمّا تقرّه المعاهدات، وكذلك علاقتها بحقوق الانسان أيضا مع أولئك الذين يمكن أن يكونوا شركاء لها في الحكم في غضون أسابيع. فقد أعلنت المرأة اختلافها مع الاتحاد ومعظم الأحزاب والصحفيين.

فكيف تتطلّع عبير موسي إلى أن تكون رئيسة لكلّ التونسيين عندما تعزل نفسها عن الجميع وهي تخضع لإملاءات ضّجة إعلامية. فعبير موسي اليوم عند مفترق طرق، سيعتمد نجاحها على قدرتها على تجاوز الانقسامات والسيطرة على تجاوزاتها حتى تطمئن الآخرين على إمكانية العيش معها.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP