الجديد

في مواجهة “الوباء والبلاء” .. أي مصير لحكومة المشيشي ؟

منذر بالضيافي

يستمر “العبث السياسي”، برغم تردي الأوضاع في البلاد بفعل عمق الأزمة الاقتصادي، التي أصبحت تنذر بالذهاب نحو سيناريوهات مخيفة – نأمل أن يتم تحاشيها – ، نظرا لتداعياتها الاجتماعية التي ستكون تكلفتها باهظة على استقرار البلاد، خاصة وأنها في تزامن مع موجة ثالثة عاتية لوباء الكورونا، تهدد بمزيد تعميق جروح البلاد والعباد.

يستمر الصراع الذي وصل حد القطيعة  بين الرئاسات الثلاث، وليس هناك ما يشير الى امكانية تجاوزه في ظل “تمترس” كل طرف بموقفه، كما يتصاعد الخلاف ايضا بين ترويكا الائتلاف الحاكم والنواب المساندين للحكومة، و بقية الكتل البرلمانية التي اصطفت الى جانب الرئيس سعيد في معركته ضد الغنوشي والمشيشي (الكتلة الديمقراطية وعدد من النواب المستقلين وكتلة الدستوري الحر)، مواقف متناقضة حول مصير حكومة هشام المشيشي، بين مطالب بإسقاطها و متمسك بها، في الأثناء تتمدد الأزمة السياسية.

كشف ادارة أزمة الكوفيد، عن حالة العجز التي تواجهها حكومة المشيشي في تسيير البلاد، وهي التي تعاني من “شلل” في تركيبتها، بعد رفض الرئيس سعيد للتحوير الوزاري الأخير، الذي نال ثقة البرلمان،

ما جعلها أيضا غير قادرة على مواجهة بقية الاستحقاقات الأخرى، ونعني الاقتصادية والاجتماعية، والسبب يرجع في المقام الأول الى تمدد الأزمة السياسية، التي تعود الى القطيعة بين راسي السلطة التنفيذية.

وهو ما اثر بل اربك ادارة مؤسسات الدولة، في وضع حكومي تشتغل فيه بنصف عددها، ولعل هذا ما يفسر مطالبة حركة النهضة المشيشي بتفعيل التحوير الوزاري، مطالبة يرى فيها  الكثيرون أنها لا تعدوا أن تكون الا “نصيحة ملغومة”، و ستمثل مقدمة للرفع من منسوب التوتر مع القصر، وبالتالي تسهيل عملية التخلص من المشيشي، في اطار “تسوية” تلهث ورائها النهضة مع قصر قرطاج.

للاشارة فان قيس متمسك بل مصمم على رأيه، وهو رحيل حكومة المشيشي برمتها، وهذا ما عبر عنه الحزام السياسي والبرلماني للقصر ( خاصة نواب حركة الشعب ) في أكثر من مناسبة.

بما يعني أن هناك “فيتو” رئاسي في وجه استمرارية حكومة المشيشي، و بالتالي رفض كل حوار او توافق سياسي قبل تحقيق هذا الشرط، و في الأثناء فان مشاكل البلاد وأزماتها المربكة لا تقبل بفتح الباب لفراغ حكومي، نقدر انه سيزيد في تعكير الاوضاع خاصة وان الاستقرار الحكومي ضروري في هذه المرحلة.

وذلك في علاقة بمواجهة وباء الكورونا، التي تنتشر كالنار في الهشيم، وايضا لجلب التمويلات الضرورية من الخارج،  لتمويل الميزانية وتجاوز شبح اعلان الافلاس، عشية بداية  مفاوضات مهمة – بل مصيرية – مع المؤسسات الدولية المانحة، اذ من المقرر أنت ينتقل يوم 3 ماي القادم وفد حكومي الى واشنطن.

ان كسب هذه المعادلة، المتمثلة في مقاومة الوباء وبداية الانقاذ الاقتصادي، في تقديري يتم عبر استمرار الحكومة الحالية،  و لمدة زمنية محددة ، تقدر بين سنة وسنة ونصف، تعكف خلالها على مقاومة الكورونا وترميم الوضع الاقتصادي عبرلا مباشرة الاصلاحات العاجلة والضرورية، واعداد البلاد لانتخابات مبكرة.

لكن قبل ذلك لابد من حصول توافقات ملزمة لجميع الأطراف، التي تشقها علاقة أزمة ثقة، يلتزم خلالها البرلمان بتنقيح القانون الانتخابي وقانون الاحزاب، ويلتزم خلالها قيس سعيد بتمرير الوزراء المعلقين وتشكيل المحكمة الدستورية، وايضا الالتزام بالدعوة لانتخابات مبكرة، فضلا عن التزامه بالصلاحيات التي منحها له الدستور، وعدم اللجوء للتعطيل في الداخل والخارج على حد السواء.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP