الجديد

المشيشي في ليبيا .. الزيارة الحدث

خديجة زروق

يتحول رئيس الحكومة هشام المشيشي غدا السبت  22 ماي 2021الى العاصمة الليبية طرابلس. زيارة تتواصل على مدى يومين، وتعتبر من “الوزن الثقيل” وذلك بالنظر لأهميتها من جهة كونها سترتقي الى حدث فارق في العلاقة بين البلدين، حيث سيكون المشيشي مصحوبا بثلاثة وفود كبرى و وازنة، الأوّل حكومي رسمي والثاني منظماتي والثالث من رجال الأعمال.

زيارة ينتظر أن تكون نتائجها المباشرة مهمة للبلدين، وبخاصة للدولة التونسية التي يعرف اقتصادها ازمة غير مسبوقة. فأمام الفرص الواعدة التي يوفرها إعادة اعمار ليبيا امام الشركات التونسية ورجال الاعمال التونسيين، ستكون “لحملة المشيشي”  دور مهم، وستفتح فرصة واعدة للدولتين الشقيقتين، مما يبشر بإعادة اطلاق الشراكة الاقتصادية بين البلدين الجارين.

تأتي زيارة المشيشي في ظل وضعية اقتصادية صعبة، لخصها محافظ البنك المركزي في كلمته اليوم أمام مجلس نواب الشعب، فقد أكد مروان العباسي على انخفاض الاستثمار بنسبة تتجاوز ال 12% مما جعل النمو سلبي بحوالي 9%، مع تدهور الادخار الى ما دون ال4%، هذا علاوة على توقف كل محركات التنمية وانهيار مرتكزات انتاج الثورة من فسفاط وصناعات استخراجية وسياحة وصعوبات التصدير للمنتجات الفلاحية والغذائية بفعل آفة الكورونا.

وسيكون لليبيا دورا مهما في اعادة تحفيز الاقتصاد الوطني خاصة في جانبه الخدمي والصناعي والغذائي والفلاحي. إذ مثلت ليبيا دوما سوقا مألوفا امام رجال الاعمال والمصدرين التونسيين، وامتصت جزءا هاما من “المصنعات” والبضائع التونسية.

وستكون للوفود المشاركة مع رئيس الحكومة من رجال أعمال وممثلين لاتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الفلاحين ووزراء ومديري مؤسسات اقتصادية كبرى، دورا محوريا في تنشيط هذه العلاقات.

إذ أكد سلامة غويل وزير الدولة للشؤون الاقتصادية ان ليبيا تحتاج الى انفاق اكثر من 120 مليار دولار لملف اعادة الإعمار، وتحتل تونس فيه موقعا مميزا مع شركاء ليبيا الآخرين. ورغم كل ما يثار من لغط واشاعات ومحاولات التشويش على زيارة المشيشي الى ليبيا فإن أحكام التاريخ والجغرافيا أقوى من كل شيئ آخر.

إن تونس وليبيا يرتبطان بعلاقات عميقة، تجعل من مصيرهما مشتركا، فهما شعب موحد في بلدين، وهناك آلاف الاسر التونسية /الليبية تشترك في الالقاب والتناسب والمصالح. ووقفت تونس مع الأشقاء الليبين منذ الغزو الايطالي قبل اكثر من مئة سنة، عززتها بفك عزلتها عند الحصار الذي فرض عليها في تسعينات القرن الماضي وخاصة في وقوف التونسيين مع الأشقاء الليبيين بعد ثورة 17 فيفري، والجميع يتذكر كيف فتح التونسيون منازلهم لاستقبال عشرات الالاف من اشقائهم الليبيين.

كما التزمت تونس، طيلة الحرب الاهلية التي عاشتها ليبيا بموقف محايد انتصرت فيه لليبيا ولمصالح شعبها، ودافعت على الحلول السلمية والحوار الليبي/الليبي وعلى استقلالية القرار الوطني، وبدا ان الاختيار التونسي هو الاسلم، وثمة اليوم امكانية كبيرة للاستثمار في ذلك.

وبقدر ما تحتاج تونس اليوم جرعة اكسيجين لاقتصادها المختنق، يحتاج الاخوة الليبيين الى التونسيين للاستفادة من تجربة الانتقال الديمقراطي وبخاصة أخطاء انتقالهم الديمقراطي ومواردهم البشرية ونظامهم الاداري والمالي فضلا على ما توفره تونس من منتجات ذات جودة عالية وتكلفة اقل في الفلاحة والصناعة والطاقة.

ان المشتركات بين البلدين وبين رئيسي الحكومتين كبيرة، فكلاهما شاب محكوم بالنجاح، ويمكن أن يكون التحاور بينهما فرصة للجميع لبناء علاقات بينية قائمة على مصالح مشتركة، يستفيد منها الجميع، فليبيا فرصة للاستثمار في المشاريع الكبرى ولكنها ايضا سوق استهلاكية كبيرة، مثل تونس التي يمكن ان تمتص جزءا مهما من الاستثمارات الليبية ويمكن أن تدفع في اتجاه توفير ملايين فرص العمل لليد العاملة التونسية مما يخفف من آثار الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب في تونس.

زيارة المشيشي الى ليبيا، نؤمل لها النجاح رغم كل الاصوات السلبية التي تعمل على إفشال كل جهد وطني للإنقاذ، وتأتي في توقيت مناسب لرئيس الحكومة وحكومته، فإذا نجح في ابرام عقود واتفاقات مهمة مع الاخوة الليبيين فإنه سيمنح حكومته جرعة اكسيجين هامة قد تفتح امامها فرصة مهمة لتجاوز صعوبات الوضع، وقد تضمن لها خاصة مواصلة مهامها، والانطلاق في وضعية اكثر أريحية في الإصلاحات والإجراءات الضرورية للإقلاع الاقتصادي.

المخرجات المتوقعة لهذه الزيارة يمكن تلخيصها:  ايجاد تسهيلات وتسوية لوضعية العمالة التونسية الموجودة حاليا، واستجلاب لأعداد اضافية لتلبية حاجيات سوق العمل الليبية، و التأكيد على  الدور التونسي المهم في اعادة اعمار ليبيا، سواء على مستوى التعاون الثنائي او التعاون الثلاثي مع دول اخرى، فضلا عن دفع وتفعيل  متوقع للتعاون المالي بين تونس وليبيا .

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP