الجديد

الاعلام البديل .. و نهاية  "وهم المقاطعة"

كتب: منذر بالضيافي
في زمن الاعلام الجديد أو البديل (برغم أن الكثير منه منفلت ولا يخضع لأخلاقيات العمل الصحفي المتعارف عليها)، فانه مع ذلك نجده قد أربك أو يكاد دور الاعلام التقليدي، ولعل تراجع أو بداية غياب الصحافة الورقية خير دليل ما ذهبنا اليه، فاليوم أصبحنا نتحدث عن الاعلام المواطني، الذي تحول معه المواطن الى صحفي، ينقل الخبر ويعلق عليه زمن حدوثه، لا يمكن استمرار الحديث عن “مقاطعة” لأنها عملية لم تعد ممكنة بفضل التكنولوجيا وفي زمن “الشبكة” (الأنترنت).
وهو ما فرض واقع اعلامي جديد بفضل التكنولوجيا، حرر المستهلك للمادة الاخبارية والاعلامية من سيطرة “الاعلام التقليدي” الذي تهيمن عليه السلطة أو مجموعات الضغط المالية أو لوبيات الفساد.
ضمن هذا المشهد الإعلامي الجديد، لا يمكن الحديث عن “وهم المقاطعة” الاعلامية لهذا الطرف أو ذاك، والتي غايتها تصور أنه يمكن “معاقبة” هذا الطرف أو ذاك، وزيادة على كونه سلوك وممارسة تستبطن “ثقافة الدولة التسلطية”، فانه يعبر أيضا على أن “دعاة المقاطعة” أو “دعاة المعاقبة” دليل على أن “البعض”، غير مواكب للتحولات بل للثورة التكنولوجية واثرها على الاعلام وعلى الحوكمة.
هذه الثورة التكنولوجية التي “حررت الاعلام” من هيمنة السلطة أولا، هذه السلطة التي ما زال البعض من العاملين في “مخبرها” يحلمون بإعادة الاعلام الى بيت الطاعة، وهو ما جعلهم يبرزون كما لو أنهم – دون مبالغة – خارج منطق التاريخ، غير مستوعبين لنسق التحولات الجارية في حقل الميديا.
بالمناسبة لابد من التأكيد على أن الاعلام الذي لا يواكب بكل مهنية ما يجري في رحم المجتمع هو الأحق بالمقاطعة، وبالمناسبة أيضا نشير الى أن الكثير من التونسيين عادوا لمتابعة أخبار تونس من اعلام ما وراء البحار، وأن التونسي اليوم أصبح لا يرى نفسه في الكثير من وسائل اعلامه، وبالتالي فان المستهلك هو الذي أولى باعلان مقاطعة لاعلام لا يعبر عنه، اعلام سبق أن صنفه الكثير ضمن خانة “اعلام العار”.
لا أريد السقوط في “فخاخ” المنصوبة في التعليق على ما حصل في احتجاجات الأساتذة، لكن، وبعيدا عن نظرية المؤامرة، هناك تزامن يبعث على الريبة، بين تصاعد الحراك الاحتجاجي، وتحرك “ماكينة” اعلامية “تشيطن” هذا الحراك، وتصطف مع موقف وخطاب السلطة.
على “الاعلاميين المهنيين”  ان لا يتحولوا الى طرف في الصراع بين الاساتذة والحكومة ، لا للسقوط عن “حسن نية” في شيطنة تحركات الاساتذة أو المحامين ….فالحراك الاحتجاجي السلمي هو المعبر عن روح الثورة وهو حارسها من كل ردة ..خصوصا في بيئة مازالت لم تشفى من ثقافة “الدولة التسلطية”.
أخيرا، الاعلام مهني او لا يكون
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP