الجديد

وزير الخارجية الأميركي في الجزائر.. محللون: هذه أبعاد الزيارة 30 مارس 2022

التونسيون- وكالات

حل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بالجزائر اليوم الأربعاء، في إطار جولة تقوده أيضا إلى الرباط، لمناقشة مجموعة من القضايا الراهنة.

ولدى وصوله إلى العاصمة الجزائرية، أجرى محادثات على انفراد مع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة ثم توسع اللقاء الى وفدي البلدين.

واستقبل بعدها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وزير الخارجية الأميركي في قصر المرادية حيث جرت محادثات حضرها مسؤولون من البلدين

ووصل بلينكن إلى الجزائر  بعد محطة في إسرائيل، حيث انضم إلى قمة جمعت وزراء خارجية دول عربية قامت بتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية. وبعد إسرائيل، زار المغرب، التي تقيم علاقات مع إسرائيل بينما علاقاتها مقطوعة مع الجزائر.

وقالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يائيل لمبرت إن بلينكن ونظيره الجزائري “سيناقشان الأمن والاستقرار الإقليميين والتعاون التجاري ودعم حقوق الإنسان والحريات الأساسية”.

وكان بيان لكتابة الخارجية الأميركية أشار إلى أن بلينكن سيعقد اجتماعات مع الرئيس الرئيس عبد المجيد تبون ووزير الخارجية رمطان لعمامرة بهدف “التدارس حول ملفات مرتبطة بالأمن والاستقرار الإقليميين والتعاون التجاري وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك”.

وهذه ثاني زيارة تقود مسؤولا أميركيا رفيع المستوى إلى الجزائر، خلال المدة الأخيرة، بعد تلك التي قامت بها نائبة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، حيث التقت أيضا مع عدة مسؤولين سامين في الدولة، وناقشت مسائل متعلقة بالأمن والاستقرار في المنطقة، مع العلم أنه سبق لبلينكن زيارة الجزائر سنة 2016 ومكث بها 3 أيام يوم كان يشغل منصب نائب وزير الخارجية.

من الاستثمار إلى “حرب أوكرانيا”

ولا تتردد أوساط سياسية وإعلامية في الجزائر في التعبير عن حيرتها من الزيارات المكثفة لممثلي البيت الأبيض للجزائر، خلال المدة الأخيرة، خاصة أن الأمر يتزامن مع الحرب في أوكرانيا وموقف أميركا الداعم لكييف ضد موسكو التي تربطها علاقات تاريخية واستراتيجية مع الجزائر.

وشهدت علاقات الولايات المتحدة الأميركية مع الجزائر في المدة الأخيرة تقاربا إعلاميا جسدته تصريحات السفيرة الجديدة، إليزابيث أولين، عندما أكدت على نية إدارة البيت في تعميق العلاقة بين البلدين من خلال القيام بشراكات جديدة تشمل جوانب اقتصادية مهمة.

وأعلنت سفارة الولايات المتحدة الأميركية، في وقت سابق، عن زيارة قادت مجموعة من رجال الأعمال الأميركيين إلى الجزائر من أجل استكشاف قدراتها في القطاع الفلاحي، وهي الخطوة التي أثلجت صدور العديد من المسؤولين في الجزائر، خاصة أنها تزامنت مع إصلاحات قامت بها الحكومة لتعديل قانون الاستثمار بهدف جلب أكبر عدد من المستثمرين والمتعاملين الأجانب.

دبلوماسية ناعمة

وفي الصدد، يقول المستشار الرئاسي السابق والخبير الاقتصادي، عبد المالك سراي، إن “الخلفية الحقيقية لزيارة مسؤول الدبلوماسية الأميركية إلى الجزائر ترتبط بشكل مباشر بالحرب في أوكرانيا، مضيفا أن “تحركات المسؤولين الأميركيين هي محاولة لتأمين السوق الدولية من حيث الغاز ومصادر الطاقة”.

ويضيف في تصريح لـ”أصوات مغاربية”: “أميركا تسعى لممارسة نوع من الضغط الناعم على الجزائر من خلال تقريبها من المعسكر الأوروبي، خاصة أنها تدرك جيدا قدرتها على التخفيف من مشكلة الطاقة في القارة الأوروبية في حال تعقدت أوضاع الحرب الجارية”.

ويتابع “لكن هذا الضغط الناعم من شأنه أن يخدم الطرف الجزائري الذي يرفض أن يقدم خدمات مجانية على حساب مصالحه الإستراتيجية وما تعلق بأمنه الغذائي والطاقي كذلك”.

ويعتبر أنه “أمام الجزائر فرصة تاريخية لاقتناص أكبر حصة من الاستثمارات الأوروبية في بلادها من خلال إقامة اتفاقيات تعاون جديدة في مجال الطاقة، شريطة أن تستفيد هي كذلك من رؤوس أموال أوروبية يتم استثمارها في العديد من المشاريع، خاصة بجنوبها الكبير”.

حسابات مستقبلية

ومع مطلع شهر فبراير الماضي، نقلت وكالة “رويترز” للأنباء، عن مصادر وصفتها بالمطلعة، قولها إن الحكومة الأميركية طلبت عقد اجتماع مع شركتي “إيني” و”توتال إنرجي” وشركات أخرى للطاقة تعمل في الجزائر بشأن إمكانية الحصول على مزيد من الغاز.

وتحدثت أوساط إعلامية عن رغبة الجانب الأوروبي والأميركي في إعادة تشغيل خط أنبوب الغاز الذي كان يربط الجزائر بأوروبا عبر التراب المغربي، قبل أن يتم توقيفه بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، من أجل ضمان إمدادات أخرى من الغاز للطرف الأوروبي.

لكن الخبير الاقتصادي سراي يستبعد هذه الفرضية على اعتبار أن “إدارة البيت الأبيض تدرك جيدا أن القدرات الإنتاجية للجزائر لا تسمح لها في الظرف الراهن بتوفير كميات إضافية من الغاز  للسوق الأوروبية حاليا”.

وكانت مؤسسة “سوناطراك” قد أعلنت، مؤخرا، عن اكتشافات نفطية مع شريكها الإيطالي “إيني” جنوب البلاد، مشيرة إلى أن الاحتياطات المكتشفة تقدر بـ140 مليون برميل.

وبحسب المؤسسة، فإن الدراسات الجيولوجية تؤكد على أن “الجزائر تنام على احتياطي هائل من الغاز قد يؤهلها لاحتلال مواقع متقدمة في إنتاج الطاقة في العالم خلال الـ50 سنة القادمة”.

ويؤكد سراي أن “الاهتمام الأميركي بالجزائر يرتبط أساسا بهذه المعطيات الجديدة، فهو يسعى لإقامة شراكات جديدة معها على المدى البعيد يضمن من خلالها إمدادات طاقوية خلال الـ 50 سنة القادمة، خاصة بعد تدهور العلاقات بينه وبين الكريملين بسبب الحرب في أوكرانيا”.

روسيا.. وملف الإرهاب

وتطرح مسألة التقارب الجزائري الأميركي العديد من التساؤلات حول مستقبل العلاقات بينها وبين روسيا التي تعد حليفا إستراتيجيا وتاريخيا بالنسبة للجزائر، حيث تعتبر ممونها الرئيسي بالسلاح منذ استقلالها سنة 1963.

وفي هذا الصدد، يقول الأستاذ الجامعي والخبير الأمني، أحمد ميزاب: “العلاقات الجزائرية الروسية تعتبر أكثر دفئا من تلك تربطها بالولايات المتحدة الأميركية بسبب عوامل تاريخية وأيديولوجية”.

ويشير في تصريح لـ”أصوات مغاربية” إلى أن “الأمر لا يعني عدمية العلاقات بين الجزائر وواشنطن، فهي عرفت في السنوات الأخيرة تقدما ملحوظا، خاصة في الجانب الأمني والاستعلاماتي”.

ويضيف “العديد من المسؤولين الأميركيين أكدوا في تصريحات سابقة على إعجابهم بتجربة الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب، وهم يتطلعون دوما لبناء شراكات معها من أجل متابعة الجماعات الإرهابية التي تنشط في الساحل وشمال أفريقيا”.

ويعتبر ميزاب أن “الحرب المشتعلة في أوكرانيا لا يمكنها أن تنسي الولايات المتحدة الأميركية هذا الملف الأمني الوازن، أي الاستمرار في محاربة الإرهاب، بمواصلة التنسيق مع العديد من البلدان الفاعلة في القارة السمراء من بينها الجزائر”.

أما عن علاقات الجزائر وروسيا، فيشير المتحدث إلى أن “الاعتدال الذي يميز الدبلوماسية الجزائرية يجعلها قادرة على التوفيق في علاقاتها مع جميع حلفائها وفي جميع المجالات”.

 

المصدر: أصوات مغاربية/ أ ف ب

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP