الجديد

عياض بن عاشور: “الاستفتاء مهزلة وباطل بطلانا مطلقا وسندخل في مأزق لا أعرف كيف سنخرج منه”

تونس- التونسيون

برّأ عياض ابن عاشور أستاذ القانون الدستوري وعميد كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية السابق اليوم الأحد 29 ماي 2022 العميد الصادق بلعيد من التهم الموجهة اليه من قبيل أنّه كان يتعامل مع الرئيس المخلوع الراحل زين العابدين بن علي، معتبرا من جهة أخرى أن قبوله ترؤس اللجنة الاستشارية جاء في غير محله قائلا “ساءني ذلك لأن الاستفتاء باطل بطلاناً مطلقاً”.

انقلاب دستوري

وقال ابن عاشور اليوم خلال حضوره ببرنامج “جاوب حمزة” على اذاعة “موزاييك أف أم”: “لم أقل إنّ ما قام به رئيس الجمهورية يوم 25 جويلية انقلابا بل قلت ان ذلك انقلاب على الدستور لأن الفصل 80 يتضمن شروطا جوهرية وشروطا اجرائية ولم تتوفر أيّا منها لاستعمال الفصل 80 من الدستور ..حدث انقلاب على الدستور منذ 25 جويلية وما جاء بعد ذلك مثل الامر 117 او المرسوم المتعلق بالهيئة المستقلة للانتخابات الجديدة والاوامر الصادرة مؤخرا كلها باطلة لأنّ اساسها باطل وإضافة الى أنّها مبنية على خروج عن الدستور والغاء له، الى جانب وجود عيوب داخلية في النصوص نفسها”.
واضاف “في نص الامر 117 عيوب جوهرية تجعل منه امرا لا شرعية ولا مشروعية له ونفس الشيء ايضا بالنسبة لمرسوم هيئة الانتخابات وكذلك مرسوم المجلس الاعلى للقضاء بحيث أنّ الكلّ مبني على باطل وهو في داخله باطل ونفس التوصيف ينسحب على الاستفتاء “.

البناء الجديد

وتابع “مبدئيا لست ضدّ فكرة البناء الجديد ..ربما فعلا في دستور 2014 عيوب كبيرة وربما الفترة التي عشناها بعد الثورة طيلة 10 سنوات لم تأت بالمأمول ولهذا فإنّ فكرة البناء الجديد ليست هي الاشكال وإنّما الاشكال في كيفية التوصل الى تحقيق هذا البناء الجديد…أرى أنّ هناك تناقضا كبيرا جدا في ما أسمع من ذوي الاختصاص ..زملائي مثل أمين محفوظ ومحمد صالح بن عيسى والصادق بلعيد (مشيرا الى أنّه يريد رفع مظلمة بالمناسبة في شأن بلعيد قال ان اشخاصا ارتكبوها باتهامه بالتعامل مع بن علي قائلا “تحدث الصادق بلعيد في هذه المسألة ولكن لدي ما أضيف في هذا الشأن”) .
وواصل “للزملاء رأي لا يتماشى مع المعطيات والمبادئ القانونية ولهذا فإنّ الانقلاب على الدستور الذي حدث أكّدته الأحداث والنصوص التي جاءت بعده”.
وقال ابن عاشور “من يقولون ان الهيئة العليا وأنا شخصيا ساهمنا في احداث وارساء هذا الدستور مخطئون …الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة أوقفت أعمالها في 13 أكتوبر 2011 قبل الجلسات الاولى للمجلس الوطني التأسيسي ولهذا لا يمكن ان نكون قد ساهمنا في دستور صادق عليه المجلس التأسيسي …انتقدنا الدستور لسنوات ومن جملة الأشياء التي انتقدتُ الدستور من أجلها هي تقسيم السلطة التنفيذية بين الحكومة ورئاسة الجمهورية…لا يمكن تقسيم السلطة التنفيذية بين رأسين الا في بعض الاستثناءات ” مضيفا “الطريقة المتوخاة لتغيير دستور 2014 غير صحيحة”.
وبخصوص ترؤس العميد الصادق بلعيد لجنة صياغة الدستور الجديد قال ابن عاشور “بلعيد صديقي ولنا تاريخ مشترك وأريد تبرأته من القول بأنّه كان يتعامل مع بن علي ..الهجومات الشخصية على الأشخاص والقدح والخدش لا أقبلها وأريد أن أقول إنّ الصادق بلعيد كان من بين الموقعين على الوثيقة التي أرسلناها الى الرئيس بن علي آنذاك سنة 1994 وحينها كانت الدكتاتورية في عنفوان شبابها ولم يكن هناك أي شخص قادر على التحدث في وجه بن علي …اخترنا حينها 18 جامعيا من كل الجامعات وقلنا لبن علي إنّ ثورة ستحدث في البلاد في صورة تماديه في السيطرة والقيصرية والتسلط والصادق بلعيد كان موقعا عليها “.
واستدرك ” لكنّ قبوله برئاسة اللجنة في غير محله..استمعت اليه في بعض التصريحات …ساءني قبوله رئاسة اللجنة لانها مبنية على الرسكلة ولان الانتقادات القانونية الموجهة اليها وللاستفتاء تجعل الاستفتاء الذي سيحدث باطلا بطلانا مطلقا”.

تناقض بين بلعيد وسعيد

وتابع “دستور الصادق بلعيد يستند الى الفصل 22 من الامر الرئاسي الصادر في 22 سبتمبر الذي ينص على ان ” مشاريع التعديلات تهدف إلى التأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي يكون فيه الشعب بالفعل هو صاحب السيادة ومصدر السلطات ويمارسها بواسطة نواب منتخبين أو عبر الاستفتاء ويقوم على أساس الفصل بين السلط والتوازن الفعلي بينها ويكرس دولة القانون ويضمن الحقوق والحريات العامة والفردية وتحقيق أهداف ثورة 17 ديسمبر 2010 في الشغل والحرية والكرامة الوطنية، ويعرضها رئيس الجمهورية على الاستفتاء للمصادقة عليها” بحيث ان هذه المبادئ دستورية ديمقراطية ليبيرالية تمثيلية تبنى على مشاركة الاحزاب وعلى الفصل بين السلط وعلى الديمقراطية والحريات …وليس هذا هو البناء القاعدي الذي يريده قيس سعيد”.
وواصل “هناك تناقض بين رؤيتين …رؤية الرئيس وهي جمهورية جديدة وبناء جديد والديمقراطية المباشرة مثل معمر القذافي ..هناك وجهتان متناقضتان بين الدستور الذي يعمل بلعيد على تحقيقه والمطابق للفصل 22 من الامر 117 وبين رؤية قيس سعيّد … مع العلم أنّ رئيس الجمهورية عودنا على تغيير ما اتفق عليه مع الخبراء وبين لنا ذلك أمين محفوظ مؤخرا عندما قال إنّه تمّ تغيير المرسوم 30 الذي اتفق عليه الخبراء وسعيّد وهذا كوّن أزمة أدت بزميلي أمين محفوظ الى التفكير في التخلي عن هذه المسألة احتجاجا على الغدر..من يضمن أنّه لن يكون هناك تغيير في الدستور الذي سيتم الاتفاق عليه ؟”.

مرسوم هيئة الانتخابات باطل

وقال ابن عاشور “في الامر الرئاسي 117 المشؤوم عيب لا يغتفر وهو انه يخالف الدستور وجاء وكأنّه يضع نفسه فوق الدستور …الفصل 20 ينص على تواصل العمل بتوطئة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه، وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع أحكام هذا الأمر الرئاسي..ليس لهذا الامر قيمة القانون الاساسي ولو فرضنا ذلك جدلا فمنذ متى يمكن للقانون الأساسي تغيير الدستور والنصّ على تواصله ما لم يخالف هذا الامر الرئاسي ؟ هذا الامر باطل ولهذا لا يمكن ان يترتب عنه اي شيء”.
واضاف “المرسوم الذي ينظم هيئة الانتخابات باطل لأنّه يخالف الدستور مباشرة في حين انه يشير الى الدستور ويعتمد عليه ..فيه عبارة “بعد الاطلاع على الدستور” وهو لا يشير الى الفصل 80 في حين انه يخالف الفصلين 125 و126 من الدستور في مدة الهيئة وفي كيفية التعيين وفي كيفية الاعفاء ..كل هذه المسائل تخالف الدستور مباشرة وتخالف مبدأ التفريق بين السلط واستقلالية الهيئة لأنّ التعيين يجب ان يكون مستقلا ولا يُعيّن رئيس الجمهورية الاعضاء ويعفيهم من مهامهم …هذا لا يستقيم كما أنه يخالف أحكاماً اصدرها الرئيس نفسه ويخالف القانون الدولي العام الذي يقتضي أن تكون الهيئات الانتخابية مستقلة وألاّ يسميها رئيس الجمهورية مباشرةً، وبالتالي فإن هذه الهيئة باطلة”.

الاستفتاء باطل و مخالف للدستور

وتابع ” الاستشارة الالكترونية فاشلة والاستفتاء باطل ومخالف للدستور، وهناك نية لتزييف نتائجه …الاستفتاء مهزلة قانونية وحتى إن تحصل الرئيس على 90 % من الأصوات سيكون باطلاً ولا يمكن أن يترتب عنه شيء” مضيفا ” إن تم التصويت بـ”لا” على الدستور الجديد.. سنكون في مأزق لا أعرف كيف سنخرج منه”.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP