الجديد

الجزائر: احتفالات كبيرة في الذكرى الستين للاستقلال

التونسيون- وكالات

تدشّن الجزائر، اليوم الثلاثاء، 5 جويلية 2022، احتفالات عيد الاستقلال باستعراض عسكري غير مسبوق في العاصمة يخلّد الذكرى الستين لنهاية الاستعمار بعد 132 سنة من الوجود الفرنسي.

 

احتفالات ضخمة

 

انطلقت صباح اليوم الثلاثاء 5 جويلية 2022 فعاليات استعراض عسكري وصف بالاضخم منذ 33 عاما بمناسبة الذكرى 60 لاستقلال الجزائر وذلك تحت اشراف رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون القائد الاعلى للقوات المسلحة.

وانطلق الاستعراض بتقديم تبون التحية لمختلف الوحدات العسكرية وتشكيلاتها برفقة الفريق الاول السعيد شنقريحة رئيس اركان الجيش .

كما قامت قوات من الجيش باطلاق المدافع معلنة عن انطلاق الاستعراض العسكري بالقاء كلمة من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.

ونقلت قناة النهار الجزائرية على موقعها عن تبون قوله في كلمته الافتتاحية ان الجزائر تعيش مشهدا مهيبا وفاء للشهداء متابعا “إنني  في  هذه اللحظات أشد بهذه المناسبة الأشداء المرابطون على الحدود ونسور العلى في  أجواءنا رياس البحر…. وفي هذه الساحة أؤكد من جديد أننا جميعا مهما كانت مستويات المسؤولية  مدعوون للمساهمة في التحديث”. “هنيئا لنا العيد ومنارة العزة على أرضنا  الطاهرة”.

واكدت ان تبون جدد “تقدير الأمة لدرع الجزائر الجيش الوطني الشعبي والاعتزاز بما أحرزه من مكاسب وانجازات عظيمة وعميقة”.

واضافت ان تبون اشار إلى أن الشعب  الجزائري يقف إلى ما آل إليه الجيش من علوم والتكنولجيات  في  المجال العسكري.

ولفتت الى ان تبون توجه بالشكر لكل من حضر الاستعراض العسكري.

وجرى الاستعراض بحضور عدد من رؤساء ووفود عدو دول شقيقة وصديقة من بينهم رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس دولة فلسطين محمود عباس ورئيسة جمهورية اثيوبيا ساهلي وورك زودي ورئيس جمهورية النيجر محمود بازوم ورئيس جمهورية الكونغو دونيس ساسو نغيسو ورئيس الجمهورية العربية الصحراوية الامين العام لجبهة البوليزاريو ابراهيم غالي ورئيسة مجلس السيوخ الايطالي ماريا اليزابيتا البرتي كازيلاتي ووزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش ووزير التسامح الاماراتي نهيان بن مبارك.

كما حضر هذا الاستعراض الالاف من الجزائريين .

 

الارث الاستعماري

ورغم مرور ستة عقود على انسحاب الجيوش الفرنسية، إلا أنّ العلاقات بين باريس والجزائر لم تصل بعد إلى طبيعتها، على الرغم من المبادرات الرمزية التي تقوم بها فرنسا.

وبعد حرب استمرت ثماني سنوات بين الثوار الجزائريين والجيش الفرنسي، توقف القتال بعد توقيع اتفاقيات إيفيان التاريخية في 18 مارس 1962 التي مهّدت الطريق لإعلان استقلال الجزائر في الخامس من يوليو من العام نفسه.

وتمّ إعلان استقلال الجزائر بعيد أيام من استفتاء لتقرير المصير وافق فيه 99,72 في المائة من الناخبين على الاستقلال.

ومنذ الجمعة أغلقت السلطات المدخل الرئيسي لشرق العاصمة على طول 16 كلم للسماح للجيش بإجراء التدريبات على استعراض عسكري كبير سيكون الأول منذ 33 عاماً.

وتم تحويل المرور إلى طرق أخرى حتى الأربعاء، بحسب ما أعلنت سلطات ولاية العاصمة. وتسبّبت هذه الإجراءات باختناقات مرورية كبيرة.

وينتظر أن يحضر الاحتفالات، وبخاصة الاستعراض العسكري، ضيوف أجانب، من بينهم رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس ورئيس النيجر محمد بازوم.

وفي دلالة على أهمية المناسبة، تم تصميم شعار خاص يظهر منذ أسابيع على جميع القنوات التلفزيونية، وهو عبارة عن دائرة مزيّنة بستين نجمة وفي وسطها عبارة “تاريخ مجيد وعهد جديد”.

 

“إبادة”

 

وانتزعت الجزائر الاستقلال بعد سبع سنوات ونصف من حرب دامية خلّفت مئات الآلاف من القتلى، ما جعلها المستعمرة الفرنسية السابقة الوحيدة في أفريقيا في سنوات 1960 التي تحرّرت بالسلاح من فرنسا.

لكن بعد 60 عامًا من نهاية الاستعمار، لم تندمل الجراح في الجزائر، رغم سعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ انتخابه إلى تهدئة الذاكرة بسلسلة من المبادرات الرمزية التي لم تصل إلى حدّ تقديم “الاعتذار”.

وردّاً على هذه المبادرات قال رئيس مجلس الأمة وأحد قادة حرب الاستقلال، صالح قوجيل “لا يمكن أن ننسى أو نمحي، لأي إجراء كان، مسؤولية فرنسا الاستعمارية عن الإبادة الإنسانية (التي تعرّض لها الشعب الجزائري) والإبادة الثقافية وإبادة هويته”.

وكان الرئيس عبد المجيد تبون أكد في مارس أن “جرائم الاستعمار” الفرنسي في الجزائر لن تسقط بالتقادم، داعيا إلى “معالجة منصفة ونزيهة لملف الذاكرة والتاريخ في أَجواء المصارحة والثقة”.

وبدا أنّ العلاقات بين البلدين تراجعت إلى أدنى مستوى لها في أكتوبر عندما صرّح ماكرون بأنّ الجزائر تأسّست بعد استقلالها على “ريع ذاكرة” يقف خلفه “النظام السياسي العسكري”، ما أثار غضب الجزائر.

وتحسنت العلاقات تدريجيًا في الأشهر الأخيرة، وأعرب ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون في مكالمة هاتفية في 18 يونيو عن رغبتهما في “تعميقها”.

وفي نهاية أبريل، هنّأ تبون ماكرون على إعادة انتخابه “الباهر” ودعاه لزيارة الجزائر.

 

“هدوء زائف”

 

وأوضح المؤرخ عمّار محند عمر، لوكالة “فرانس برس” أن “العودة السريعة إلى وضع طبيعي في أعقاب الأزمة الخطيرة في الأشهر الأخيرة (…) مرتبطة بالتوترات الإقليمية، لا سيّما في ليبيا، ولا ينبغي تجاهل ذلك أو التقليل من شأنه”.

وأضاف أنّ “الجغرافيا السياسية الإقليمية غير المستقرة تتطلب مواقف قوية على المديين المتوسط والبعيد وتوطيد العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين”.

من جهته، أشار رئيس حزب التجمّع من أجل الثقافة والديموقراطية المعارض عثمان معزوز إلى أن “العلاقات بين نظام السلطة في الجزائر وفرنسا الرسمية تخلّلتها أزمات وهدوء زائف منذ استقلال البلاد”.

وقال “في المرحلة الحالية، لا يمكن لأحد أن يراهن درهما واحدا على الحديث عن إعادة بناء (هذه العلاقات). لأن استغلال العلاقة من هذا الجانب أو ذاك لا يخفى على أحد”.

ولا يخفي محند عمر خشيته من أن تخضع سياسة ماكرون للمصالحة مع الذاكرة للانتقاد، خصوصاً بعد النجاحات الانتخابية الأخيرة لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف برئاسة مارين لوبن.

وأكدت لوبن في مارس أنّ “الاستعمار ساهم فعلاً في تنمية الجزائر”، وانتقدت سياسة ماكرون الذي “يمضي حياته في الاعتذار دون طلب أي شيء مقابل ذلك من حكومة جزائرية لا تتوقف عن شتم فرنسا”.

ويحذّر المؤرخ من أنّ “الصعود المذهل للتجمّع الوطني في الانتخابات التشريعية في فرنسا لا يبشّر بالخير، لأنّ اليمين المتطرّف الفرنسي سيجعل من هذه الولاية الانتخابية ساحة معركة كبيرة موضوعها الذاكرة وسيكون فيها التحريف وتزييف التاريخ حاضرين بقوة”.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP