الجديد

شاشات البوسفور .. القوة "الأردوغانية" الناعمة

غزت تركيا العالم العربي والإسلامي، بانتاجاتها التلفزية والسينمائية، التي تحولت الى “قوة” ناعمة للتعريف بالإرث التاريخي والحضاري العثماني، ولنهضة تركيا الحديثة، وأيضا للترويج للعثمانية الجديدة، بقيادة الرئيس الحالي، رجب طيب أردوغان، فضلا عن كونها أداة للترويج للسياحة والاستثمار، ناهيك وأن مشاهد البوسفور والقصور المترامية على ضفته، اين صورت أغلب مشاهد الأعمال التلفزية، قد تحولت الى مزار للسياح من كافة أصقاع العالم، كما مثلت هذه الأعمال وسيلة لأعادة اكتشاف المدينة الأجمل في العالم، اسطمبول ( القسطنطينية )، “المدينة التي اشتهاها العالم”، وفق تعبير مؤرخ البلاطات والعائلات الحاكمة، فيليب مانسيل *.
في مقال له له، تحت عنوان: “شاشات البوسفور” **، كتب تيمور محي الدين، مدرس الأدب التركي المعاصر، تطرق الى ما يميز هذه الانتاجات الدرامية التركية، قائلا انها عبارة عن “خلط بين القومية وعلامات المعاصرة الاسلامية، تلقى المسلسلات التركية رواجا هاما من الشرق الأوسط الى الأرجنتين ما سمح بتطوير تأثير فعال، أما الأفلام الموجهة للجمهور العريض فهي غالبا ما تعيد طرح ايديولوجية السلطة، ورغم ذلك، تظهر جوانب جمالية فنية”.
خططت تركيا لدعم الانتاج الفني، وهي الان تطمح الى بعث “صناعة” قائمة بذاتها، انه مشروع “ميدوود” (كلمة بين هوليود و بوليود ، وهي مدينة ضخمة للانتاج التلفزي والسينمائي، تقام في مدينة اسطمبول)، لقد “جاءت الحاجة الى أستوديوهات أكبر مساحة وأوفر تجهيزا (…) وذلك نتيجة لتزايد الطلب على المسلسلات التي تجتذب جمهورا واسعا، منذ بداية سنوات 2000. ينتج سنويا معدل 180 شريطا وما بين 70 و 80 مسلسلا تليفزيونيا في تركيا. بيع حوالي 150 منها الى أكثر من 100 بلد، بإيرادات تقدر بنحو 300 مليون دولار”.
يشير الباحث والكتب التركي، تيمور محي الدين، الى أن المنتجات السينمائية والتلفزيونية تحظى “بعناية اتصالية كثيفة جدا من السلطات التركية. لقد حازت نجاحا كبيرا وخلفت أثرا عظيما في العالم العربي، البلقان والمغرب الكبير، بل بلغ ذلك أندونيسيا والأرجنتين، وذلك بفضل رواج ما هو بمثابة الحداثة الاسلامية، مع الاعتماد على الوصفات القديمة التي تبنى عليها المسلسلات العاطفية المتشبعة المفتوحة، والتي لم يصبها البلى حتى وان اتخذت اللبوس الإسلامي
* فيليب مانسيل، كاتب رواية “القسطنطينية .. المدينة التي اشتهاها العالم 1453 – 1929، في جزئين، ترجم للعربية، ونشر ضمن سلسلة “عالم المعرفة”، يوليو 2015
** “شاشات البوسفور”، مقال لتيمور محي الدين، كاتب وباحث، مدرس الأدب التركي المعاصر بمعهد “اينالكو”، (المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية، باريس)، صدر في “لوموند ديبلوماتيك، عدد جويلية/ أوت – تموز /اب 2018-

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP