الجديد

المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: التشدد النقدي وحرب أوكرانيا قد يخلفان اقتصادا عالميا متفككا  

استعرضت  المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في افتتاح المنتدى السابع للمالية العامة في الدول العربية المنعقد في دبي الأحد 12 فيفري 2023 الافاق الاقتصادية  العالمية والإجتماعية منها تواصل  النمو العالمي الضعيف الذي قد يشهد نقطة تحول في الوقت الحالي بعدما ارتفاعه بنسبة 4,3 %في العام الماضي، وتراجعه حاليا إلى 9,2 %خلال عام 2023 ليسجل تحسنا طفيفا في عام 2024 حيث قد يصل إلى 1,3%.

أعلنت مديرة الصندوق عن أحدث تنبؤاتهم منذ أسبوعين، والتي رغم أن  الصورة قاتمة مقارنة بأكتوبر، فإنها لا تزال تشير إلى تراجع النمو، كما تظل مكافحة التضخم من الأولويات في عام 2023.

وعن الجوانب الإيجابية أكدت  حدوث  تراجع للتضخم من 8,8 % عام 2022 إلى 6,6 % هذا العام و3,4 % في عام 2024 وإن كان سيظل متجاوزا مستويات ما قبل الجائحة في معظم البلدان و أوضحت  أن من أسباب  تراجع التضخم إعادة فتح الصين، وصلابة أسواق العمل والإنفاق الإستهلاكي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي معتبرة أنه  رغم وجود مؤشرات  واعدة،  إلا  أن  التطورات السلبية هي الكفة الراجحة في ميزان المخاطر ومن الممكن أن تعطل مسيرة التعافي في الصين .

وبينا أنه قد يظل التضخم متجاوزا التوقعات، مما سيقتضي المزيد من التشديد النقدي  والذي قد يؤدي إلى عمليات إعادة تسعير مفاجئة في الأسواق المالية وربما تتصاعد الحرب الروسية في أوكرانيا مخلفة اقتصادا عالميا أكثر تفككا .

وبينت أن تباطؤ الإقتصاد العالمي، يُتوقع منه تراجع النمو في منطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا أيضا  من 4,5 %في عام 2022 إلى 2,3 %هذا العام، قبل أن يرتفع إلى 5,3 %في عام 2024 وفي البلدان المصدرة للنفط، قد يؤدي تخفيض الإنتاج وفق اتفاقية أوبك+ إلى تراجع إيرادات النفط الكلية مع تواصل التحديات في البلدان المستوردة للنفط والدين العام الذي يعتبر صدر قلق كبير.

قمة صندوق النقد السنوية في مراكش وقمة المناخ 28 بالإمارات

وقالت  المدير العامة لصندوق النقد الدولي أن سنة 2023 لحظة فارقة معلنة أنه بعد مرور عشرين عاما على استضافة دبي اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي السنوية سيتم عقد الإجتماعات السنوية للصندوق  في مراكش خلال شهر أكتوبر 2023.

وأضافت أن  العالم العربي حقق تقدما هائلا، ولعب دورا قياديا حقيقيا على مستوى العالم  من ذلك النجاح في عقد القمة العالمية للحكومات التي تبدأ فعالياتها غدا الاثنين 13 فيفري 2023 بدبي واستضافة المنطقة لمؤتمر الدول الأطراف للعام الثاني على التوالي.

وأضافت  أنه  رغم النجاحات، تشهد المنطقة  على غرار مناطق كثيرة حول العالم  تحديات هائلة في الوقت الذي نواجه فيه أزمات عديدة  مشيرة إلى  أنه يجب التركيز على إحدى القضايا الإقليمية الأكثر إلحاحا، وهي كيفية تعزيز صلابة الموارد العامة لحماية للشعوب والاقتصادات والمناخ .

وأعلنت عن احتضان الإمارات الدورة القادمة للقمة العالمية للمناخ COP 28.

ثلاثة مبادئ لتوظيف سياسات المالية العمومية وتحقيق الصلابة..

 و شددت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا  على  ثلاثة مبادئ  في توظيف سياسات المالية العمومية وتحقيق الصلابة المالية والتي يمكن للبلدان الإسترشاد بها وهي أولا بناء صلابة من خلال السياسات المالية العامة والتعامل مع المخاطر المحيطة بها مع التركيز لاحقا على سبل التعاون من أجل تسديد الأهداف في مرمى القضايا التي لن يتسنى للدول مواجهتها إلا جماعيا

وبينت كريستالينا غورغييفا أن المبدأ الثاني هو وضع إطار قوي لإدارة سياسة المالية العامة ففي عالم اليوم المعرض للصدمات و عدم اليقين، أصبحت إدارة سياسة المالية العامة أكثر أهمية، و أكثر تعقيدا أيضا من ذلك تقلبات أسعار الطاقة والغذاء في المنطقة  والتي تتطلب من الحكومات التدخل لحماية الفئات الضعيفة مع مواصلة خطط التنمية والاستثمارات.

ويقتضي ذلك التخطيط الدقيق وتوافر الموارد اللازمة مستشهدة  بالمغرب الذي قام بإلغاء الدعم

المكلف غير الموجه تدريجيا لصالح توفير الدعم الإجتماعي الذي يستهدف الفئات المستحقة و وضع موريتانيا ركيزة مالية لمواجهة تقلبات إيرادات تصدير المعادن ورفعها أسعار الوقود بنسبة 30 %من خلال تخفيض الدعم.

وتعمل بعض البلدان المستوردة للطاقة على بناء احتياطياتها عندما ترتفع الأسعار استعدادا لمواجهة تقلبات أسعار النفط معتبرة أن على  الحكومات أيضا إدارة العديد من المخاطر التي تهدد مالياتها العامة، بما في ذلك الناجمة عن الضمانات العامة وخسائر الشركات المملوكة للدولة، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الدين وتخفيضات حادة في النفقات الضرورية.

واشارت مديرة صندوق النقد الدولي  إلى تركيز  مصر حاليا على تعزيز الرقابة على هذه المخاطر للمساعدة في إدارتها .

وفي سياق متصل قالت إن عدة بلدان عربية تنفذ أطر مالية عامة متوسطة الأجل تتسم بالمصداقية، وهي عامل أساسي في  التخفيف من حدة المخاطر حال تحققها، كما تمكن الحكومات في الوقت نفسه من مواصلة أوجه الإنفاق الضرورية، والحفاظ على استقرار الدين، وبناء ثقة المستثمرين.

وشددت  على أن الصندوق يساعد بلدانه الأعضاء في وضع هذه الأطر  كما تساعد مجموعة أدوات

إدارة مخاطر المالية العامة التي وضعها الصندوق في الكشف عن المخاطر، وقياس تكلفتها المحتملة، وتحديد الأولوية للتدابير اللازمة لمعالجتها .

وبينت أن المبدأ الثاني، يتمثل في التخطيط والاستثمار على المدى الطويل لمواجهة تحديات المناخ شمال إفريقيا إلى آسيا الوسطى، والتي تبلغ مستويات الاحترار فيها  ضعف معدلها في باقي أنحاء العالم ومع ضرورة الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في كل مكان، تحتاج الدول إلى العمل عبر جبهات عديدة منها  الإستثمار في البنية التحتية المقاومة لتغير المناخ  ونظم الإنذار المبكر كحل أساسي لتعزيز صلابة المنطقة وبينت أن المبدأ الثالث هو تعزيز التعاون الدولي و الاستثمار في  الطاقة المتجددة، وجهود الحد من كثافة الكربون في مختلف اقتصادات المنطقة.

شمال إفريقيا وآسيا الوسطى في حاجة ل750 مليار دولار لمقاومة تغير المناخ

 و أكدت غورغييفا  عن احتياجات تمويلية متعددة السنوات بقيمة تتجاوز 750 مليار دولار أمريكي لاتخاذ تدابير الإستثمار في البنية التحتية المقاومة لتغير المناخ ونظم الإنذار المبكر كعاملان أساسيان لتعزيز صلابة المنطقة

وبينت أن تلبية هذه الاحتياجات على توفير بيئة مواتية للتمويل المناخي الخاص يتم من خلال السياسات والحلول المالية السليمة  مضيفة أن الصندوق يضطلع  بالدور المنوط له لأن قضية  المناخ أصبحت في  صلب عمل الصندوق ويتعاون حاليا مع شركائه على إحراز التقدم المرجو في تنفيذ خطة تمويل العمل المناخي.

وتتضمن الخطة  الصندوق الإستئماني للصلابة والاستدامة الجديدة الذي يهدف إلى تحسين السياسات وتوفير تمويل طويل األجل بتكلفة معقولة لمواجهة التحديات المناخية مشيرة إلى و مناقشات جارية بالفعل مع مصر وبلدان أخرى للاستفادة من تمويل الصندوق الإستئماني للصلابة والإستدامة و تعزيز الإيرادات الضريبية.

 واشارت إلى أن متوسط نسبة الضرائب إلى إجمالي الناتج المحلي، ما عدا الإيرادات المرتبطة بالهيدروكربونات، لايزال بنسبة 11 % تقريبا  أي أقل من نصف الحصيلة الممكنة ويمكن زيادة هذه النسبة من خلال تحسين تصميم السياسات الضريبية والإلغاء التدريجي لإلعفاءات الضريبية المفتقرة للكفاءة ومثلا تعمل الجزائر حاليا على توسيع الوعاء الضريبي وتوزيع العبء الضريبي بعدالة أكبر كما نجحت البحرين والسعودية في جمع إيرادات هائلة من خالل تطبيق ضريبة القيمة المضافة. وفي الإمارات العربية المتحدة، يُتوقع تطبيق ضريبة دخل على الشركات بصورة تدريجية.

واعتبرت ان العامل الأخر الأساسي لزيادة الإيرادات هو تحديث الإدارة الضريبية، كما يمكن أن يساعد استخدام الأدوات الرقمية في هذا المجال ووهو ما قام به الأردن بالفعل، كما اتخذت وزارة المالية الفلسطينية إجراءات مماثلة ويعكف الصومال أيضا على اصلاح السياسات والإدارة لإعادة بناء القدرات الضريبية.

ويُتوقع أن تساهم مثل هذه الإجراءات في زيادة الإيرادات و يمكن أن يساعد الصندوق من خلال برامج تنمية القدرات في تصميم هذه الإجراءات وتنفيذها واشارت إلى أن  بعض البلدان في الوقت الحالي لاتتيح سياساتها المحلية ببساطة حلا كافيا لمواجهة تحد عاجل آخر، ألا وهو عدم استمرارية القدرة على تحمل الدين خاصة أن أعباء الدين الساحقة يصعب معها الإنفاق على الصحة والتعليم والبنية التحتية، ويقع ضررها الأكبر على الفئات الأكثر عرضة للمخاطر، ولكنها تمثل أيضا مشكلة مشتركة تواجه المنطقة والعالم أجمع.

و تتجلى أهمية العمل الجماعي فوجود العديد من دائني القطاعين العام والخاص يعني أن حل مشكلة عدم استمرارية القدرة على تحمل الدين يكمن  في التعاون متعدد الأطراف.

صندوق النقد يعمل مع عدة مؤسسات لخلق نموذج جديد للشراكة مع الدول

 ومن جهته قال مدير إدارة الشرق الوسط وآسيا الوسطى جهاد أزعور،  صندوق النقد الدولي  خلال افتتاح المنتدى  المالي أولى الجلسات التمهيدية للقمة العالمية للحكومات بدبي الأحد 12 فيفري 2023 ان صندوق النقد الدولي يعمل مع صندوق الائتمان والإستدامة لخلق نموذج جديد للشراكة  مع الدول التي يدعمها مضيفا أنه من الضروري للدول توفير مواطن شغل لشباب دون الثلاثين والمرأة وتشجيع المؤسسات الناشئة  باستخدام  التكنولوجيا والتي نجحت كتجارب  في عدة دول ومنها الخليجية

وأضاف أن الصندوق  يركز  على قضية محورية  ابرزها  حاليا التغيرات المناخية مؤكدا على تعزيز السياسات النقدية والتركيز على تقييم المخاطر المالية وخاصة في  الدول المستوردة للنفط وضرورة تعميم  وإعطاء الفرصة للقطاع الخاص لتقليص التكاليف المالية التي تتكبدها الدول والتي تجاوزت إلى2.5% .

وبين أزعور  أن الصندوق  يركز أيضا على  تداعيات التغيرات المناخية معتبرا أن هناك أنظمة  تعيق وتعطل القضاء واحتواء القطاع الموازي مضيفا أن المؤسسات الناشئة   تفوق 50% ويجب استثمارها  جيدا خاصة أن الاستثمارات التقليدية تتراجع في بعض الدول.

وأضاف أن الحاجيات المالية مشكل تعاني منه عدة دول و صندوق النقد الدولي كبقية المؤسسات المالية المانحة  هي تغطي جزء من الحاجات المالية  للدول لتطبيق هذه الإجراءات والسياسات  ولكن لايمكنه تغطية كل الحاجيات  فالمشكل الثاني هي الديون المتخلدة للدول.

 نقلا بالتصرف عن موقع اذاعة “موزاييك” التونسية

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP