الجديد

تحولات الاسلامية التونسية "النهضة..الهروب من المعبد الإخواني" .. صعوبات تحول الحركة الي حزب مدني

يشتغل الصحافي والباحث في الحركات الإسلامية، منذر بالضيافي، على رصد مسار تحولات “الإسلامية التونسية”، ممثلة في تيارها الرئيس “حركة النهضة”. فبعد كتابه حول تجربة حكم “النهضة”، صدر له كتاب ثان حول الاسلامية التونسية، تطرق فيه الى مراجعات حركة النهضة وحدود القطيعة والتواصل مع جماعة الاخوان، كتاب تحت عنوان “النهضة..الهروب من المعبد الإخواني”.
النهضة من “الأخونة” إلى “التونسة”
ورد الكتاب في خمسة محاور، اهتم الأول برصد المسار العام للحركة الإسلامية في تونس، من جماعة دعوية في بداية سبعينات القرن الماضي إلى “حزب” في الحكم بعد الثورة، وركز الفصل الثاني على “تحولات النهضة ما بعد “منحة” الثورة”، أما الفصل الثالث فقد اهتم فيه الباحث بالتعرض إلى زلزال سقوط حكم الإخوان في مصر وتداعياته على حركات الإسلام السياسي وخاصة النهضة التي أربكها ما حصل في مصر وفرض عليها –بعد ضغط داخلي – مغادرة الحكم “مكرهة” ومتنازلة عن “شرعية” انتخابية طالما “تغنت بها”، الفصل الرابع رصد لحدود القطيعة والتواصل مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر، أما الفصل الخامس والأخير فورد تحت عنوان “جدل المؤتمر العاشر..حركة النهضة إلى أين؟”.
في مقدمة الكتاب، أكد منذر بالضيافي على “أن “الإسلامية التونسية” تواجه اليوم – “الآن وهنا” كما قال الروائي العربي الكبير، عبدالرحمن منيف، في روايته الشهيرة “شرق المتوسط”-، “مخاضاً عسيراً” وسط تحولات شاملة، تجرف العالم العربي، بعد موجة “ثورات الربيع العربي” التي حملت الإسلاميين إلى سدة الحكم في كل من تونس ومصر، ليغادروه بسرعة فائقة لتعود معه الحركة الأم (إخوان مصر) إلى “المحنة” (تعبير يستعمل في أدبيات الإسلاميين)، لكن هذه المرة أكثر ضراوة، كما سنجد لاحقا أن إسقاط حكم الإخوان في مصر مثل زلزالا كبيرا تجاوزت تداعياته أركان بيت المرشد وجماعته لترمي بظلالها على كافة حركات “الإسلام السياسي”.
النهضة والزلزال المصري
وأشار الباحث إلى “أن حركة “النهضة” استبقت إعادة إنتاج الزلزال المصري، من خلال توصلها عبر الحوار والتفاوض إلى تحقيق خروج آمن من الحكم لتنطلق في الإعلان عن بداية “مراجعات” لم تسبقها لا مقدمات تنظيرية أو لا فكرية، ما جعلها أقرب إلى “الولادة القيصرية” المشوهة التي تبقى في حاجة إلى تأسيس وجدية أكبر، وهي “مراجعات” هدفها المعلن يتمثل في تأكيد فك الارتباط عن الإخوان، وأنها أصبحت تنظيما وطنيا تونسيا، أما الهدف الأهم فهو المتمثل في تأكيدها على أنها حسمت صراعها الداخلي المتعلق بالفصل بين “الدعوي” و”السياسي” لصالح الانتقال لحزب مدني وطني.
كما بين منذر بالضيافي أنه “رغم سلسلة التنازلات المعلنة، فإن محيطها المجتمعي والسياسي وكذلك النخب، ما زالوا ينظرون إليها –النهضة- بعين الريبة والتشكيك، وإن كان الباحثون المختصون للظاهرة يشيرون إلى أن الحركة بصدد التطور، لكن تطور لم يصل إلى القطع مع “الإرث الإخواني”، ولا يمكن بالتالي أن يؤسس للتحول إلى “حزب مدني” الذي سيبقى متروكا للمستقبل وربما للأجيال القادمة.
صعوبة الفصل بين “الديني” و”السياسي”
واعتبر صاحب الكتاب أن “الفصل بين “السياسي” و”الديني” عملية معقدة جدا – وتكاد تكون مستحيلة – خاصة في تنظيمات وجماعات عقائدية، تربت على الحياة والموت لأجل “مشروع رباني نواة”. من هذا المنطلق يذهب منذر بالضيافي إلى التأكيد على أن “النهضة” بعد المؤتمر العاشر لن تصبح حزبا مدنيا وطنيا ديمقراطيا، وأنها سوف تتنازل عن مرجعيتها الإسلامية، لتصبح حزبا مفتوحا على غرار بقية الأحزاب الأخرى. ويشير صاحب الكتاب إلى أن “كل الشواهد والممارسات تدل على أن “النهضة” لا تزال جماعة دينية/دعوية مغلقة، لعل هذا ما يفسر انحسار التركيبة السوسيولوجية للمنتمين لها التي لا تزال مقتصرة على النواة الصلبة الأولى التي عاشت السجون، وعاشت على حلم إقامة المشروع الإسلامي الشمولي”.
يشير بالضيافي إلى أن المراجعات التي أقدمت عليها النهضة، فرضتها التحولات الكبرى الجارية في المنطقة وفي العالم، خاصة بعد ثورات الربيع العربي، التي يقول عنها راشد الغنوشي إنها “أدخلت أمة العرب عالما جديدا”. إضافة إلى تداعيات “الزلزال المصري” المتمثل في سقوط حكم الإخوان، وتلقي الجماعة أكبر ضربة موجعة في تاريخها، كانت لها ارتدادات مباشرة على فروعها ومنها تونس، حيث أجبرت “النهضة” على ترك الحكم استبعادا لإعادة إنتاج ما حصل في القاهرة، كما دفعها لاحقا للإقدام على قراءة نقدية للإرث الفكري الإخواني، والإعلان صراحة عن التبرؤ من أي صلة –خاصة تنظيمية – بجماعة الإخوان المسلمين. ويستبعد الباحث في ثنايا هذا الكتاب حصول قطيعة وفك ارتباط مع الإخوان.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP