الجديد

غياب المعنى .. وموت السياسة

بقلم: ىالطيب اليوسفي
تبقى الشعوب في حاجة إلى مرجعيات وقيم تنهل منها قواعد التعايش وتستلهم منها ما به تقوى على كبح نوازع الأنانية المفرطة ودرء السلوك الهمجي وعلى رفع التحديات التي تواجهها.
ووفقا لتعريف موريس ديفرجي في كتابه ” علم اجتماع السياسة ” فإنه عندما يتبادل شخصان السلام وعندما يضع الناخبون ورقة التصويت في صندوق الاقتراع فإن ممارسي هذا السلوك يستندون إلى قواعد مشتركة وتصبح بالتالي قواعد سلوك في الحياة الاجتماعية.
وتحتوي معظم الثقافات على معايير قيمية تظل في حاجة إلى صيانتها واذكاء جذوتها والاستناد اليها في العيش المشترك وإذا تلاشت هذه المعايير يفتح باب الفوضى.
كما تظل الشعوب والمجتمعات في حاجة أكيدة إلى مشاريع سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية متكاملة تنير لها الطريق نحو الأفضل وتستنهض هممها وتغذي فيها الأمل والطموح.
ومن المفارقات انه في الوقت الذي كان يؤمل فيه بعد 14 جانفي 2011 إعادة الاعتبار لجملة من المبادئ والقيم الجوهرية الكفيلة بكسب رهان الانتقال الذي أقبلت عليه البلاد، حصل العكس وما من شك في أن غياب مشاريع مرجعية وتفشي حالة الإحباط وخيبة الأمل لدى شرائح واسعة إضافة إلى تدني مصداقية الطبقة السياسية وتفاقم عدم الثقة فيها وفي الحاضر والمستقبل قد أسهمت في تدني الحس المدني وتفاقم اللامبالاة و سلبية التعاطي مع متطلبات العيش المشترك.
وما يقتضيه هذا العيش المشترك من قواعد سلوك في الحياة الاجتماعية ومعايير قيمية، بالتوازي تعمقت القطيعة بين عموم المواطنين والسياسيين وغابت القدوة التي يمكن الاستلهام منها والتماهي معها والسير على خطاها
في حين أن كل مرحلة انتقال سياسي بالخصوص تتطلب زعماء ورجالات دولة يمكن التأسي بهم والسير على نهجهم.
أضف إلى ذلك التصحر الثقافي المدقع وغياب الجانب الثقافي في برامج الأحزاب بما يختزنه من قيم وارتقاء بالوعي الجمعي وترسيخ لمفهوم المواطنة واذا كانت طبيعة المرحلة تفرض ايلاء البعد السياسي الاهمية اللازمة فإنه لا مناص من أن يندرج ذلك ضمن مشروع حضاري مترابط الحلقات من مقوماته تثمين منظومة للقيم تحرك السواكن وتجذر من السلوكيات والممارسات ما به تكتمل شروط كسب الرهانات المطروحة.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP