الجديد

الاتحاد يصعد والحكومة صامتة

كتب: منذر بالضيافي
أكثر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نورالدين الطبوبي من “التصريحات النارية” و من “التهديد والوعيد”، لحكومة الشاهد،  خاصة في علاقة بتعثر المفاوضات في قطاع الوظيفة العمومية، وأيضا في علاقة “بمخاطر” الذهاب نحو تنفيذ الاضراب العام، في قطاعي الوظيفة العمومية والقطاع العام، الذي اقره الاتحاد يوم 17 جانفي الجاري، وذلك منذ فترة كرد على “عدم جدية الحكومة في التفاوض”، وفق تعبير الطبوبي في أكثر من مناسبة ومن تصريح. في المقابل نجد أن حكومة يوسف الشاهد، قد  اختارت “الصمت”،  كأداة اتصالية في الرد على الطبوبي ورفاقه في المركزية النقابية، مع الابقاء على “شعرة معاوية”، وذلك في علاقة بوجود جولات تفاوضية، اختارت ترك التعليق على نتائجها للطرف النقابي.
تقوم استراتيجية المركزية النقابية، على ثنائية “التفاوض” مع الحكومة، و “التصعيد في الخطاب”، الموجه للاستهلاك الاعلامي والعمالي وحتى السياسي أيضا. اذ تتداخل هنا المطالب النقابية مع مطالب أخرى سياسية، خاصة تلك التي برز فيها نقد واضح ل “أداء الحكومة” ول “حصيلتها السلبية” وكذلك افتقادها لبرنامج للإصلاح، واكتفائها بتنفيذ “أجندة” أو “املاءات” صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية المانحة. وهي عناوين كبرى لكل خطابات وتصريحات نورالدين الطبوبي خلال الأشهر الستة  الأخيرة، تحديدا منذ الاعلان عن “نهاية “شهر العسل” مع حكومة الشاهد، على اعتبار وأن الاتحاد كان طرفا رئيسيا في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، فضلا عن كونه ظل من أهم الداعمين لها.
في صراعها مع الحكومة، اختارت المركزية النقابية، الرفع من سقف المطالب الاجتماعية، وكذلك الانخراط في تقديم تشخيص سلبي لسياسات وحصيلة العمل الحكومي ومنهجية عملها، في التقاء يصل حد التماهي مع الأطراف والأحزاب المعارضة لحكومة الشاهد وللائتلاف الحكومي برمته.
فقد اعتبر الطبوبي خلال اجتماع عام اقليمي انتظم أمام قصر بلدية باجة في اطار الاستعداد للاضراب العام فى الوظيفة العمومية والقطاع العام يوم 17 جانفي الجاري ( يوم فقط قبل جلسة تفاوض هامة مع الحكومة)، أن التراكمات الاجتماعية قد تؤدي إلى انفجار اجتماعي وإلى انزلاقات وإلى وضع “لا يمكننا السيطرة عليه”، وفق تعبيره.
وأكد أن الاتحاد لن يتوقف عند الاضراب ولن يبقى مكتوف الأيدي بعد 17 جانفي، بل سيستبسل فى الدفاع عن مصالح منظوريه وهو على استعداد لاكتساح الشوارع، وفق تصريحه.
ان “فن التفاوض”، يفرؤض في العادة توفير مناخات من التهدئة، وهذا ما لم يوفره اتحاد الشغل، من ذلك – ومثلما اشرنا – فان الطبوبي وبالموازاة مع الجلسات التفاوضية بين الطرفين (الحكومي والنقابي)، استمر في انتهاج خطاب “تصعيدي”، برأينا لا يساعد على توفير المناخات الملائمة للتفاوض بعيدا عن الضغوطات.
وهو ما يجعل ‘للمقدمات نتائج” كما يقال، وبالفعل لم تتوصل جلسة الاثنين الى تقريب وجهات النظر، وقال عنها  الأمين العام المساعد والناطق الرسمي للاتحاد العام التونسي سامي الطاهري، اليوم الثلاثاء 8 جانفي 2018، إنّها ” لم تفضي لاتفاق بين الطرفين بخصوص الزيادات في أجور الوظيفة العمومية”. وجدّد الطاهري تمسّك الاتحاد بموعد الإضراب بالقطاع العام والوظيفة العمومية المبرمج يوم 17 جانفي القادم. وأضاف أنّ هذا الإضراب سيكون مغايرا لإضراب يوم 22 نوفمبر الفارط. وكان الأمين العام نور الدين الطبوبي قد حـذّر، من جهته، من تبعات عدم التوصل لاتفاق.
بالعودة للطرف الحكومي، الذي قلنا في معرض تحليلنا أنه اختار سياسة “الصمت الاتصالي”، في العلاقة بالاتحاد العام التونسي للشغل، سواء في ما يتعلق ب “أجواء” التفاوض، التي يراد لها أن تجنب البلاد الذهاب الى اضراب عام ، يجمع الكل على أنه – لو تم تنفيذه – سيرفع في منسوب التوتر في مناخ اجتماعي وسياسي وامني، يوصف بكون “هش” وغير مستقر. أو في علاقة بالإجابة عن “الاتهامات” التي تصدر عن القيادات النقابية، ففي خطاب باجة يوك الأحد، توجه الطبوبي بخطاب مباشر للحكومة، قائلا: “أصبحنا اليوم نحتكم لقرارات كريستين لاغارد ولقرارات من وراء البحار.. هذه فضيحة كبرى لتونس وبلادنا لا تستحق هذا.. لن تتعلّموا الحجامة في روس اليتامى.. لن نسمح لكم.. واحذروا”.
ان “الصمت الاتصالي”، وان كان يعد “أداة” اتصالية، وذلك لتجنب الدخول في مزيد من التصعيد، الا أنه يمكن أيضا أن يعبر عن افتقاد للأجوبة المقنعة، وبالتالي مقارعة “الحجة بالحجة”، كما أنه قد يكون هدفه قراءة فيها “رهان” على كسب أو ربح الوقت، من خلال “انهاك” الخصم عبر تبديد “صورته” خاصة لدى الرأي العام، خصوصا وأن “الخطاب الاعلامي” ( القريب من الحكومة أو المحسوب عليها)، انتهج أسلوب يقوم على “شيطنة” كل حراك احتجاجي، بدعم ومساندة قوية من “جيش الكتروني”، جند أيضا لذات المهمة ووضعت له امكانات هامة لإنجاح “مهمته”.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP