الجديد

المهدي مبروك في لقاء مع "التونسيون": "ديمقراطيتنا فقدت عمقها الشعبي والبديل عنها الفوضى"

** نحن في انتقال ديمقراطي فيه الكثير من “التمعّش” و خلق طبقة مستفيدة منه، تتبادل المنافع و توزع الفوائد بمعزل على عامة الشعب. و هذا يُرسّخ مثلما ذكرت الخيبة و النقمة و يُفسر الى درجة كبيرة، عزوف الناس على الاحزاب و على الانتخابات.
** الأزمة السياسية الممتدة منذ أكثر من ثمانية أشهر (نهاية ماي الفارط)، والمتمثلة في أبرز ** وجوهها في الصراع بين مؤسسة الرئاسة و الحكومة (راسي السلطة التنفيذية)، التي نجد أنها أحيانا تتم دون احترام لقواعد اللعبة، فيها الكثير من التماس و الاحتكاك، و اذا ما تواصلت فانها ستزيد الازمة تعقيدا، و سنمرّ الى الكثير من الاحتكاك الرمزي و الجهوي. نحن نعرف سردية الباجي لكن يوسف الشاهد يخلق في سردية شخصية لنفسه ايضا.
** النهضة قدم لها “غباء” بعض الندائيين السياسي، هدية لم تكن تحلم بها. و هي اكبر مستفيد من النزاعات و الصراعات داخل العائلة الندائية، و هي عشية انتخابات 2019 اكبر المؤهلين للفوز بحسب معطيات اليوم، لكنها غير مطمئنة الى كونها “تُساقُ” سوقا الى الفوز كقوة اولى. انها تحتاج الى منافس، يُشاركها حمل اوزار الانتقال الديمقراطي المعطلة ( الاصلاح الاقتصادي و الاجتماعي) تحتاج النهضة الى رفيق طريق.
** الاداء السياسي للنخب المتعاقبة على الحكم و حتى النخب المعارضة، لا تدفعنا الى التفاؤل، و لا الى الاطمئنان بكون 2019 ستكون فارقة، و ستُمكننا من تصفية حساباتنا مع مجموع المشاكل المتخلدة بذمتنا.
** لا احد سيستفيد من افشال هذا الانتقال، لان لا احد يستطيع اغراء الناس بما بعده، و لا يستطيع اصلا توقع ما بعده. ما هي البدائل؟ دولة دينية، ام عسكرية بعد البيان الاول ام احياء دكتاتورية البروليتاريا… ماذا؟ لا احد يعلم. لكن المؤكد انه لا بديل على الانتقال الديمقراطي غير الفوضى.
** الجميع مستفيد من هذا الانتقال، حتى و ان ابدى الجميع تبرّمه منه. طبعا الاستفادة تمت بدرجات متفاوتة. و عليه لا احد من مصلحته دفن هذا الانتقال على علاته. و لا يُمكن لهذه النّخب ان تواصل تجاهل كل جبال الخيبة التي تسحق هذه الشرائح الواسعة من الشعب. وتوسيع المشاركة السياسية هو من معايير نجاح الانتقال الديمقراطي.
 
التونسيون- التقاه: المهدي عبد الجواد ومنذر بالضيافي
بمناسبة، الذكر ى الثامنة لثورة 14 جانفي 2011، اخترنا استنطاق حصيلة سنوات الثورة الثمانية، مع الباحث والاكاديمي وأستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية، الدكتور مهدي مبروك، الذي أثرنا معه العديد من الإشكاليات المتصلة أساسا بمالات الانتقال الديمقراطي في تونس، وهل هناك تخوفات جدية من سيناريو حصول “ردة” في هذا المسار، خاصة في ظل الوضع المعقد والأزمة الشاملة والمركبة التي تعيشها تونس اليوم، وخاصة في ظل ضعف بل “كارثية” المنجز الاجتماعي والاقتصادي للثورة، وفي ظل اتساع الهوة بين النخب وعامة الناس، وهو ما نجم عنه تزايد منسوب الاحباط وأزمة الثقة الى حد القطيعة بين الطرفين..
في ما يلي نص الحوار:
 
** في الذكرى الثامنة للثورة التونسية، ثمة خلاف كبير يشقّ المجتمع التونسي، بين من يرى ان المنجز ضعيف ودون المأمول، و انه كان يُمكننا أن نكون أفضل، و بين من يرى أننا حققنا الكثير من التقدم ناهيك عن إنقاذنا الدولة و انجازنا لإصلاحات دستورية و تشريعية مهمة، لعل أبرزها صياغة دستور جديد. سيّد مهدي، كيف تقيمون الوضع بعين الدارس والباحث المختص في علم الاجتماع؟
تبدو الحصيلة بعد ثماني سنوات، مشتملة على كثير من التناقض و التعقيد، إذ يُمكننا منهجيّا التمييز بين حصيلتين، تعكس كل واحدة منهما موقفا من الانتقال الديمقراطي عامة. أعتقد أننا سرنا في إيقاعين مختلفين لزمنين مختلفين. زمن النّخب. وزمن عامة الناس.
ففي مستوى الحريات العامة و التداول السلمي على السلطة و شفافية و نزاهة الانتخابات و حرية الإعلام و التظاهر و التعبير و حزمة المكتسبات في مجالات الحقوق و الحريات، فان ما أنجزناه تم بسرعة هائلة، سرعة ضوئية. و تمكنّا من التدارك التاريخي، ونجحت النّخب التونسية في تحقيق ما حلُمت به أجيال من المصلحين منذ أكثر من قرن. ففي مجال الحرية و الحقوق السياسية، لم ننطلق في الحقيقة من فراغ. بل تم استئناف أحلام أجيال سبقتنا، فتونس كانت دائما سباقة، فقد كان بها أول دستور و أول رابطة لحقوق الإنسان و أول نقابات مستقلة و هي بلاد الجمعيات المدنية، لذلك لم ننطلق من فراغ.
في المقابل، نجد أن انتقالنا الاجتماعي والاقتصادي، سار بخطى السلحفاة، ان لم نقل بشكل متعثّر و بطيء. ففي هذا المسلك الوعر، في مجال الإصلاح الاقتصادي و الاجتماعي، عدنا إلى الماضي. نحن في زمنية مرتدة، فقد عادت إلينا آفات وأوبئة خلناها قد ولّت دون رجعة ” الانقطاع المدرسي المتزايد، توسّع دائرة الفقر، تنامي منسوب العنف و الجريمة، عودة الأمراض والأوبئة …”.
لم نتقدم اقتصاديا، بل تراجعنا، فقد بلغت المديونية معدلات خطيرة غير مسبوقة، و تدهورت المقدرة الشرائية، و انهار الدينار و ارتفع التضخم، وهذا قاد إلى تنامي الشعور بالخيبة، و غذى ضربا من الحنين الى زمن ما قبل ثورة 14 جانفي 2014.
لم تنتبه النّخب الى التفاوت بين هذين الزمنين، أو قلّما انتبهت إليه. و هذا ما خلق مرارة و نقمة عليها. فالشارع ناقم على كلّ النّخب، إذ يعتقد أنها تخلّت عنه. و هذا ما يُفسّر في اعتقادي “الانجرار الانتخابي” فقد فقدت كل الأحزاب ( الاسلامية والوطنية، تقسيم منهجي اجرائي لا غير) مئات الآلاف من ناخبيها، و كلّ المؤشرات تدل على ارتفاع خطير في نسبة العزوف على المشاركة في الانتخابات بل و في الشأن العام.
نحن اليوم في عالمين، عالم النّخب التي استفادت، و حققت بعضا من مطامحها التاريخية. وعالم السيبة (المهمشين)، التي لم تجن إلا الخيبات. انظر الى سيدي بوزيد و القصرين و سليانة، فقد ثار الناس من اجل التشغيل و ضد التهميش. ما الذي تحقق لهم؟ بل ان كل المؤشرات تدل على تفاقم وضعهم الاجتماعي.؟
** هل يعني ذلك، ان النخب التونسية، هي نُخب أنانية لا تهتم بمصالح شعبها؟
بكل عيوبها، نجحت النخب التونسية مقارنة بغيرها من النخب العربية في ضمان الحد الادنى. فرغم المؤاخذات على النخب السياسية و الثقافية، فإنها بمشاحناتها و بعنفها اللفظي و بصراعاتها التي خرجت احيانا على شروط “العيش الديمقراطي المشترك” فقد حمت الانتقال الديمقراطي. وحمت الى حد الان ما اصبح يطلق عليه ب “الاستثناء التونسي”. طبعا يعود ذلك في جزء كبير منه لأسباب تاريخية، و بعضها يعود لطبيعة الشخصية التونسية اصلا.
فالدولة الوطنية التونسية العصرية، كانت دولة النخب و رسخت تراث النخب. و منذ القرن التاسع عشر، راكمت النخب التونسية تجربة مميزة.
وبالمناسبة، لا اعتقد انه للنخب التونسية من بديل غير مزيد من مد جسور التواصل و الحوار بين النخب التقليدية و النخب العصرية، بين التيار العلماني  و التيار الاسلامي، بين اللبراليين  و المحافظين… الاستثناء التونسي كان ناجما عن كثير من خيال النخب التونسية و عبقريتها و خصوصيتها، انها مراكمة مهمة لدور النخب الحقوقية و النقابية و السياسية و الثقافية.
** لكن الخوف ان تفقد الديمقراطية حاضنتها الاجتماعية، و قد يقود ذلك الى “انفضاض الناس” من حول الانتقال الديمقراطي؟.
بعد ثمانية سنوات من الثورة، أصبح الانتقال الديمقراطي شأن النخب. فقد خلق طبقة مستفيدة منه. لقد نجحت النخب عبر الجدل بينها و كثرة المناكفات و الصراعات في الساحات العامة في وسائل اعلام و شبكات تواصل الاجتماعي، في جعل الانتقال الديمقراطي، شانها الخاص بها. فكأننا في قطار، يركب عربته الاولى المكيفة و الوثرة الفخمة النخب… و بعيدا وراءها ثمة عربات مليئة بعامة الناس متروكين لمصيرهم، و انقطع القطار كل في شأنه و طريقه.
و هذا ما يُفسّر كل هذه النقمة على النخب، بل و تجاه كل ارادات التغيير. فلم يعد للناس ثقة في كل الدعوات حتى الصادق منها لتغيير حالهم. و عدم القبول بالبدائل هو ناتج عن ذلك الاحباط. و الاخطر ان هذا الاحباط، يتنامى عند شريحة الشباب. لذلك فقد الانتقال الديمقراطي الكثير من زخمه عند فئات واسعة جدا من الحاضنة الشعبية، حتى صار و كأنه حرفة و مهنة عند “اقلية مستفيدة”.

** هل يعود ذلك الى كون المطالب الرئيسية للثورة لم تكن سياسية؟ هل سطت النخب على الثورة؟
الثورة اندلعت بلا قيادات ملهمة و لا زعامات. هذه قوة الثورة و نقطة ضعفها. فغياب القائد حمانا من السقوط في الاستبداد، اي الحكم باسم شرعيته و شرعية قيادته و شرعية ثورته. و لكنه ايضا جعل الثورة “يتيمة” و هو ما سهّل عملية الالتفاف عليها.
لقد حولت النخب “وجهة” الثورة بما ارادت هي. اننا هنا بمنطق علوم الاجتماع، في قلب استراتيجيات التسمية، بما هي تحايل و توجيه. الثورة ليس لها سردية رسمية واحدة، و هو ما ترك المجال واسعا لكل جماعة لتُسقط عليها سرديتها. فهي للإسلامي ثورة اسلامية غير تامة و لليساري ثورة مغدورة و للحقوقي ثورة مبتورة و للبرالي ثورة منقوصة.. و كلها تشترك في كونها سرديات “مسار ثوري” غير تام. و تدعي كل سردية انها هي الاصل، و ان باقي السرديات “في الثورة المضادة”، و انه لا بد من استكمال السردية.
 ** لكن التدارك ضروري، قبل الخيبة القاتلة؟
اعتقد انه لا يمكن ان يتواصل هذا الامر على هذه الشاكلة، حتى و ان لم تظهر في الافق اشكال احتجاجية مؤسسة. وفاء للتضحيات التي قدمتها أجيال من التونسيين و حفاظا على نزاهة التاريخ التونسي. لا يُمكن تجاهل مطالب الشعب الكريم.
لا يُمكن لهذه النّخب ان تواصل تجاهل كل جبال الخيبة التي تسحق هذه الشرائح الواسعة من الشعب. هل يمكن ان نظل مطمئنين و نحن نعرف أنا نعيش مع 750 الف عاطل على العمل؟ و ان المدرسة تدفع سنويا بــ120 الفا الى الشارع، و ان الغلاء لا يُطاق وان المقدرة الشرائية في الحضيض.. و ان الفقراء يتزايدون كل يوم؟؟
اعتقد أنه حتى و ان لم ينتفض الناس على كل هذه الخيبات الاجتماعية، لا بد من تدارك كل هذا التأخير.. لا يُمكن ان يتواصل هذا الوضع.
 ** لن يتواصل هذا سياسيا أم اجتماعيا؟
لقد نجحنا الى حد الآن في المواءمة بين الانتفاض الاجتماعي الدائم و الاستقرار السياسي. لكن دور النخب لا يجب ان يقتصر على رجال الإطفاء. اطفاء الحرائق كان مهما. و اسهمت فيه القوى المدنية و اتحاد الشغل و بعض الوساطات المحلية. لكنه لا يمكن ان يتواصل في ظل انحسار المشاركة الشعبية في الحياة السياسية و الحزبية و في الشأن العام عموما. فتوسيع المشاركة السياسية هو من معايير نجاح الانتقال الديمقراطي.
نخشى اننا في عصر “الاوليغارشيا الديمقراطية” محترفون و خبراء مستفيدون، لقد أصبح لنا “بيروقراطية الانتقال الديمقراطي” و عندنا اقتصاد سياسي للانفتال الديمقراطي. و هذا زاد في ترسيخ فكرة الغنيمة. فنحن في انتقال ديمقراطي فيه الكثير من “التمعّش” و خلق طبقة مستفيدة منه، تتبادل المنافع و توزع الفوائد بمعزل على عامة الشعب. و هذا يُرسّخ مثلما ذكرت الخيبة و النقمة و يُفسر الى درجة كبيرة، عزوف الناس على الاحزاب و على الانتخابات.
** هل معنى ذلك اننا نسير في اتجاه مأزق سياسي أعمق؟ نحو حالة من الفوضى السياسية؟
الأزمة السياسية الممتدة منذ أكثر من ثمانية أشهر (نهاية ماي الفارط)، والمتمثلة في أبرز وجوهها في الصراع بين مؤسسة الرئاسة و الحكومة (راسي السلطة التنفيذية)، التي نجد أنها أحيانا تتم دون احترام لقواعد اللعبة، فيها الكثير من التماس و الاحتكاك، و اذا ما تواصلت فانها ستزيد الازمة تعقيدا، و سنمرّ الى الكثير من الاحتكاك الرمزي و الجهوي. نحن نعرف سردية الباجي لكن يوسف الشاهد يخلق في سردية شخصية لنفسه ايضا.
وبالنسبة لي، فان الخطورة تكمن في استعمال أو بالأحرى توظيف اجهزة الدولة في افق سنة انتخابية، و خاصة استغلال القضاء و الامن و موارد الدولة المادية و الرمزية. و الخشية تكمن في استغلال لوبيات و مراكز النفوذ في هذا الصراع.
أضرب هنا مثال على مألات هذا الصراع بين أجهزة الدولة، فقد دق تصريح كاتب الدولة للتجارة ناقوس الخطر في اعتقادي. اذ ذكر ان المواد الغذائية متوفرة و لكن لوبيات مسالك التوزيع هي التي تعطل تواجدها في الاسواق. هذا قد يكون – في اعتقادي- راجعا الى ضعف اجهزة الدولة الرقابية أو الى كونه نتيجة لصراع اللوبيات المنخرطة في هذه المعركة السياسية بين الرئاستين. و هذا خطير لأنه يمس من قوت الناس و أمنهم بل بالأمن العام في معناه الشامل. دون أن ننسى الصراعات الأخرى، مثل التي بين الاسلاميين واليساريين.
** وماذا عن دور ومصلحة التيار الاسلامي ممثلا في حزب النهضة في ما يحصل ؟
من الغباء تصور ان النهضة “تتلذّذُ” بالمشاهدة فقط. لكني اعتقد انها فاعل يستفيد و يُوظف. فلكل فاعل سياسي حساباته و استراتيجياته.
النهضة قدم لها التاريخ هدية لم تكن تحلُم بها. هو هذا الصراع داخل أسرة النداء. أي دور كان لها في تأجيجه؟ لا أعرف. لكنها قبضت دون توقّع ثمن هذا الصراع.
النهضة قدم لها “غباء” بعض الندائيين السياسي، هدية لم تكن تحلم بها. و هي اكبر مستفيد من النزاعات و الصراعات داخل العائلة الندائية، و هي عشية انتخابات 2019 اكبر المؤهلين للفوز بحسب معطيات اليوم، لكنها غير مطمئنة الى كونها “تُساقُ” سوقا الى الفوز كقوة اولى. انها تحتاج الى منافس، يُشاركها حمل اوزار الانتقال الديمقراطي المعطلة ( الاصلاح الاقتصادي و الاجتماعي) تحتاج النهضة الى رفيق طريق.
** نحن في وضع سياسي هشّ اذن؟
نحن اقل من سنة 2014 و اسوأ من سنة 2011، فكل المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية و المالية سيئة. و الاداء السياسي للنخب المتعاقبة على الحكم و حتى النخب المعارضة، لا تدفعنا الى التفاؤل، و لا الى الاطمئنان بكون 2019 ستكون فارقة، و ستُمكننا من تصفية حساباتنا مع مجموع المشاكل المتخلدة بذمتنا.
الوضع السياسي سيظل هشّا و المخاطر ستظل مُحدقة طالما اننا لم نُغيّر من:

  • الثقافة السياسية السائدة، و ذلك بالخروج من منطق المغالبة، نحو ثقافة التوافق العميق و المشترك السياسي الوطني، و هذا يستوجب نقدا ذاتيا شجاعا تمارسه كل النخب على اختلاف تاريخها و هوياتها
  • الاشتغال على المدونة التشريعية و القانونية من دستور و قانون انتخابي و قانون الاحزاب و الجمعيات، تمويل الاحزاب مسألة العتبة، كل ذلك من شأنه اعادة تشكيل خارطة النخب، سيُجدد النخب و يوسع دائرة المشاركة بشكل او بآخر
  • اعادة بناء جسور الثقة بين الفاعلين السياسيين و بين النخب و بين الفئات المتضررة من الانتقال الديمقراطي.

هذا قدرنا فلن نستورد نُخبا و لا شعبا. قدرُنا ان ننجح في هذا الانتقال لا ان نفشل فيه.
 
** لا احد يُريد افشال الانتقال الديمقراطي ؟
لأنه لا احد سيستفيد من افشال هذا الانتقال، لان لا احد يستطيع اغراء الناس بما بعده، و لا يستطيع اصلا توقع ما بعده. ما هي البدائل؟ دولة دينية، ام عسكرية بعد البيان الاول ام احياء دكتاتورية البروليتاريا… ماذا؟ لا احد يعلم. لكن المؤكد انه لا بديل على الانتقال الديمقراطي غير الفوضى.
الجميع مستفيد من هذا الانتقال، حتى و ان ابدى الجميع تبرّمه منه. طبعا الاستفادة تمت بدرجات متفاوتة. و عليه لا احد من مصلحته دفن هذا الانتقال على علاته.
** كما اننا لم نستطع دفن تراث الاستبداد و لا التصرف فيه؟
موضوعيا الحصيلة مُخيبة للآمال، و لم تكن في مستوى الانتظارات. فلم ننجح في فكّ أسر الذاكرة، التي بقيت مُسيجة و مخفية. بقيت ذاكرة سراديب.
العدالة الانتقالية مثلا كان المفروض أن يكون هدفها هو ضمان عدم العود للانتهاكات. لكننا لم نحصل لا على اعترافات و لا على اعتذارات بل اننا لم نكشف حقيقة الانتهاكات في كثير من الأحيان. لذلك بقينا في سجن السرديات الخاصة.
كان يُفترض ان تستفيد مؤسسات البحث، و المؤرخون و الباحثون الجامعيون، كان يُفترض بنا إصلاح الأجهزة من قضاء و امن و تغيير العقيدة الأمنية..
اعتقد انه ليست هناك رسائل أمل نحو المستقبل.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP