الجديد

نداء تونس .. "وجع" الرئيس السبسي !

كتب: منذر بالضيافي
اجتمع الرئيس الباجي قايد السبسي صباح اليوم الاثنين 21 جانفي 2019، بعدد من قادة حزب “نداء تونس”، في محاولة متكررة منه للمساعدة في اخراج الحزب، من أزمته التي أصبحت “مزمنة” وبلا قرار، أزمة “تمددت” و رمت بظلالها على المشهد السياسي والحكومي وكذلك المجتمعي.
و تحولت مشاكل النداء الى “وجع” للرئيس السبسي، خصوصا بعد تراجع دوره ومكانته، وهو الذي أصبح في “المعارضة”، برغم أنه  الحزب الفائز بالأغلبية في اخر انتخابات تشريعية، وضع الحزب ساهم في “اضعاف” الرئيس، و برز ذلك في “عجزه” عن حسم “المواجهة” مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد في البرلمان، بسبب تغير موازين القوى البرلمانية، بعد تراجع كتلة النداء الى المركز الثالث، وظهور كتلة مساندة لرئيس الحكومة، وكذلك دعم كتلة النهضة “للاستقرار الحكومي”، بقيادة الشاهد.
للإشارة، فقد سبق للرئيس السبسي، أن تدخل في أكثر من مناسبة “لحلحلة” مشاكل “نداء تونس”، لكنه لم يفلح في تقريب وجهات نظر “القيادات المتصارعة”، ليتفكك الحزب تنظيميا، و “تفرخ” منه أحزاب، كما تشققت وانقسمت كتلته البرلمانية. فهل سيكون “التدخل” الرئاسي هذه المرة مفيدا ويساهم في لملة جراح الحزب أم سيفشل الرئيس في مسعاه مرة أخرى؟
في تصريح لبرنامج “البلاد اليوم” على الاذاعة الوطنية قال القيادي في الحزب بوجمعة الرميلي “ان اللقاء الذي جمع هذا الصباح قيادة النداء و لجنة الاعداد للمؤتمر برئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، جاء بطلب منه، للحديث حول اخر التحضيرات الجارية للمؤتمر باعتباره الريس الشرفي للحزب و اكد الباجي ان لا نية له للترشح للانتخابات الرئاسية القادمة و ان ترشحه مشروطا بنجاح المؤتمر القادم و ترشيحه له “.
مرة اخرى، يربط الرئيس السبسي مصيره (الترشح للرئاسيات المقبلة) بمصير تعافي حزب “نداء تونس”، مثلما أشار الى ذلك القيادي في الحزب بوجمعة الرميلي، ما يعني أن الرئيس أراد تحميل قيادة الحزب المسؤولية لا في انقاذ الحزب فقط، بل أيضا كشرط لاستمراره هو  في الحياة السياسية، عبر الترشح للرئاسيات القادم. فالرئيس السبسي يدرك جيدا أن “نقطة ضعفه” تمثلت في تراجع الحزب وتفككه، كما أنه على بينة بأن “نقطة قوته” أيضا هي في الاستناد الى حزب قوي وله امتداد شعبي، على غرار ما حصل في الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2014، التي أفرزت فوزا في التشريعيات والرئاسيات، وهذا الشرط لا يمكن أن يتحقق الا عبر التسريع بإنجاز مؤتمر وطني انتخابي يفرز قيادة شرعية.
يدرك الرئيس الباجي قايد السبسي جيدا أن السياسة لا تمارس الا عبر أحزاب قوية ومؤثرة، قناعة مردها تجربته الشخصية، سواء أثناء العمل الحزبي مع الرئيس الحبيب بورقيبة، أو أثناء تأسيسه لحزب “نداء تونس” (2012) الذي استطاع كسب الرهان، من خلال اعادة التوازن للمشهد السياسي، الذي كان مختلا لفائدة “النهضة” الاسلامية”، والفوز في الانتخابات واستعادة السلطة، فضلا عن حماية “النمط المجتمعي” و المكاسب العصرية لدولة الاستقلال. ولعل لقاء الرئيس السبسي بقيادة النداء الحالية يندرج في اطار لا التحسيس فقط بل الدفع وتحميل المسؤولية لإخراج الحزب من أزمته.
يندرج لقاء اليوم في اطار بداية “ديناميكية” داخل الحزب، تمثلت في تحديد موعد 2 و 3 مارس القادم لإنجاز المؤتمر الوطني الانتخابي الأول، وعودة الاجتماعات بهياكل واطارات الحزب في عدد من الجهات. لعل أبرزها الاجتماع الذي عقدته اللجنة الوطنية للإعداد للمؤتمر يوم السبت 19 جانفي 2019 بنابل، وهو أول اجتماع جهوي لها منذ بدء أشغالها، من مدينة نابل التي تعد أحد أهم معاقل الحزب.
حضر اجتماع نابل الذي  عدد هام من القيادات التاريخية المؤسسة لحركة “نداء تونس”، ومثل مناسبة  أكد خلالها كل المتدخلين على تمسكهم بإنجاز مؤتمر انتخابي ديمقراطي بدون اقصاء، يكون قادرا على افراز قيادة شرعية تعيد ترميم هياكل الحزب وصورته، التي تضررت بفعل الانقسامات والتشتت الذي اثر سلبا على وزنه و موقعه في الحياة السياسية وفي مؤسسات الحكم.
وهي ذات الرسالة التي أكد عليها الرئيس السبسي اليوم الاثنين 21 جانفي الجاري خلال لقاؤه بعدد من قيادة الحزب، مثلما أكدت ذلك أطراف حضرت اللقاء لموقع “التونسيون”.
ذات المصادر أضافت ل “التونسيون” بأن الرئيس يريد أن يكون المؤتمر القادم مناسبة لتصعيد قيادة شرعية تنهي الأزمة، وتعطي انطلاقة جديدة للنداء، حتى يكون قادرا على الاعداد للاستحقاقات الانتخابية المبرمجة لنهاية السنة الحالية، خصوصا وأن الحاضنة الشعبية للحزب ما زالت متوفرة، وهو ما أكدته كل عمليات سبر الآراء، التي ما زالت تعطي مكانة متقدمة للنداء عند الناخب التونسي.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP