الجديد

الصفقات تغيّب ملف خاشقجي

مختار الدبابي *
لا شك في أن تركيا، ستخيب آمال الكثيرين، من الذين راهنوا على أنها ستقتص لهم من السعودية، من بوابة قضية جمال خاشقجي، وأنها ستقدم كل الحقائق، مستندين إلى سقف التسريبات العالي والقصص الموغلة في الغرابة.
ولم تكن تلك التسريبات الموغلة في التشويق، سوى فرش صاخب لحل ودي مع السعودية.
مؤشرات كثيرة تدل على أن ملف خاشقجي سيطوى، من خلال صفقة بين تركيا والسعودية، تقوم على تحميل مسؤولية مقتل خاشقجي لأشخاص “متنطعين”، من داخل النظام وعلى رأسهم القنصل السعودي في اسطنبول.
تصريحات العاهل السعودي التي تمتدح تركيا، وتصفها بالشقيقة، وأن العلاقات الثنائية “لن ينال أحد من صلابتها”، إشارة واضحة إلى أن قضية خاشقجي ستجب ما قبلها من خلافات، وخاصة من غضب سعودي على دعم تركيا لقطر وتمركز قواتها في قاعدة قريبة من السعودية، فضلا عن انحيازها لإيران.
تركيا استوعبت، خلال أزمتها الأخيرة مع الولايات المتحدة، ومن قبلها مع روسيا على خلفية إسقاط مقاتلة السوخوي في نوفمبر 2015، ضرورة استيعاب الاستثمارات الخليجية (السعودية أساسا) والسياح الخليجيين كبدائل للضغوط الغربية.
وجاءت قضية خاشقجي هدية من السماء لتستعيد الاستثمارات الخليجية، ليس من موقع ضعف، ولكن من موقع قوة معزز بالتسجيلات والتسريبات.
وفي عالم السياسة المصلحة مقدمة على القيم. لكن المثير، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، استبق الكشف عن “الصفقة/ التخريجة”، وقال في تصريحات له بعد مكالمة مع الملك سلمان إن “عناصر غير منضبطين” (من داخل النظام السعودي) قد يكونون وراء مقتل خاشقجي..
وقال ترامب إنه تحدث مع العاهل السعودي لنحو 20 دقيقة بشأن خاشقجي وأن الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد ليس لديهما علم بشأن ما يمكن أن يكون حدث.
المعنى من هذا، أيها السعوديون بدل أن تتوصلوا لصفقة مع تركيا تبرئ ولي العهد، ها أنا أعطيكم تخريجة مقبولة، وأنا أولى بالأموال التي ستدفعونها، التي قد تحصل عليها تركيا من وراء الصفقة. كما أعفيكم من التنازل لأردوغان وأنتم مضطرون لمجاراته.
لكن من المفيد الإشارة إلى أن السعودية ليست غاضبة من تسريبات تركيا، ولا لتعاملها مع اختفاء خاشقجي كمصباح علاء الدين تأمره فيستجيب، لكنها غاضبة من الاستثمار القطري للقضية، وقناة الجزيرة التي حولت الحادثة إلى أم المعارك مع الرياض. ولسان حالهم يقول: نتحمل حملات الأجانب وإهانتهم وابتزازهم، لكننا لا نقبل ذلك أبدا منا فينا.

  • كاتب واعلامي

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP