الجديد

تحيا تونس .. يحيا بورقيبة

مازري طبقة
اختار فريق الشاهد ان تكون المنستير محطة ختامية جامعة لمراطون من الاجتماعات الجهوية “التشاورية” قصد بعث مشروع سياسي يكون يوسف الشاهد رئيس الحكومة قائده , مشروع سياسي لا تزال ملامح برنامجه السياسي غير واضحة رغم ان التوجه الوطني الاصلاحي سمته بارزة سواء من خلال الخلفية السياسية التي تربى فيها اغلب من هم في واجهته اليوم او من خلال التصريحات الاعلامية التي سبقت او تخللت مرطون الاجتماعات التشاورية الجهوية.
سيل من الانتقادات و الملاحظات منها البريء  و منها ما يخفي عداءا سياسيا مسبق الاضمار تهاطل و اغرق الساحة الاعلامية و السياسية في ضرف وجيز و لكن من ابرزها الرسالة او الهدف السياسي من وراء اختيار المنستير محطة ختامية و التي اجمع اغلب من تناولها انها تريد اخذ نصيب من “الارث البورقيبي” و اعلان الولاء للفكر البورقيبي الذي اسس للدولة الحديثة معتمدا على سيادة القرار السياسي الوطني و غيرها من مناقب هذا الفكر السياسي الحداثي المستنير.
الشاهد كان قد احدث المفاجئة في اخر ذكرى لوفاة الزعيم الحبيب بورقيبة و حضر ضمن الموكب الرسمي لرئيس الجمهورية في روضة آل بورقيبة و هو الذي تغيب في السنة الماضية عن الحضور, خطوة و ان غابت عن الكثيرين الا انها تشكل القطعة الرئيسية في تحليل توجهات الشاهد خاصة و انها تزامنت مع بداية المواجهة بينه و بين المؤسس الباجي قائد السبسي, اضافة الى ان يوسف الشاهد كان حاضرا بنفسه في ختام الحملة الانتخابية للانتخابات البلدية لحركة نداء تونس بالمنستير.
الشاهد اذا اختار أن يكون له نصيب من الفكر البورقيبي و هو امر لا عيب فيه و لا غرابة اذا ما اعتبرنا ان الشاهد كما صرّح عدة مرات انه نتاج للتعليم العمومي الذي اسس له الزعيم الحبيب بورقيبة, اضافة الى الخطاب المجدد الذي اعتمده الشاهد صحبة فريقه المقرّب الذي تميز بروح الشباب و التجديد. ليس في الامر تناقض بين التجديد و الالتزام بالفكر البورقيبي بما انه هذا الفكر قدم الدليل انه لا يزال صالحا لزماننا هذا و امام ما يواجه الدولة من تحديات و عقبات.
لست بصدد التنضير لمشروع الشاهد او حتى تبرير اختياراته و لا حتى بصدد الترويج لفكر سياسي بعينه و لكن القراءة الموضوعية لتسلسل الاحداث بكل حيادية و قبل الخوض في الحصيلة السياسية للشاهد كرئيس حكومة, تجعلنا نجزم ان اختيار مدينة المنستير محطة ختامية للاجتماعات الجهوية امر منطقي في ظل التصحّر السياسي رغم كثرة الأحزاب.
الفكر البورقيبي بالنسبة لمعشر السياسيين في تونس هو بمثابة رسالة يريدون من خلالها كسب ثقة الشعب الذي يرى في سيرة الزعيم سياسيا محل ثقة و اطمئنان و احالة مباشرة على مفهوم الدولة الراعية و الحامية, مفهوم يستحوذ على مشاعر شعب عاطفي بامتياز يبحث عن صورة الأب الراعي و الذي يحتل صدارة المعركة لحماية مكتسباته و لقمة عيشه.
من المنظور الجغر- سياسي فان اقليم الوسط مترابط انتخابيا و التأثير بين مختلف مناطقه متبادل لعدة اعتبارات منها الترابط الاقتصادي و العائلي بينها, و عليه فان اختيار فريق الشاهد على مدينة المنستير محطة ختامية تحيل الى مغازلة واضحة و صريحة لهذا الخزان الانتخابي المهم و المؤثّر سواء في نتائج صندوق الاقتراع او في صناعة الرأي العام.
الحكم على النوايا يبقى نسبي و يخضع لعدة اعتبارات و عليه فان البرنامج السياسي لهذا المشروع ” ان اكتمل فعليا” سيكون له تأثير كبير على مدى القبول الذي سيلقاه المشروع لدى عموم التونسيين و ل يكون لـ”الوجوه السياسية البارزة” اي فاعلية في توجيه الرأي العام لان اغلب تلك “الوجه” اما مُستهلكة او عُرفت بنتائج غير جيدة في مختلف الاحزاب او المواقع الحكومية التي مرّوا بها و حسب اعتقادي ان اكبر و اهم عامل سيكون له فاعلية في مستقبل “تحيا تونس” هو مدى قدرته على اكتساب ثقة الشعب و خاصة فئة الشباب الذي كان و لا يزال بالنسبة لعوم السياسة فئة “قاصرة” تحتاج لرعاية خاصة و دور للشباب للترفيه و الحال ان الشباب هم قادة المستقبل.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP