الجديد

النهضة في مواجهة استحقاقات 2019 .. صراع تثبيت الوجود والاندماج السياسي  

تونس- التونسيون
نشر موقع مركز “كارنجي” (31 جانفي 2019) للبحوث مقال مطول بالانقليزية، حول “تحولات” حركة النهضة في تونس، وذلك تحت عنوان “ سياسيون أم دعاة؟ ما الذي يعنيه تحول النهضة لتونس؟”. وفي سياق تتبع مسار ومستقبل أو مصير “مراجعات” اسلاميي تونس، يتطرق المقال الى أفق هذه المراجعات، في علاقة بالاستحقاق الانتخابي الهام الذي ستعرفه تونس نهاية السنة الجارية، اذ يقول صاحب الدراسة (Fabio Merone، فابيو ميروني هو مساعد ما بعد الدكتوراه في مجموعة أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في جامعة غينت في بلجيكا ، حيث يهتم عن بالإسلام السياسي والسياسة الشرق أوسطية المعاصرة (أن حزب حركة النهضة سيكون أمام اختبار بعد الاستحقاقات القادمة: هل سيعزز موقعه كلاعب سياسي رئيسي في تونس أم أنه سيعمق انقساماته الداخلية، في حالة الهزيمة الانتخابية؟. كما أشار صاحب المقال، الى أنه لا تزال تونس تواجه التناقض في وجود نخب سياسية تدعو إلى الديمقراطية دون أن تقبل بشكل كامل حزبا إسلاميا قويا. منذ عام 2011 ، تعاني البلاد من هذه المعضلة. وقد يعني جو انعدام الثقة في السياسة الوطنية اليوم أن هذه الحالة ستستمر بلا حل.
بعد التطرق للجدل بين السياسي والديني داخل الحركة، بعد عودتها للنشاط العلني، اثر ثورة 14 جانفي 2011، يعتبر الباحث أنه وخلال المؤتمر الذي عقدته الحركة سنة 2012 ، أجل حزب النهضة قرار فصل الأدوار بين السياسي والديني، وحينها رأت القيادة أن البيئة السياسية لا تزال غير مستقرة للغاية لتنفيذ مثل هذا التغيير الدراماتيكي دون عواقب وخيمة. في ذلك الوقت ، كان حزب  “حركة النهضة” مدفوعا في اتجاهين: طلب ملح وضاغط من القوى العلمانية لإظهار مصداقيته الديمقراطية ، في حين طالب الإسلاميون المتطرفون حزب النهضة بلعب دور ثوري، في تلك اللحظة السياسية فضلت “النهضة” عدم  قطع العلاقات مع الخزان الانتخابي، واستمرت في تواصلها مع مختلف مكونات الساحة المحافظة والاسلامية، بما في ذلك التيارات السلفية المتطرفة، وهذا ما جعلها تحقق انتصار كبيرا في انتخابات 2011.
استمر التداخل بين السياسي والديني، من خلال بعث نسيج من الجمعيات كانت بمثابة رأس الحربة التي توظفها حركة النهضة في صراعها السياسي، ليستمر هذا الوضع الى جويلية 2013، تاريخ اغتيال النائب محمد البراهمي، وحصول تحولات اقليمية هامة في علاقة بالأحزاب ذات المرجعية الاسلامية، بعد الانقلاب على نظام الاخوان في مصر، وهو ما فرض واقعا جديدا على “النهضة”، بدأ بالخروج من الحكومة، فضلا عن بداية الدخول في “مراجعات” سيتم الاعلان عنها في مؤتمر الحركة العاشر، في 2016. في الواقع، كانت المراجعات المعلن عنها، وأهمها الفصل بين السياسي والدعوي، في رأي الباحث فابيو ميروني، لا تعدوا أن تكون مجرد تقسيم للعمل، أكثر مما هي فصل واضح بين الحزب والحركة. كما يعتبر ميروني “أن هذا الترتيب الجديد لم يكن جهداً مكيافيلياً لخداع المعارضين السياسيين والمجتمع الدولي ، بل كان استجابة للحالة السياسية الجديدة”، التي فرضت على حركة النهضة. ومع ذلك فان هذا التقسيم الوظيفي، قد أثر على الحركة، برز ذلك من خلال تراجع شعبيتها في انتخابات 2014 وكذلك في بلديات 2018، بما يعني أنها قد خسرت جزء مهم من خزانها الانتخابي المحافظ، كما أثر أيضا  – وان بصفة جزئية – على التماسك الداخلي للتنظيم، دون أن يحدث تصدعا، ليظهر حزب “النهضة”، أنه قادر على إدارة تناقضاته الداخلية، وأنه يمكن أن يتطور نحو مزيد من التسوية والاعتدال.
يختتم الباحث في مركز “كارنجي” فابيو ميروني بحثه حول حركة “النهضة”، بالتطرق الى مستقبل الحركة على ضوء الاستحقاقات المبرمجة للسنة الحالية (2019)، التي يرى أنها ستكون “سنة من عدم اليقين”. وهنا يقول فابيو ميروني، أن ” حركة النهضة” تبقى لاعباً رئيسياً في السياسة التونسية، رغم أنها فقدت بعض التأييد، بعد إعطاء الانطباع بأنه تخلى عن الجانب أو البعد الدعوي. كما أن على الحزب أن يضمن أن الانقسامات الداخلية لن تصبح دائمة.
كما يجب على حزب النهضة أن يأخذ في الحسبان حقيقة أنه في تونس ، هناك مناخ عام من عدم الرضا عن السياسة الحزبية أي على أداء الأحزاب ، الأمر الذي قد يؤثر سلباً علي الحركة.
ويقول الباحث ميروني، أن لدى النهضة الخيار بين مسارين في السنة القادمة: إذا فاز الحزب بأغلبية الأصوات في الانتخابات البرلمانية لهذا العام ، فإنه يمكن أن يعزز موقعه باعتباره الفاعل السياسي الرئيسي في البلاد ويكتسب الثقة في تحوله الذي بدأ في عام 2016.  أما الخيار الثاني، وهو في حالة الهزيمة، فان ذلك سيؤثر بشكل سلبي وكبير على الفصل بين السياسي والدعوي. ومع ذلك ، فإن الظروف الحالية تخلق العديد من أوجه عدم اليقين الأخرى. أولاً ، لا يوجد ضمان بأن تقبل القوى العلمانية مشاركة النهضة في الحكومة. ثانياً ، قد يؤدي الاضطراب الاجتماعي والاقتصادي المنتشر في تونس إلى اضطرابات مزمنة وأعمال شغب. يمكن لمثل هذا الوضع ، إلى جانب التهديد الإرهابي المستمر ، أن يؤدي إلى نوع من الوصاية من جانب التكنوقراط الوطنيين والمؤسسات المالية الدولية ، مما يجعل مهمة النهضة أكثر صعوبة بالنسبة للإدارة واستمرار الاندماج في الحياة السياسية وخاصة في مؤسسات الحكم.
هذا السيناريو يشكل مخاطر جوهرية على النهضة وسيشكل ضربة خطيرة للاستثناء الديمقراطي التونسي.  لا تزال تونس تواجه التناقض في وجود نخب سياسية تدعو إلى الديمقراطية دون أن تقبل بشكل كامل حزبا إسلاميا قويا. منذ عام 2011 ، تعاني البلاد من هذه المعضلة. وقد يعني جو انعدام الثقة في السياسة الوطنية اليوم أن هذه الحالة ستستمر بلا حل.
 
رابط المقال:
 
Politicians or Preachers? What Ennahda’s Transformation Means for Tunisia
FABIO MERONE
 
https://carnegie-mec.org/2019/01/31/politicians-or-preachers-what-ennahda-s-transformation-means-for-tunisia-pub-78253?fbclid=IwAR0Tbo7ooLpwwrBHztr7ElrdTwfkQ1KuAQXmLq4aFYUyCtpM3S46EqjBctE
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP