الجديد

البنك المركزي: دوامة التضخم و الاكراهات الضرورية

أمال الورتتاني
أثار القرار الصادر عن مجلس ادارة البنك المركزي بالترفيع في النسبة المديرية ب 100 نقطة ليمرّ من من 6,75% الى 7,75% جدلا واسعا لدى الاوساط الاقتصادية المالية و السياسية الاجتماعية و عموم المواطنين.
خاصة و انّ الترفيع في هذه النسبة بدأ منذ افريل 2017 لتليها ترفيعات أخرى في ماي 2017 و جوان 2018 ثمّ الترفيع الاخير بتاريخ 19 فيفري 2019
جاء قرار البنك المركزي تحت تأثير العوامل المساهمة في استمرار التضخم المالي و التي لا تزال قائمة و مفزعة في آن واحد. فقد ساهم العجز الغير مسبوق في الميزان التجاري في عدم القدرة على الضغط في سعر صرف الدينار حيث تراجعت قيمة الدينار في المعدل ب 12,9 مقابل الاورو و ب 8,6 مقابل الدولار.
كما ساهمت الزيادات في الاجور في تحسين المقدرة الشرائية لكنها للأسف لم تكن مصحوبة بزيادة معادلة في الإنتاجية التونسية أي الثروة المنتجة لكل ساعة عمل حيث تكون الزيادة في الأجور إعادة توزيع عادية للقيمة المضافة.
وبالتالي  فان عدم تفعيل سياسة نقدية باتخاذ تدابير شجاعة و موجعة ستكون لامحالة باهضه الكلفة على مستوى ارتفاع نسبة التضخم الذي يهدّد المنهج المتبع لتعافي الاقتصاد و المؤثر المباشر على الاستثمار الداخلي و الخارجي و الشرائح الاجتماعية ضعيفة الدخل.
بالإضافة الى ذلك فان المؤشرات الرئيسية للتضخم لا تزال مستقرة في مستويات مرتفعة بالمقارنة مع السنوات المنقضية و التي تهدد بمزيد ضغط الظاهرة كنتيجة لأزمات ذات بعد ظرفي و هيكلي, نذكر منها الزيادة في الضرائب و الأداءات الموظفة بموجب قانون المالية لسنة 2018 و ارتفاع الاسعار العالمية للمواد الاولية
كذلك عدم القدرة على التحكّم في مسالك التوزيع التي تزداد حدة بالتوازي مع التجارة الموازية و التهريب بما له من تأثير على نقص مداخيل الدولة و بالتالي مزيد من الضغط على الميزانية العمومية. أما البعد الهيكلي فيتمثل اساسا في الاختلال الغير مسبوق للميزان التجاري الذي بلغ 11% من اجمالي الناتج المحلي سنة 2018 و المؤثر المباشر على سعر صرف الدينار بالمقارنة مع العملة الاجنبية.
و لمجابهة كل هذه المخاطر فإنّ قرار مجلس ادارة البنك المركزي بالترفيع في نسبة الفائدة المديرية التوجيهية في اطار العمل على تحديد نسبة الفائدة في السوق النقدية التي تطبّقها البنوك يعد اجراءا ضروريا للتقليص من ارتفاع نسب التضخم و تفاقم العجز التجاري أمام تآكل العملة الصعبة و ذلك بمزيد الضغط على سعر الصرف و حجم اعادة التمويل والتخفيض في استهلاك المواد المورّدة و معالجة انزلاق الدينار الى مستويات منخفضة.
بالتوازي مع حسن ادارة الودائع و تحجيم اللجوء الى التمويل من البنك المركزي بما له من تداعيات على الحجم المالي لإعادة التمويل.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP