الجديد

في ذكرى تأسيس هيئة 18 أكتوبر..  حينما كان جمع المُختلفين ممكنا

 
 
درصاف اللموشي
سبقت فترة الاطاحة ببن علي هزات هزت عرش حكمه ورغم أنها لم تستطع أن تُزيحه الا أنها مثلت مصدر أرق لنظامه حاول كتمها والتضييق عليها ووصل صداها الى الاعلام الأجنبي والمنظمات العالمية لما حملته بياناتها من من حدّة، أهمها هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات.
 
الغاء التنافر واعلان التوحد
أكثر من 7 أحزاب و10 منظمات حقوقية انضمت للهيئة في مثل هذا اليوم من سنة 2005، السبب الرئيسي لتجمعهم كان الاحتجاج على قمة المعلومات التي احتضنتها تونس تلك الفترة، لكن سرعان ما تناسى السبب أمام الزخم الذي أحدثته الهيئة والأحزاب والمنظمات التي تآلفت فيها بينها، حيث لم يمنع أعضاء الهيئة تباعدهم الإيديولوجي والسياسي والفكري من التصاهر، أرادوا أن يكونوا مكونا واحدا يساريين ويمينين وإسلاميين وقضاة وصحفيين وحقوقيين، الى غاية 2009 التي تعتبر المحطة الصادمة في تاريخ الهيئة وبداية انهيارها، عندما قرّر عدد من أعضائها الترشّح للانتخابات الرئاسية ومنافسة بن علي ولو صوريا كالحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وحركة التجديد وهو القرار الذي أثار حفيظة بقية مكونات الهيئة.
 
الابتعاد عن الأم
 
الأم التي جمعت أبنائها في تلك الفترة تحت سقف واحد ولقمة لم تعد قادرة على ابقائهم معا، فقد شق كل واحد طريقه بعيدا عن الآخر  وسكن منزلا جديدا جدرانه غير القديمة وسكانه غير الأحبة السابقين، ووصلت العلاقات فيما بينهم الى حدّ الانقسام والتشرذم والاتهامات فيما بينهم والتصريحات النارية وحتى التخوين أحيانا، طيف جديد مُتلوّن شكّل سياحة حزبية تتغيّر خارطته كل شهر، والغريب أن الأعضاء الثمانية الفاعلين في الهيئة والذين خاضوا اضراب جوع حينها لا يتصدّرون المشهد السياسي حاليا وأبرزهم أحمد نجيب الشابي ومحمد الهمامي، كما أن حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية خيّرا الافتراق كليا بعد انتهاء تجربة الترويكا مباشرة اثر انتخابات 2014، ليندثر حزب المؤتمر تقريبا ويتأسس على أنقاضه حراك تونس الإرادة، وتفضّل حركة النهضة التوافق مع نداء تونس وتشكيل الائتلاف الحاكم.
 
بعد الثورة: البحث عن هيئة تجمع لا تُفرّق
بعد مرور أكثر من 7 سنوات من الثورة، تنتظر الساحة السياسية ولادة هيئة شبيهة بهيئة 18 أكثر تُجمّع لا تُفرّق، هيئة تضم أغلب الأوان على اختلافها وحدّتها تقبل الرأي الآخر والفكر الآخر، ولا تبحث قيادتها عن مجد جديد ومصالح ضيقة وعشق للسلطة بل للعمل السياسي والواقعية بعيدا عن التشويه وتراشق التهم وتوزيع الغنائم، وتسعى لهدف واحد، فالانصهارات الحالية داخل حزب واحد غالبا ما تُلغي أحد أطرافها ويبقى الطرف الآخر أقوى لعل السبب الأساسي في ذلك أن التوافق وقع لحشد عدد أكبر من الأنصار ضدّ طرف مُعيّن، فقوّة التوافق ليس في التجييش بل في تجميع المُختلفين.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP