الجديد

تحيا تونس .. بداية متعثرة، والحل عند الشاهد !

منذر بالضيافي
يمر اليوم، الثلاثاء 27 فيفري، شهر على اعلان المسار التأسيسي لحركة “تحيا تونس”، وذلك من مدينة المنستير الساحلية، ذات “الارث السياسي” الهام، الذي ما زالت له “سطوة” على الحياة السياسية، خلال هذا الشهر تبدو  الانطلاقة “متعثرة”، وليست في مستوى الانتضارات، التي أعلن عنها أصحاب المشروع، بكون المولود الجديد سيكون “كبيرا”، كما كان الأمر مع “نداء تونس”، سنة 2012، الذي أحدث ومنذ لحظة الاعلان – وحتى قبلها –  “رجة” في الحياة السياسية، التي كانت مختلة لفائدة الحركة الاسلامية (النهضة)، مثلما هو حال المشهد السياسي اليوم، سواء في الحكم أو في الخارطة الحزبية. لكن، السؤال الذي يطرحه جل المتابعين – في الداخل والخارج – هو التالي: هل أن باستطاعة القائمين على حركة “تحيا تونس” تدارك البداية المتعثرة ؟
تجدر الاشارة، الى أن البداية الصعبة تجد مبرراتها في عاملين اثنين، الأول ذاتي، ويخص الفريق المبشر بهذا “المشروع السياسي” الجديد، في ما يتلخص العامل الثاني، في معطى موضوعي، ويتعلق بالسياق السياسي والمجتمعي العام، الذي تم في اطاره ميلاد الحركة السياسية.
اخترنا في هذه الورقة/ المقال، التركيز على  الجانب الذاتي، وستكون لنا عودة في مقال ثان للجانب الموضوعي، المتعلق أساسا بشيوع مظاهر اليأس من السياسيين ومن الأحزاب السياسية، وكذلك من “وقع” و “تأثير” حصيلة الحكم السلبية على بروز حزب سياسي يقوده رئيس حكومة مباشر، يعاني من مخلفات حصيلة الحكم، ومن ما نطلق عليه : “الحكم يهري”، وفق العبارة التونسية المتداولة.
في المستوى الذاتي، لم يستطع “قادة” المشروع السياسي الجديد التخلص من “ارث نداء تونس” و من “جلباب الباجي قايد السبسي”، ما جعل المراقبين يجمعون على أن ما تم الاعلان عنه، لا يعدوا أن يكون مجرد استنساخ لحركة “نداء تونس” في صورتها الحالية، أي بعد أن اضمحلت وتفككت وتراجعت قواها بفعل الانشقاقات والصراعات، ليبرز المولود الجديد في صورة “شق” يضاف الى بقية “الشقوق” التي خرجت من رحم “النداء التاريخي” وعجزت على أن تكون بديلا عنه، على غرار حركة “مشروع تونس” لمحسن مرزوق، و”بني وطني” لسعيد العايدي، و “تونس أولا” لرضا بلحاج …
وهذا يكشف عن وجود عجز هيكلي أو بنيوي في “العقل السياسي” للمنشقين عن “نداء تونس”، وبالتالي يكشف عن محدودية في المخيال السياسي لدى الطيف الواسع من هؤلاء، وهو ما برز الى حد الان مع حركة “تحيا تونس”، برغم أنها “كيان” سياسي انطلق بأسبقية مهمة، تتمثل في وجود كتلة برلمانية وازنة ومؤثرة (كتلة الائتلاف الوطني)، والأهم يتمثل في وجود سند للحركة على رأس السلطة التنفيذية، وما يعنيه ذلك من أفضلية، في ظل وجود ثقافة سياسية لها “قابلية” للخضوع للسلطة التنفيذية، ويتمظهر ذلك خاصة لدى الادارة خاصة الجهوية و لدى رجال الأعمال، فضلا عن انتشار “ثقافة” “الزبونية” في التعاطي مع الأحزاب الموجودة في الحكمأساسا، ومن بينها حركة “النهضة”، التي استفادت من “ريع” و “مزايا” السلطة، وهو ما يفسر تمسكها منذ 2011 بالتواجد في منظومة الحكم.
وهنا نلاحظ أن حركة “تحيا تونس”، أظهرت ارتباكا كبيرا في استثمار وجود “زعيمها” يوسف الشاهد على رأس السلطة التنفيذية، وذلك بفضل “يقظة” القوى السياسية والنخب، التي سارعت الى التنبيه الى خطورة ميلاد “حزب الحكومة”، ما جعل جماعة “تحيا تونس” في وضعية الدفاع، والارتباك (تعيين شوقي قداس لرئاسة المؤتمر، ثم التراجع عنه بعد ضجة اعلامية).
وهذا مرده غياب “الحجة السياسية” و “الكفاءة السياسية” في الخطاب وفي الاتصال، التي كشفت عن وجود تردد في الحماسة للمشروع، بين مختلف مكوناته الرئيسية، فضلا عن كونها كشفت عن “صراع زعامة” صامت أو مؤجل، يتوقع أن يتمظهر أكثر في قادم الأيام.
ولعل هذا ما يفسر التصريحات الأخيرة، سواء من قبل “المنسق العام” للحركة سليم العزابي، أو بعض نواب كتلة “الائتلاف الوطني” مثل وليد جلاد الذين أكدوا على أن ”  رئيس الحكومة يوسف الشّاهد هو الزعيم السياسي لحزب تحيا تونس، لكنّه حاليا لا يستطيع الدخول من قريب أو من بعيد للحزب”، مثلما صرح بذلك اليوم، النائب مروان فلفال لاذاعة “اكسبراس أف أم”.
وهي تصريحات، المراد منها تجاوز حالة الارتباك، ثم محاولة اعطاء دفع جديد لبداية متعثرة، والأهم “توظيف” مكانة وموقع رئيس الحكومة، الذي تعطيه كل عمليات سبر الآراء أسبقية، في كسب الدعم والتأييد، وتجاوز مخلفات “التشويش” الحاصل، حول زعامة الحزب.
فالتونسي لا يريد ولا يحبذ زعامة برأسين، فالمزاج المجتمعي والشعبي السائد، هو مع فكرة زعيم واضح، وله معاونين ومتكلمين باسمه، لكن دون منازعته “الزعامة”، وهذا ما حصل في تجربة “نداء تونس” مع الرئيس الباجي قايد السبسي، الذي حمل راية المشروع، وكان معبرا عنها. فهل سيقرر رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، الخروج للعلن ومسك قيادة الحزب بنفسه؟ وما هي تداعيات ذلك – لو حصل – على وحدة حركة “تحيا تونس” وعلى “الشراكة” مع حركة “النهضة” ؟ وهل سيكون هذا الخروج – لو حصل – اشارة منه للشروع في تجميع كل مكونات العائلة السياسية الوسطية والديمقراطية بما في ذلك حركة “نداء تونس” ؟
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP