الجديد

المشهد السياسي: "محسن مزروب"، "الشاهد صامت" و "النهضة" تراقب

كتب: منذر بالضيافي
في حوار مع يومية “المغرب”، الجمعة 19 أكتوبر 2018، قال الأمين عام لحركة مشروع تونس، محسن مرزوق، أنّ “الوقت حان لبناء مشروع سياسي يضمّ مكونات النداء التاريخية”، وأشار الى وجود “نقاشات” بين الجهات المعنية بهذه “الكتلة التاريخية”،  وأنّها “شملت رئيس الحكومة يوسف الشاهد”، وفق تأكيد مرزوق.
تتزامن هذه “المشاورات” و “النقاشات”، حول بناء “المشروع الوطني العصري”، الذي هو بالضرورة في مواجهة “المشروع المحافظ أو الاسلامي”، الذي تتزعمه حركة “النهضة”، مع حوارات أخرى “موازية” يجريها محسن مرزوق نفسه مع حركة “النهضة”، حول توسيع الائتلاف الحاكم الحالي، ليضم الى جانب “النهضة” و “كتلة الائتلاف الوطني” التابعة لرئيس الحكومة، كل من حركة “مشروع تونس” و “حزب المبادرة الدستورية”، برئاسة وزير خارجية بن علي الأسبق، كمال مرجان.
يذكر أن محسن مرزوق، كان من الذين نظروا و أشرفوا على تنزيل ما أصبح يعرف في المشهد السياسي التونسي “بتوافق الشيخين”، سواء في خطته كمستشار للرئيس الباجي قايد السبسي، أو بعد انتقاله لتولي خطة الأمانة العامة لحركة “نداء تونس”.
وبالتالي فان مرزوق الذي عرف بانتقاده للتيار الاسلامي هو مهندس التحالف مع خصومه مع الرئيس السبسي ولا يرى مانعا في الاستمرار في هذا التحالف بقيادة رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
لكن، في المقابل يخطط صاحب “مشروع تونس”، الى بناء تحالف  يضم مكونات أو روافد “النداء التاريخي” وفق تعبيره، أي بدون الاسلاميين، على اعتبار وأن “النداء التاريخي” قام على تباين مع التيار المحافظ/الاسلامي.
ما يجعل من احياء مكونات “النداء التاريخ” يفهم على أنه يندرج ضمن تحالف “استراتيجي” في مواجهة الاسلاميين الذين لا يمانع مرزوق من “التحالف الظرفي” معهم في ادارة المرحلة الحالية، وهو ما سيغذي “الريبة” و “الشك” لدى جماعة النهضة، خاصة وهم الذين ما زالوا يصنفون مرزوق (القيادي اليساري السابق في الحركة الطلابية) على أنه ضمن ما يعرف في أديباتهم ب “تيار اليسار الاستئصالي”، على خلاف نظرتهم لرئيس الحكومة، يوسف الشاهد وأيضا للتيار الدستوري، الذين يقبلون بالتعايش مع الاسلاميين.
كما يعتبر عدد كبير من أنصار و قيادات حركة النهضة، أن اليسار التونسي مازال يرفض ادماج الاسلاميين، في الحياة السياسية وفي الحكم، وأنهم يخططون لا حياء ثنائية اسلامي/علماني، القائمة على فكرة اقصاء الاسلاميين من ادارة الشأن العام.
بالعودة لدعوة محسن مرزوق في لم شتات “النداء التاريخي”، لابد من الاشارة الى أن الرجل فشل خلال السنوات الأخيرة، ومنذ خروجه من “نداء تونس” واعلانه بناء كيان سياسي خاص به (مشروع تونس)، فشل في توسيع قاعدة هذا “المشروع”، برغم الامكانيات المادية وكذلك الأرضية المناسبة التي وضعت تحت تصرفه.
لعل هذا ما يجعل العديد من المتابعين للحراك السياسي في تونس يرون أن محسن مرزوق ليس “الشخصية الجامعة” القادرة على توحيد صفوف “مشتقات النداء” أو “روافد النداء التاريخي”، تجميعهم ضمن “كتلة تاريخية”، تحت سقف تنظيمي واحد، لإحداث التوازن المختل في المشهد السياسي والحزبي.
في المقابل، يرى أصحاب هذا الرأي  أن رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد، هو الأكثر قدرة على القيام بهده المهمة. فهو – ومثلما تبين في الواقع – أظهر قدرة على التعاطي والتعامل البراغماتي مع الاسلاميين، فضلا عن كونه لا يحمل تجاههم عداء فكري او أيديولوجي، كما أصبحت تربطه علاقات “قرابة” و “صداقة” مع قيادات وازنة ومؤثرة في حركة النهضة، هي بدورها تصرح في العلن بأنه الرجل المناسب لا دارة المرحلة القادمة، ودافعت بقوة و “بشراسة” عنه داخل مؤسسات الحركة، واعتبرت أهمية خيار نقل التحالف من قصر قرطاج الى قصر القصبة، وهو ما تبنته قيادة النهضة ودافعت عنه الى حد الان.
و ان اختار رئيس الحكومة، يوسف الشاهد “الصمت”، في ما يتعلق بمشروعه السياسي، فان المقربين منه أسروا لموقع “التونسيون” بأن خطه السياسي، ونهجه في التعاطي مع مكونات الساحة السياسية والحزبية: “لا يمكن أن يلتقي مع خيارات ونوايا محسن مرزوق”، وهم في ذلك محقون، فما يفرق بين الرجلين أكثر مما يجمع بينهما، لذلك فان الالتقاء بينهما لا يمكن أن يكون الا ظرفي، ولا يحمل بذور الديمومة أو البناء المشترك في المستقبل، مثلما ذهب الى ذلك مرزوق.
يذكر أن الامين العام لحركة مشروع تونس كان قد صرح لجريدة “المغرب” اليوم 19 أكتوبر 2018 بأن المشاورات التي يجريها لاعادة النفخ في روح “النداء التاريخي”، قد “شملت الشاهد ومن حوله”، وفق تعبيره، علاوة على حزب المبادرة، مشددا على انها تهدف (المشاورات)  إلى تشكيل تحالف استراتيجي عميق لحكم تونس طيلة 10 سنوات، قائلا في هذا الصدد: “سنتّفق على التقدم بقائمات موحدة في الانتخابات التشريعية وتقديم مرشح رئاسي واحد على قاعدة برنامج لخدمة تونس خلال الـ10 سنوات القادمة.. نحن نريد العمل للتوصّل إلى تحالف استراتيجي عميق وأعتقد انه بإمكاننا بلوغه مع الاطراف السياسية التي نتشاور معها من بينها يوسف الشاهد ومن حوله وهذا لا يعني فقط الاشخاص انما هناك أحزاب على غرار المبادرة”… واضح أن مرزوق “مزروب” .. أليس كذلك؟.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP