الجديد

بعد كارثة الرضع .. ما المطلوب من "حكومتنا العتيدة"؟

كتب: منذر بالضيافي
لا نبالغ بأن موت 11 رضيعا في مستشفى الرابطة بالعاصمة يرتقي الى مستوى الكارثة الوطنية، ولذلك فان ما حدث أصاب كل التونسيين ب “الصدمة” والخوف”، “الصدمة” من هول ما حصل، و”الخوف” من تواصل ضعف الخدمات الأساسية، وما أصاب المرفق العام من شلل وفساد، في كل المجالات، في التربية والنقل والصحة…وهو وضع ناجم بالأساس عن غياب الحوكمة الرشيدة، وانتشار الفساد الذي تحول الى “رياضة وطنية”، واصبح يهدد بإفشال مسار الانتقال الديمقراطي.
وهو ما اشار له الباحث في العلوم السياسية عزالدين عبد المولى في تدوينة مهمة أكد فيها الى أنه “أحيانا يُخيل للمرء أن من يحكمنا بالفعل ليست حكومتنا الفاشلة بامتياز في أداء كل وظائفها.. بل لوبيات الفساد المستشرية كالسرطان في كل القطاعات والمتحكمة في مفاصل حياتنا العامة والخاصة.. وأن الدولة مجرد غطاء ناعم لنشاط هذه اللوبيات.. الأسوأ من ذلك أن تتحول الديمقراطية التي نفتخر بها ونتغنى بالسبق إليها عربيا إلى “محلل” و”مسهل” لما تقوم به هذه اللوبيات من تخريب وحشي لحاضرنا ومستقبلنا”
بعيدا عن “التخميرة”، التي قد نقع فيها نتيجة “هول” ما حصل ويحصل، فإننا وبكل موضوعية نقول، ان ما وقع أمس في مستشفى الرابطة، يصح فيه المثل الشعبي: “شوية من الحنة وشيوية من رطابة اليدين”، بمعني أن هناك ما يفسر بطبيعة الظرف الذي يأتي بعد كل ثورة، والذي يبرز أساسا  من خلال ضعف الدولة، الى حد تفكك مؤسساتها وأجهزتها، كما أنه ومن جهة أخرى، يفسر أيضا بضعف الأداء الحكومي، وهذا ليس من باب التجني على الفريق الحكومي، ورئيسه يوسف الشاهد، كما قد يتصور ويفهم البعض.
ان المطلوب الان، هو  التحرك السريع و “الحازم”، وهنا “الكرة في ملعب” الحكومة، التي عليها أن “تضرب بقوة”، من خلال وضع عموم التونسيين، في حقيقة ما حصل، ومن يتحمل المسؤولية، ومحاسبة كل مقصر، بعيدا عن “الافلات من العقاب”، التي تحولت الى ظاهرة معاشة، وذلك من أجل استعادة “الثقة” – التي فقدت – مع عموم التونسيين.
أزمة الثقة، هي التي جعلت الكثير من “الكفاءات” الوطنية أصبحت مستقيلة، و لذلك اصبحنا نجد صعوبات كبيرة في تعيين المسؤولين في مختلف المواقع، وهي “أزمة” تجلت من خلال تنامي “الجفوة” بل “القطيعة” بين الناس و “السياسيين الرسميين”، في الأحزاب وفي مؤسسات الحكم، وهو ما أكدته الانتخابات البلدية في ماي الفارط، وتشير كل المؤشرات أنه سيناريو وارد التحقق في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، المقررة لنهاية السنة الجارية.
كما أن من اسباب العزوف عن الشأن العام، هو حالة “الارتباك” و “الارباك” التي عليها “حكومتنا العتيدة”، بسبب “المناكفاة” السياسية خاصة أزمة “نداء تونس”، والصراع الذي تحول الى مواجهة بين راسي السلطة التنفيذية، وهو ما زاد في تعميق الأزمة وأثر سلبا على ادارة الشأن العام، دون أن ننساها غياب التضامن الحكومي بين عناصرها، نظرا لضعف وهشاشة بنية “الائتلاف الحاكم، وهي “هشاشة” تعود لتناقضات أجزاب الائتلاف وتباين “طموحاتهم.
الان وهنا، وبعيدا عن “التخميرة”، لابد من المرو ل “الصحيح”، لابد من التسريع بوضع برنامج وطني للإنقاذ، تنصرف له الحكومة وتجعله أولوية أولوياتها، سواء هذه الحكومة بعد أن تعدل أوتارها سياسيا وبرامجيا، أو حكومة أخرى بعيدة عن أجواء الصراع السياسي، في علاقة بالانتخابات المقبلة.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP