الجديد

مغالطات حول العدالة الانتقالية ..

عبد الواحد اليحياوي *
عاد الحديث هذه الايام عن مسار العدالة الانتقالية، وسط جدل سياسي عبر عن نفسه من خلال بيانات احزاب، ومواقف شخصيات عامة، بعد احالة هيئة الحقيقة والكرامة، لمجموعة ملفات امام الدوائر الجنائية المختصة، في العدالة الانتقالية، وصدور بعض الاجراءات التمهيدية، خاصة اصدار قرارات تحجير سفر شملت اخر وزير داخلية لبن علي، احمد فريعة.
تتنافس مجموعة احزاب اليوم في الدفاع عن مسؤولي وحتى جلادي النظام السابق، مثل احزاب “افاق” و”مشروع تونس” و”نداء تونس”، وربما الحزب المنتظر لرئيس الحكومة، يوسف الشاهد، الممثل حتى الآن في كتلة برلمانية واسعة في طريقها الى التحول الى حزب سياسي، ويبدو ان هذا التنافس مرده الصراع على تمثيل المركب المالي والبيروقراطي والسياسي، الذي يمثل بنية النظام السابق ولا يزال يحتفظ بإمكانيات مالية واعلامية ضخمة، قد تكون حاسمة في انتخابات 2014.
تستعمل القوى السياسية المدافعة عن مسؤولي النظام السابق استراتيجية التشكيك في هيئة الحقيقة والكرامة، وعبرها التشكيك في مسار العدالة الانتقالية، مع التركيز على رئيسة الهيئة سهام بن سدرين، التي كانت معارضة شرسة لنظام بن علي، وهم يؤسسون على تلك الشراسة مخيالا سياسيا لاتهامها بالرغبة في الانتقام من مسؤولي ذلك النظام، بينما جوهر العدالة الانتقالية التجاوز والمصالحة.
مواقف تبدو وكأنها قائمة على الافلات من العقوبة، الى جانب حمولتها السياسية، لذلك نجدها متسمة بمغالطات حقيقية حول فهم العدالة الانتقالية وكأنها قائمة على الافلا ت من العقوبة.
في كل مسارات العدالة العدالة الانتقالية الناجحة حضر الجلادون والضحايا جلسات علنية بثت في التلفزيونات تم فيها كشف الحقائق ثم المصالحة والمرور الى مستقبل حيث لا أحقاد..
في تونس عملت هيئة الحقيقة والكرامة في فضاء سياسي واعلامي معاد لها خاصة  إثر وصول النظام القديم الى السلطة بعد انتخابات 2014 حيث تم تحريض الجلادين على عدم حضور الجلسات العلنية مع وعد بحمايتهم من خلال عدالة موازية لذا رأينا مشهدا غريبا يتمثل في ضحايا يترجون من جلاديهم
طلب الاعتذار منهم مع وعد بالعفو والغفران ولكن لا حياة لمن تنادي..
اليوم بعد احالة اولئك الجلادين على العدالة بعد رفضهم مسار العدالة الانتقالية تتعالى الأصوات لتتهم هيئة الحقيقة والكرامة بالرغبة في التشفي والانتقام…
مشهد غريب حقا لعدالة انتقالية تتم في اطار دولة يحكمها جلادو الأمس ووكلاؤهم والعرض الوحيد المقبول بضعة دنانير لضحايا يعتبر التعبير عن اوجاعهم مسا من الوحدة الوطنية.

  • حقوقي و ناشط سياسي

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP