الجديد

مجلس نواب الشعب يصادق على تعديل القانون الانتخابي  

تونس- التونسيون
صادق مجلس نواب الشعب ظهر اليوم الثلاثاء 18 جوان 2019 على التعديلات المقترحة من قبل الحكومة، على القانون الانتخابي التي سبق وأن فشل في تمريرها خلال جلسة عامة انعقدت الخميس الفارط.
للإشارة فان التعديلات المقترحة أثارت جدلا كبيرا داخل وخارج البرلمان، واعتبرها البعض أعدت لإقصاء منافسين بعينهم، في المقابل تمسك أنصار التعديلات، بأن الهدف منها هو “حماية الديمقراطية وتحصينها”.
و ينص التنقيح الجديد للقانون الانتخابي عدم قبول ترشحات من ثبت انهم مارسوا أعمالا خيرية أو دعائية خلال ال12 شهرا السابقة للانتخابات تحت غطاء جمعياتي.
كما اشترط القانون الجديد الاستظهار ببطاقة عدد 3 خالية من السوابق والتصريح بالمكاسب وما يفيد بالتصريح السنوي بالضريبة على الدخل للترشح للانتخابات الرئاسية .
 
يذكر أن التعديلات المقترحة على القانون الإنتخابي، قد اثارت جدلا كبيرا، بين رافضين لها رأوا أنّ عمليّة التعديل في الوقت الراهن “مخالفة للدستور وللمواثيق الدولية وفيها مس من مصداقية الإنتخابات وإقصاء للخصوم” وبين مؤيّدين اعتبروها “ضرورة لمجابهة أطراف قررت الترشح للإنتخابات بعد أن استفادت من عدم وقوعها تحت طائلة قانون الأحزاب وقامت بحملات مبكّرة”، ملاحظين أنّ ذلك يمثّل “خطرا على الديمقراطية”..
 
تغيير قواعد اللعبة أثناء اللعب
 
وبين رافض ومؤيّد، يظلّ قرار التعديل من عدمه بيد البرلمان والجلسة العامّة التي لم تتوفّق مرارا في التصويت على التعديلات المقترحة على مشروع تعديل قانون الإنتخابات والإستفتاء وآخرها كان الأسبوع الماضي. كما أنّها مرتبطة أيضا بآجال من بينها إصدار رئيس الجمهورية دعوته للناخبين في الرائد الرسمي.
وفي هذا الصدد اعتبر العضو السابق بالهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات، سامي بن سلامة، أنّ”التعديلات المقترحة على القانون الإنتخابي والتي تقف وراءها في واقع الأمر حركة النهضة الرافضة لإنشاء المحكمة الدستوريّة، تتضمّن خروقات رهيبة”، حسب رأيه.
وقال إنّ الهدف من التعديلات الواردة على القانون وإضافة إلى خرقها الدستور وجميع المبادئ القانونيّة العامّة على غرار مبدأ عدم رجعيّة القوانين ومخالفتها شروط وضع القاعدة القانونية التي يجب أن تكون مجرّدة وعامة ومطلقة ولا تنطبق على شخص معين بل تنطبق على جميع الأشخاص على السواء ومخالفتها العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية والمعايير الدولية لنزاهة الإنتخابات، “هو البقاء في السلطة وإقصاء المنافسين السياسيين بدعوى ارتكابهم خروقات بوضع شروط جديدة للترشح للإنتخابات وتغيير قواعد اللعبة أثناء اللعب أو حتى بتأجيل الإنتخابات”.
ولفت إلى أنّ القضاء هو الفيصل للنظر في أية خروقات وتجاوزات في صورة وجودها، اعتمادا على القوانين الحالية سارية المفعول، معتبرا أنّ الكتابة العامة للحكومة هي المسؤولة على الأحزاب السياسيّة والجمعيات وأنّه يمكن استنادا إلى قانون الأحزاب والجمعيات معاينة هذه الخروقات واتخاذ الإجراءات القانونية الملائمة ومؤكدا أنه مع تعديل يشترط “خلو المترشّح من السوابق العدلية”، ولكن بعد الانتخابات، “وهو من الشروط التي كان معمولا بها في انتخابات 2011 وقد حذفتها حركة النهضة بعد سيطرتها على المجلس التشريعي”، حسب ما جاء في تصريح بن سلامة.
من جهة أخرى أوضح بن سلامة أنّه من غير الممكن عمليا بالنسبة إلى هيئة الإنتخابات تطبيق التعديلات الجديدة لأنّها ستربك عمل الهيئة، عوض تركها تقوم بدورها الأساسي في تنظيم الإنتخابات، خاصة أنها لا تملك جهازا أمنيا يكافح التجاوزات ولا يمكنها بالتالي تطبيقها، مع احترام مبدأ عدم التمييز بين المترشحين وتكافؤ الفرص بينهم عند متابعتها للمخالفين الظاهرين للعيان والتغافل عن آخرين.
 
“تحيل قانوني”
 
من جهته أكد شفيق صرصار، الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للإنتخابات، في تصريح إعلامي، أن مشروع تنقيح قانون الإنتخابات ليس سوى “تحيل قانوني”، مشيرا إلى أنه إذا تم تمرير القانون ستفقد الإنتخابات ميزاتها “الحرة والنزيهة والشفافة”، التي ينص عليها الدستور وقانون العدالة الإنتقالية، حسب رأيه. وأشار إلى أنّ القانون المقترح غير صالح على المستوى القانوني وأنّ مسار هذا المشروع “لا يبشّر بالنوايا الحسنة”.
بدوره عبّر أستاذ القانون جوهر بن مبارك، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، عن تفهّمه للإعتراضات المتعلّقة بمسألة توقيت التعديلات، خاصّة وأنّ لجنة البندقيّة أكّدت أنّ عدم تغيير اللعبة الإنتخابية في أجل معقول من تاريخ الإنتخابات هو من معايير النزاهة في الإنتخابات.
 
حماية الديمقراطية وتحصينها
 
في المقابل لفت بن مبارك إلى أنّ “ممارسات طارئة” تهدّد فعلا نزاهة العمليّة الإنتخابيّة تتمثّل في الإشهار السياسي واستغلال بؤس الناس والتمويل غير الواضح، “هي التي قادت إلى ظهور هذه التعديلات في الوقت الراهن”، مبيّنا أنّ هذه الممارسات كانت تتمّ في إطار العمل الجمعياتي وهي غير ممنوعة وفق قانون الجمعيات، لكن إعلان أصحابها اعتزامهم الترشّح للإنتخابات القادمة، أدى إلى ظهور تلك التنقيحات.
وأشار إلى أنّ إعلان نوايا الترشّح لأشخاص قرّروا توظيف رصيدهم في العمل الخيري والجمعياتي في العمل السياسي، يعدّ “حدثا طارئا” لا يمكن توقّعه واستباقه بالقانون، لكن الأمر يتطلّب التدخّل لمنع ذلك.
وأضاف أنّ القانون الإنتخابي لا يحمي من هذه الممارسات المخالفة لأعراف الديمقراطية، لأنّ النوايا ظهرت متأخرة وبالتالي ردّة الفعل كانت متأخّرة.
كما لفت إلى أنّ “موافقته على التعديلات المقترحة سببها تعميم الشروط والضوابط المفروضة على الأحزاب السياسيّة على الجميع، عملا بمبدأ المساواة”.
وفي هذا الصدد قال بن مبارك إنّ “المساواة ستتحقّق بين المترشحين في خمس نقاط تتعلّق أساسا بالتمويل الأجنبي وسقف التمويلات وتوزيع الهدايا والهبات وقبولها من الذوات المعنويّة وهي مسائل يسمح بها قانون الجمعيات لكنّها ممنوعة استنادا إلى قانون الأحزاب”.
وذكر أنّ تعميم الشروط على الجميع سيمكّن من حماية المسار الديمقراطي وحماية سيادة البلاد، مؤكّدا في الآن ذاته أنّ التعديلات المقترحة ستفرض على هيئة الانتخابات عملا إضافيا لكنّه ضرورية.
ودعا في هذا الإطار إلى ضرورة الجلوس مع الهيئة بشكل رسمي قبل المصادقة على هذه التنقيحات لمعرفة ماهي الضمانات والإمكانيات والموارد التي ستمكّنها من القيام بعملها.
 
القانون وعمل هيئة الانتخابات
 
وكان عضو الهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات، أنيس الجربوعي، أشار في تصريح  لةكالة تونس افريقيا للأنباء (وات)، أنّه لم تقع استشارة الهيئة حول مسألة التعديل المتعلّق بإضافة فصل جديد للقانون الإنتخابي ينصّ على الترشح للإنتخابات بشروط، والذي رأى البعض أنّه “وضع على المقاس ولغايات ضيقة”، بهدف منع بعض الأشخاص من الترشّح، مبيّنا أنّه تمّ استشارتها والإستماع لمقترحها بخصوص العتبة الإنتخابيّة، لكنّها لم تطّلع على مضامين التنقيح الجديد.
وذكر في هذا الصدد، بأنّ هيئة الإنتخابات صادقت على دليل الترشّحات، الذي نصّ في النقطة الرابعة من فصله الثالث على أن “الهيئة تضمن المعاملة المتساوية بين جميع الناخبين وجميع المترشحين وجميع المتدخلين خلال العمليات الانتخابية والاستفتائيّة” ليعتبر أنّ “أيّ تعديل للقانون الإنتخابي، سيربك عمل الهيئة، لأن التوقيت لن يكون كافيا للإنطلاق في قبول الترشحات للإنتخابات التشريعية في 22 جويلية، غير أن هيئة الإنتخابات، كهيئة دستوريّة، ملتزمة بتطبيق القانون وستعمل على تطبيق القانون الإنتخابي الجديد في صورة تنقيحه”..
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP