الجديد

حركة "تحيا تونس" .. الانتخابات و رهانات التوازنات الصعبة

هشام الحاجي
اختارت حركة “تحيا تونس” ان تستشير اطاراتها الجهوية في الاسماء التي ستخوض بها غمار الانتخابات التشريعية . و هذا الاختيار يكشف الى جانب الرغبة في التأكيد على الديمقراطية الداخلية على رغبة في الانصات للجهات و هو امر مهم بالنسبة لحركة حديثة العهد بالتأسيس و تجد نفسها مجبرة على ان تتعاطى من موقع متقدم مع كل الملفات السياسية و الاقتصادية و ذلك بحكم اكراهات سياق التأسيس و الذي فرض على حركة “تحيا تونس” ان تكون في الان ذاته جزءا من المشاكل و اداة من ادوات الحل .
فالحركة جزء من المشاكل المتراكمة التي تعيشها تونس لسببين على الاقل . ذلك ان الطبقة السياسية برمتها تتحمل في نظر الراي العام الوطني مسؤولية تردي الاوضاع و الفقدان التدريجي للامل في المستقبل و اما السبب الثاني فيضاعف من مسؤولية حركة “تحيا تونس” لان رئيسها هو رئيس الحكومة و هو ما يضعها اخلاقيا امام مسؤولية التبني الاجمالي للحصيلة و في ذات الوقت تقديم برنامج للمستقبل.
يمكن اعتبار الاستشارة التي وقعت في المستوى الجهوي و بعيدا عن وسائل الاعلام بمثابة اختبار اولي لتحديد ملامح المقاربة التي ستخوض بها حركة “تحيا تونس” غمار الاستحقاق الانتخابي و هي مقاربة تقر بان الحصيلة لم تكن في مجملها ايجابية و لكن تنزيلها في السياق الوطني و الدولي يجعلها “ابعد ما تكون عن الكارثية و مقبولة اجمالا ” حسب عبارة احد قياديي الحركة، الذي اعتبر ان ما يحسب ليوسف الشاهد تصديه لتأكل الدولة و رغبته في الانطلاق في اصلاحات هيكلية لم يعد بالإمكان تأجيلها.
و هذا التفسير يقود الى “اكراه ” اضافي يواجه “تحيا تونس” في علاقتها مع الناخب و يتمثل في الاسلوب الانتخابي الذي سيقع اعتماده لمخاطبة الناخب و الذي تشير بعض قيادات الحركة الى انه سيقطع مع اثارة العواطف و سيكون عقلانيا و مسؤولا و هو توجه سليم منطقيا و لكن ما هي قدرته على ان يفرض نفسه في “سوق المزايدات الانتخابية” التي لا تخضع لحد الان للأسف للمنطق و القانون خاصة و ان ارتباط الحركة بالحكومة سيجعلها تحت مجهر الجميع في ظل الرغبة في التقاط ما يثبت استغلال اجهزة الدولة او غيرها من المؤاخذات التي تقولها عديد الاحزاب المعارضة عن يوسف الشاهد وحزبه .
الحديث عن المعارضة يحيل الى “وجع راس” اخر يؤرق قيادة “تحيا تونس” و يتمثل في تحديد الحلفاء الممكنين و معرفة درجة قوة كل حليف و هي مهمة قد تكون اكثر الحاحا بعد الانتخابات و لكنها مهمة الان ايضا لمعرفة المنافسين المباشرين الذين يلتقون مع الحركة في التوجهات الكبرى و لكنهم يتنافسون معها على نفس “الجمهور الانتخابي” و عدم تمكن “تحيا تونس” من تشكيل تحالف واسع لأسباب قد تتجاوزها و انتهاء ضبابية وضعية النداء ستجعلها تواجه انتخابيا احزابا و شخصيات لها حضورها و رهاناتها و حساباتها التي تمس من الخزان الانتخابي لحزب يوسف الشاهد.
يضاف الى ذلك رهان تحديد اسلوب التعاطي مع حركة النهضة التي تمثل رقما  يصعب الامساك به في المعادلة السياسية التونسية. و لا شك ان قيادة حركة “تحيا تونس” تدرك ان الانتخابات الرئاسية و التشريعية قد جاءت مبكرا بالنسبة لعمر الحركة و انها تفرض عليها رهانا مزدوجا و هو الحصول على حضور محترم في البرلمان و خاصة ضمان شروط الاستمرارية بعيدا عن الهزات و الانقسامات و “التشققات” للحركة .
الفاعلون في الحركة اعتبروا من خلال ما تسرب من تفاعلهم مع الاطارات الجهوية ان كل “المخاوف الممكنة ” تمثل بوضوح على “لوحة القيادة ” و ان الاسابيع القادمة ستبرز الوجه الديناميكي ل”تحيا تونس” و قدرة قيادتها على تكريس الحركة كرقم اساسي للحياة السياسية في تونس خلال الانتخابات القادمة و على امتداد العقود التي تليها .

هشام الحاجي [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP