الجديد

مرض الرئيس يربك ديمقراطيتنا الناشئة !

بقلم: مازري طبقة
بعد احداث الخميس الشهير الاسبوع الفارط و الازمة الصحية التي تعرض لها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي عمّت حالة من الإرباك شملت الجميع دون استثناء ، حالة من الارباك نجد لها التفسير خاصة مع حالة انعدام التوازن السياسي الذي يميز المشهد عموما و لكن و الاهم مع حالة اللا مركزية التي يعرفها القرار السياسي في تونس و الموزع على الأحزاب القوية قبل حتى مؤسسات الدولة و الذي يحيل على حالة من انعدام الثقة حيث ان الجميع يترقب الطرف الآخر في ما يشبه لعبة الشطرنج اين يكون الدفاع افضل طريقة للبقاء على رقعة المباراة و حماية الملك … و لكن اي ملك ؟ ام هم في الأصل مُلوك
تعددت المواقف و التحاليل للازمة الصحية التي ألمّت بالرئيس و الذي لا يجب ان ننسى انه أشبه بمنزوع الصلاحيات و بالدستور , ازمة صحية تحولت, و  لا غرابة في ذلك, الى أزمة سياسية اعتدنا عليها في تونس ما بعد 14 جانفي و لكن الجديد هو ان الازمة كان محرّكها ما يعبّر عنه بـ”المسكوت عنه” او “غير المنطوق”.
أصبح الحديث بعد الجزم في وفاة الرئيس (أطال الله عمره في الخير) عن معاني فصول الدستور الذي تنازع امره بين الشغور الوقتي و الدائم  و حول هويّة سعيد الحظ رغم ألم الحادثة الذي ستؤول اليه صلاحيات رئيس الجمهورية و التي تتلخص في مُجمل اللا صلاحيات , و اذا ما اعتمدنا أساس حسن النية فاننا لن نلقي اللوم على احد من هؤلاء لان الحياة تتواصل و عليها ان تتواصل و لكن ليس بتلك السرعة او التسرع الذي ميز تحركات الطامعين في الميراث.
الباحي قائد السبسي بما تعرض اليه من ازمة صحية بدى كانه محرار للديمقراطية في دولة تؤسس لديمقراطيتها الناشئة رغم العراقيل, سليل الفكر البورقيبي جعلت منه الاحداث مرجع نحدد على اساس التموقع من أزمته من هو ديمقراطي و من هو كافر بها, كيف لا والحديث عن محاولات تسميم و انقلاب و استيلاء على الحكم ميزت خطاب البعض و طغت على صمت البعض الاخر, بل و اصبح لنا اليوم ابطال افشلوا “الانقلاب” و قطعوا الطريق عن هذا وذاك.
في نظام سياسي موزع على ثلاث رؤساء  و تحت رقابة رأي حر و متعدد و في ظل احزاب عديدة مختلفة الايديولجيات  والمرحعيات الفكرية , في نظام كهذا وجد البعض الجرأة في الحديث عن “الانقلاب” و هو ما اعتبره انتكاسة حقيقية في معاني الديمقراطية التي تتشكل ببطيء و صعوبة و لكن على اسس صحيحة في دولة اعتادت التميز عن مجالها الاقليمي .
كما كل امتحان, فشل العديد من سياسيي ما بعد 14 جانفي في امتحان الديمقراطية و اقاموا الدليل ان الدكتاتورية و الفكر الانقلابي يعمل على قاعدة “ماخيبك يا صنعتي” و ان الحكم بمنافعه و غنائمه و حواشيه يسيل لعاب الجميع و خاصة من ايمانهم بالديمقراطية قائم على شُعرة تهتز لمجرد نسمات صيف عابرة.
الباجي قائد السبسي الذي نحمد الله على سلامته اختار التاريخ له مدخلا ثابتا لا يخضع للتاويلات او لاختلاف القراءات, فهو اول رئيس منتخب من الشعب مباشرة و هو اول رئيس سيقوم بتسليم السلطة في مشهد ديمقراطية سلمي متميز كما انه السياسي الوحيد الذي مكنته الاحداث من اكمال بناء ما نقص من دولة الاستقلال من الديمقراطية و هو الذي تربى على مبادئها و ساهم في تأسيسها, اي عدالة تلك التي يتميز بها التاريخ …
اما الاضافة الان فهي ان التاريخ سيذكر الباجي قائد السبسي على انه محرار للديمقراطية, انه انصاف التاريخ و لكنه ايضا دليل علينا ان نقبل به يؤكد ان المشهد السياسي في تونس يضمر ما لا يُبديه على الاقل في ما يخص الديمقراطية بمعانيها و مقاصدها و لكن بآليتها و قواعدها و التي من اهمها القبول بنتائج اللعبة الديمقراطية و حكم صندوق الاقتراع.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP