الجديد

الدينار التونسي يسجل بداية تعافي أمام أهم العملات الأجنبية 

محسن حسن
نشر الخبير الاقتصادي،  محسن حسن،  تدوينة في صفحته على فيسبوك،  حول تعافي الدينار امام اهم العملات الاجنبية.
في ما يلي نص التدوينة:
مقالا في شهر ديسمبر الماضي أكدت من خلاله عن إمكانية التعافي التدريجي لسعر صرف الدينار مقابل أهم العملات الاجنبية بداية من شهر مارس للسنة الحالية شريطة مواصلة البنك المركزي التونسي للسياسة النقدية التقييدية المنتهجة و إنطلاق الحكومة في تطبيق الإجراءات المعلنة في قانون المالية 2019 ، وهو ما تم فعليا حيث سجلت عملتنا إرتفاعا ب7,5% مقابل اليورو منذ بداية شهر مارس إلى غاية نهاية شهر جوان من السنة الحالية.
هذا المنحى الإيجابي يجسد ردة فعل سوق الصرف في تونس على جملة من العوامل و السياسات الداخلية و الخارجية
من أهم الأسباب المباشرة لبداية تعافي الدينار نذكر ما يلي
1-تحسن الموجودات من العملة الصعبة بالبنك المركزي على إثر
-حصول الشركة التونسية للكهرباء و الغاز على قرض من البنك الدولي
-عملية خوصصة بنك الزيتونة و الزيتونة تكافل لفائدة مجمع قطري
-عملية الترفيع في رأسمال بنك الزيتونة من قبل المجمع القطري أساسا
-تحسن مداخيل القطاع السياحي بالعملة الصعبة
-تطور مداخيل الفسفاط و ومشتقاته بالعملة الصعبة
2-نجاعة السياسات الحكومية التي تستهدف التحكم في التصخم رغم إستقراره في مستويات مرتفعة و كذلك التحكم في التوازنات المالية العمومية و ترشيد التداين الخارجي
3- مواصلة البنك المركزى إنتهاج السياسة النقدية التقييدية و الترفيع في نسبة الفائدة المديرية.
هذه السياسة أثبتت نجاعتها رغم كلفتها الإقتصادية و الإجتماعية حيث تراجع الطلب على القروض الإستهلاكية و تقلص الطلب نسبيا على العملة الصعبة.
4- شح السيولة و ضعفها أدى إلى مزيد الطلب على الدينار في السوق النقدية
5- إرتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق العالمية مقابل أهم العملات و من ذلك الأورو نتيجة “للهدنة المؤقتة” بين الصين و الولايات فيما يخص الحرب التجارية القائمة بين البلدين . تراجع سعر صرف الأورو في سوق الصرف العالمية ساهم في تحسن آداء الدينار في سوق الصرف المحلية .
بداية تعافي الدينار يؤكد بما لا يدع للشك أن ثوابت الإقتصاد الوطني لازالت سليمة رغم حدة الأزمة الإقتصادية و المالية في تونس ،هذه الأزمة التي تعود أساسا إلى تراكمات و عوامل خارجية ليس من السهل تجاوزها في ظل ضبابية متواصلة على مستوى المشهد السياسي و ضعف آداء المؤسسة التشريعية خاصة .
سعر صرف الدينار في السوق المحلية يمثل المرآة التي تعكس الواقع السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي ،لذلك فإن مواصلة ردة الفعل الإيجابية تجاهه مرتبط بعوامل عدة من أهمها:
1-نجاح المسار السياسي و الإنتخابات القادمة و صعود أحزاب سياسية تعطي للبعد الإقتصادي الأهمية القصوى
2-مواصلة تحسن الوضع الأمني و التوقي من العمليات الإرهابية
3-وضع الإصلاحات الإقتصادية، و من ذلك إصلاح سوق الصرف و سن قانون العفو عن جرائم الصرف، كأولوية مطلقة في برنامج الحكومة التي ستنبثق عن الإنتخابات القادمة وهو ما يتطلب مؤسسة تشريعية ملمة بمتطلبات المرحلة خاصة من الناحية الإقتصادية
4-مواصلة الحكومة لسياسة مالية عمومية حذرة و الحد من العجز العمومي و تقليص اللجوء للتداين الخارجي
5-التحكم في العجز التجاري من خلال الحد من التوريد و تشجيع التصدير و تقليص العجز الطاقي
6-وضع خطة لأستهداف التضخم من خلال تطوير العرض و تأهيل منظومات الإنتاج و تأهيل مسالك التوزيع و تطوير المراقبة الإقتصادية
7-مزيد تطوير مناخ الأعمال و إنتهاج سياسية أكثر جدية و جرأة لجذب الإستثمار الخارجي
8-وضع خطة وطنية لتطوير تحويلات التونسيين بالخارج و خاصة تخفيض كلفة التحويلات المالية و تأهيل بنك “T F Bank”الغير مقيم و تشجيع البنوك التونسية على الإنتصاب بالخارج لمزيد حشد إدخار التونسيين بالخارج و تحويله إلى تونس علما و أن بلادنا تحتل مرتبة متأخرة في هذا المجال حيث بلغت التحويلات سنة 2017 ما يعادل 1,9مليار دولار وهو ما يمثل 4,8%من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 7,5% للمغرب
لازلت متفائلا بمستقبل أفضل للاقتصاد الوطني عموما لكن توفير أسباب تجاوز الأزمة الحالية مرتبط بمدي جدية التونسيات و التونسيين في التعاطي مع المسار الإقتصادي الذي لا يقل أهمية عن المسارالسياسي.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP