الجديد

عبد الكريم الزبيدي .. المرشح "المزعج" !

منذر بالضيافي
فجأة ومع وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، سطع نجم وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، كمرشح قوى للاستحقاق الرئاسي، وهو الذي لم يعرف عليه في السابق طموحات سياسية معلنة، بل أنه و على خلاف ذلك، فقد كانت له مواقف وتصريحات، فيها الكثير من الازدراء الذي يصل حد السخرية من السياسيين.
دون سابق اعلام، برزت “مناشدات” مكثفة للرجل، على صفحات التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، وشكلت لجان محلية وجهوية تحرضه على الترشح، كما تداعى البعض من “النخبة” ومن “قادة الرأي” والمؤثرين فيه، الى الخروج عن دائرة “التحفظ” التي عادة ما تلتزم بها في العلن، الى الوقوف وراء الرجل وتحميله مسؤولية “استعادة هيبة الدولة”، هذا الشعار “المهيب” الذي أعاده الرئيس الراحل، الباجي قايد السبسي للتداول في الحقل السياسي، ردا على الممارسات والمخاوف التي برزت زمن حكم الترويكا،  بقيادة حركة النهضة الاسلامية، وهي مخاوف يشير البعض الى أنها عادت للظهور وان بشكل وبخطاب مختلف، في اشارة الى اتهام  الائتلاف الحاكم خاصة رئيس الحكومة وحزبه بتوظيفهم لمقدرات الدولة وجعلها في خدمة شخص وحزب بعينه، في الصراع السياسي حول السلطة.
رد الرجل، على المناشدات المتنوعة المصدر، قوبل في البداية بنوع من التردد والحيرة، قبل أن يحسم أمره ويقرر الاستجابة، عبر اعلان الترشح  رسميا والانصراف الى تشكيل فريق عمل، فضلا عن لجان وخلايا دعم وطنيا وجهويا، وهو الذي لا يستند الى حزب سياسي على غرار ما يسمى ب “المرشحين الجديين” الذين يمثلون أحزاب مهيكلة ومنظمة ولها اطارات وأنصار، مثل يوسف الشاهد رئيس “تحيا تونس” ومورو القيادي في “حركة النهضة” ونبيل القروي رئيس حزب “قلب تونس” ومهدي جمعة رئيس حزب “البديل”…
استطاع عبد الكريم الزبيدي، الذي استفاد من رصيد رمزي مهم، تمثل في قربه من الرئيس الراحل قايد السبسي، وهو الذي كان اخر من التقاه قبل وفاته، وخلال  وقت قياسي من لفت الأنظار اليه في المستوى الشعبي وكأن الكثيرين كانوا في انتظار عرض سياسي غائب عن الساحة، أو منقادون برغبة في الانتقام وحتى الثأر من المرشحين التقليديين، سواء من داخل منظومة الحكم مثل رئيس الحكومة يوسف الشاهد،  او حتى من خارجها من الذين يصنفون ب “الشعبوييين” أو جماعة “خارج السيستام”، ويمثلهم أساسا رئيس حوب “قلب تونس” وصاحب قناة نسمة نبيل القروي، الذي تصدر عمليات سبر الآراء خلال الأشهر الأخيرة، بعد أن كان يتصدرها رئيس الحكومة الحالي، الذي تراجعت أسهمه كثيرا ، لكنه مع ذلك ما زال يصر هو وصحبه على البقاء في السباق.
تحول الزبيدي الى مرشح واقعي، فضلا عما صاحب ذلك من ترويج ودعاية للرجل وتعريف بخصاله، تحول الى مصدر ازعاج لخصومه الذين باتوا يخشون من ارتفاع أسهم هذا السياسي الصامت، الذي لا يتقن فن الثرثرة السياسية التي يرى فيها خصومه نقطة ضعفه، في اشارة الى ضعف المهارات الاتصالية.
لكن، مع ذلك وفي أرض الواقع ، فان الزبيدي تحول الى “كابوس” لخصومه ممن كانوا يرون أنفسهم في طريق مفتوح لقصر قرطاج، وذلك بفضل ما له من نقاط قوة هي محل تقدير لدى قطاع واسع من التونسيين، خصال يفتقدها خصومه المباشرين، زيادة عما وجده من دعم من الأحزاب، وهو دعم ومساندة لا يستبعد أن تتوسع في قادم الأيام.
فقد عبر كل من حزبي “افاق تونس” و “نداء تونس” لا عن الدعم فقط بل اعتباره مرشح لهما، ونرى أن مساندة “نداء تونس” مهمة ووازنة – برغم تراجع شعبية الحزب – بما يحمل هذا الدعم من رمزية، بوصفه حزب الرئيس المرحوم الباجي قايد السبسي، ما سيجعل البعض يرى في هذا تنفيذا لرغبة أو “وصية” للرئيس الراحل ، مثلما أصبح يروج في الساحة السياسية والاعلامية.
دون أن ننسي التصريح المهم، والذي قد تكون له دلالات في المستقبل، ونعني هنا تصريح القيادي في حركة النهضة والمقرب جدا – برغم الجفوة المعلنة – من راشد الغنوشي لطفي الزيتون، والذي عبر فيه عن دعم صريح لترشح الزبيدي لرئاسة الجمهورية، وأن خصاله تسمح له بذلك، في اشارة  ضمنية الى أنه سيكون الأقرب للاستمرار في الابقاء على نهج التوافق السياسي الذي حكم البلاد كامل فترة الرئيس السبسي.
وهو الذي كان مطلعا عليه بحكم قربه من الرئيس السبسي، دون أن ننسى أنه ليس غريبا على جماعة النهضة، وهو الذي اشتغل معهم في مؤسسات الدولة، كما تربطه صداقات مع بعض قياداتهم مثل لطفي زيتون وعبد الطيف المكي، الذي كانت له علاقات تعاون وثيقة مع الرجل بوصفه رئيسا للجنة الدفاع في البرلمان، وهو ما صرح به المكي في أكثر من مناسبة.
وبالتالي فان الزبيدي وعلى خلاف ما يروج له،  لن يكون من دعة الاقصاء، وأنه سيكون مع استمرار خيار ادماج تيار الاسلام الديمقراطي في الحياة السياسية، باعتباره خيار وطني استراتيجي لا يمكن التلاعب به،
ولعل هذا ما سيجعل من الزبيدي الذي بدأ يجد قبولا من قبل طيف كبير وواسع من التيار الدستوري، وأيضا من المنظمات الوطنية الوازنة مثل اتحاد الشغل، التي تصب تصريحات قياداته الأخيرة في هذا الاتجاه، ما سيجعل منه مرشحا وطنيا للرئاسة.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP