الجديد

رئاسيات 2019 .. كثرة المترشحين لكن التنافس بين وجوه معلومة مسبقا

خديجة زروق
انطلقت اليوم الاثنين 2 سبتمبر 2019  حملة الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها و التي ستحمل بكل تأكيد مستجدات للحياة السياسية التونسية من شانها ان تأتي بالجديد على عدة مستويات .
من اول المستجدات لحد الان نهاية خوض غمار هذا الاستحقاق وفق منطق الاستقطاب الايديولوجي الذي عرفته انتخابات 2014 لعدة اسباب لعل من اهمها “نفور الناخبين” من منطق التصويت المجدي الذي لم يحقق ما انتظره منه الناخبون و هو ما قلص من حدة الاستقطاب الايديولوجي في انتخابات 2019 و هو ما تؤكده اجواء ما قبل انطلاق  الحملة الانتخابية اذ غابت تقريبا كل المفردات التي تحيل الى التمايز الايديولوجي .
مما يؤكد هذا المعطى غياب كل مظاهر الالتقاء على اساس ايديولوجي و هو ما ادى الى تنوع الترشحات من داخل “العائلة السياسية ” الواحدة .
فقد افرز “نداء تونس”  التاريخي ما لا يقل عن ستة مترشحين و ترشح قياديان من الجبهة الشعبية و لم يتفق انصار تجربة “الترويكا” على مرشح واحد .
هذا المعطى طغى على الجدل السياسي في علاقة بما يمكن اعتباره تشتتا للأصوات و هو في تقديري جدل مغلوط الى حد كبير لاعتبارين على الاقل .
ذلك ان “التشتت” هو امر سابق للانتخابات الرئاسية و يعود الى عدة عوامل و معطيات متداخلة و لكنه يكشف واقعا لا يمكن تجاوزه بطريقة مناسباتية ليعاود الظهور و البروز بعد مدة بل لا بد من ثقافة سياسية جديدة تقطع مع الفردية و تكرس منطق المؤسسات.
و بالتالي من المهم ان يقف الناخب على المشهد السياسي في وضعه الاقرب الى الحقيقة و الواقع .
ان “التشتت ” في الانتخابات الرئاسية ( 26 مترشحا) لن يؤثر كثيرا على النتائج لان الاسماء المعنية فعليا بالتنافس الانتخابي تعد على اصابع اليد الواحدة، و لن يجني بقية المترشحين مجتمعين اكثر من خمس الاصوات في احسن الاحتمالات .
وهنا نشير الى أن كل استطلاعات الراي التي انجزت منذ اشهر وخاصة خلال الفترة الاخيرة تحصر التنافس في أسماء معلومة ومعروفة لدى الجميع.
ان التخوف الحقيقي بالنسبة للانتخابات الرئاسية هو عزوف الناخبين و خاصة الشباب منهم عن الاقبال على مراكز الاقتراع و هو عزوف من شانه لو تكرس ان يضعف مشروعية المؤسسات و ان يطرح اكثر من سؤال حول مستقبل الانتقال الديمقراطي في تونس .
و من النقاط اللافتة في ما قبل انطلاق الحملة الانتخابية التأكيد على استحالة احياء تجربة “التوافق” و هو تأكيد اتى على لسان اهم المترشحين من ذوي الحظ الأوفر للفوز في الانتخابات و هو ما يمثل توجها نحو سياسة “واقع الميدان” لكنه قد يخلق صعوبات اضافية اثر الانتخابات التشريعية و عند التفكير في تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات خاصة و ان جميع التوقعات تذهب الى صعوبة حصول حزب سياسي على اغلبية مريحة في الانتخابات التشريعية .
و من النقاط اللافتة أيضا في ما قبل انطلاق الحملة الانتخابية الانتقادات التي وجهها عدد من المترشحين لبنية النظام السياسي و اليات اشتغاله و تأكيدهم على انهم سيمارسون صلاحيات رئيس الجمهورية للمطالبة بإعادة النظر في بعض فصول الدستور و في العلاقات بين السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية .
هذه الانتقادات التي املتها بكل تأكيد عملية معاينة لاشتغال المؤسسات لم تكن متوقعة في انتخابات 2014 التي كان الجميع يتغنى فيها بقطع النظر عن درجة اقتناعه بدستور الجمهورية الثانية الذي سرعان ما برزت اهم ثغراته و ما ينجر عنها من اعاقة لعمل المؤسسات.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP