الجديد

رئاسيات 2019" .. هل انقلبت "النهضة " على تاريخها ؟

خديجة زروق
يتساوق الزمن الانتخابي مع حالة مخاض حقيقية تعيشها حركة النهضة و قد تكون لها بكل تأكيد علي وحدة الحركة وتماسكها التنظيمي. في تزامن مع ما خلفته السنوات الأخيرة من مستجدات على غاية من الاهمية في داخل الحركة الاسلامية في تونس.
فقد افقدتها ممارسة السلطة الكثير من التعاطف الذي اكتسبته بسبب مشاعر المظلومية التي خلقتها حالة المواجهة التي عاشتها مع نظام الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي، و جعلتها هذه المسؤولية في الحكم تتحمل جانبا كبيرا من مسؤولية التردي و الفشل الذي عرفته البلاد في السنوات الاخيرة .
كما تصاعدت خلال الفترة الأخيرة عديد الأصوات السياسية والاعلامية منها ما كان تاريخيا محسوبا على الحركة التي تتهم الاسلاميين النهضويين وتحديدا ما أصبح يسمى جناح “الغنوشي” في الحركة بالتواطؤ مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد في ممارسات توظيف اجهزة الدولة لإقصاء المنافسين السياسيين و تشكيل مشهد انتخابي وسياسي على القياس.
اذا كانت حركة النهضة قد اعتبرت نفسها منذ تأسيسها “صوت المستضعفين ” و الحاملة لتطلعاتهم فان السنوات التي كانت فيها طرفا فاعلا في ممارسة السلطة اختارت فيها دعم توجهات اقل ما يقال عنها انها لا تأخذ بعين الاعتبار وضعية الفئات الاجتماعية ضعيفة الحال و الشرائح المتوسطة .
و قد زادت الاسابيع الاخيرة في اعطاء اشارات جديدة “تدعم ” راي الذين يعتبرون ان حركة “النهضة ” قد كشفت عن وجه لم يكن متوقعا للحركة الى الحد الذي جعل حليف الامس احمد نجيب الشابي يصرح بان “حركة النهضة أصبحت تمثل خطرا على الانتقال الديمقراطي” .
اما في مستوى التسيير الداخلي فقد تزايد تأثير الاصوات الرافضة لتقلص هامش الممارسة الديمقراطية صلب الحركة و هو ما ادى الى ظهور “تيارات ” متنافسة تتحرك صلب الحركة و تستعد لمؤتمرها القادم من اجل حسم تناقضات لم يعد لمنطق “الاخوة في الله” و النضال و ثقافة “الجيل القرآني” الفريد اخفاؤها في ظل ما خلقته ممارسة السلطة من انفتاح على السبل الامثل لخدمة المجتمع و ايضا لتكريس عقلية “المحاصصة ” و ايضا تمتيع النفس و المقربين بثمار السلطة و منافعها .
كل هذه المعطيات جعلت النهضة تتخلى عن خطابها الانتصاري و تعيد النظر في توقعاتها الانتخابية نحو الاسفل و لا تخفي في علاقة بمرشحها للانتخابات الرئاسية عبد الفتاح مورو انقساما في التعامل معه و هو ما اصاب حملته الانتخابية بحالة فتور قد تكون تبعاتها سلبية على المترشح و على الحركة التي ينتمي اليها .
دخلت حركة النهضة مرحلة جديدة في مسيرتها قد تجعلها تختار طريقا يمثل انقطاعا مع تاريخها و انقلابا كاملا على ارث البدايات “الطهورية”، و هو ما قد يؤكد ما ذهب اليه الكثير من الملاحظين من ان الديمقراطية قادرة على امتصاص الاسلام السياسي و تعويمه، وبالتالي نزع “مخالبه” التي تبين أنها من ورق.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP