الجديد

من قابس: الغنوشي في جلباب تشي قيفارا !

منذر بالضيافي
قال راشد الغنوشي رئيس حركة “النهضة”، التي تشارك في الحكم منذ ثورة 14 جانفي 2011 ، مع قوى وأحزاب وشخصيات سياسية،  محسوبة على النظام القديم الذي قامت عليه الثورة “اذا كانت انتخابات 2014 قد أعطت الأغلبية للمعسكر المضاد للثورة فإن انتخابات 2019 (الدور الأوّل من الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها) أعطت الأغلبية للقوى الثورية”.
مشيرا الى ” أنّ انتخابات 2019 أفرزت عدة تيارات سياسية أخرى موجودة بأحجام مختلفة وخاصة ما وصفه بمعسكر الثورة”.
وتابع الغنوشي في تصريح اعلامي لإذاعة موزاييك من معقل حزبه الروحي والسياسي مدينة قابس قائلا: “أن الانتخابات الأخيرة تشير إلى نهاية منظومة اليسار والتجمعيين الذين عملوا على اجتثاث النهضة وإقصائها”، وفق قوله.
تصريحات الغنوشي تعد بمثابة انقلاب على الخط السياسي للغنوشي وحركته، من جهة التنكر “لمنظومة التجمعيين” التي عمل على القرب اليها واجراء مصالحات وتوافقات معها، وهو ما سمح للحركة الاسلامية بالتواجد في الحكم بعد انتخابات 2014 التي خسر فيها حزب النهضة.
وبهذا يكون الغنوشي، قد أعلن فك الارتباط مع ما عرف “بمنظومة التوافق”، التي كان يتباهى ويقول بأنها مكنت البلاد من تجاوز هزات، وحمت الاستقرار واسست للتعايش بين الاسلاميين والعلمانيين، فضلا عن كونها مثلت مقدمة تمهيدية يمكن أن تؤسس لمصالحة وطنية شاملة.
كما أن اللافت للانتباه في التصريحات الانقلابية لمرشد الاخوان،  هو محاولة القفز من سفينة منظومة الحكم ، التي غرقت بسبب فشلها في الحكم وفي ادارة البلاد.
هذه المنظومة التي تعد حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي، من أبرز مكوناتها، بل أنه – هو وحركته – يتحملون مسؤولية ما الت اليه الأوضاع، من انهيار اقتصادي وسقوط أخلاقي وتفكك لمؤسسات الدولة.
الدولة التي تم اضعافها بصفة ممنهجة،  لصالح تيار لا يؤمن أصلا بالثورة، من ابرز مكوناته الجماعات التي يصفها الغنوشي اليوم ب “القوى الثورية”.
كما أن تصريحات الغنوشي لا تستقيم من حيث ما عرف في أدبيات العلوم السياسية، فتيار الاسلام السياسي – ممثلا في جماعة الاخوان المسلمين – لا تعد ولا تصنف ضمن الجماعات الثورية من حيث أدبياتها ومنهج عملها واسلوبها في التغيير.
اذ أن التيار الرئيسي في هذه الجماعة، قد اختار الاندماج في النظام السياسي، على التصادم مع المجتمع ومؤسسات الدولة، وهو اختيار ترجم في الواقع من خلال مشاركة هذه الجماعة في الحياة السياسية وفي الحكم، في مصر والمعرب والأردن وتونس…
وقد كشفت ممارستها في الحكم وخاصة في الحالة التونسية، أنها أقرب الى حزب الاستمرارية  منه الى حزب القطيعة، القطيعة مع ثقافة ومنوال حكم ما قبل الثورة، وبالتالي فان الاخوان – ومنهم النهضة- لا يمكن تصنيفهم ضمن الجماعات والأحزاب الثورية، التي تجنح للقطيع مع كل أشكال وصور وممارسات ثقافة الحكم الذي قبلها.
تصريحات الغنوشي، هي لا تعدوا أن تكون سوى محاولة في البحث عن شرعية جديدة، للاستمرار في المشهد السياسي، من خلال استعادة خطاب ثوري، أو محاولة مغازلة ما يسميه هو ب “القوى الثورية”، التي اخذت في الصعود وفق تقديرات مراكز البحث وسبر الآراء، بمناسبة الاستحقاقات الانتخابية الحالية، للاستعادة بها في مواجهة حالة التراجع الكبير في شعبية وجماهيرية حزبه.
 
 
 
 
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP