الجديد

الغنوشي وسياسة الهروب للأمام

غازي معلى
تبادُل التهم ما بين شركاء الحكم في تونس، وتقاذف المسؤوليات، مضحكان الى حد بعيد، بل انهما يثيران السخرية، لانهما يتعمَّدان إغفال الحقائق، و”استهبال” الناس، ومحاولة الحصول على براءة ذمة لا يمكن ان تكون إلا مزورة.
فالسرقات الممتدة على الاقل منذ العام2011 ، اي منذ الثورة، مثبتة، وواضحة للعيان، والدليل عليها المبالغ التي صُرفت في غير مكان من دون توفير حلول للبطالة والمياه والنقل والنفايات وتلوّث ، وتنظيم السير، وتحسين التعليم بكل مستوياته، ودعم الاسكان، ومكننة الادارة، و…
كما ان محاولة تزييف الحقائق بالتحجج بمؤامرات الداخلية و الخارجية ، لإضعاف الاقتصاد التونسي، وتدهور الدينار ، باتت غير مقنعة، لان تراكم الديون، وسوء الادارة، والصفقات، والفساد المستشري، صنيعة التونسيين انفسهم، من طبقة حاكمة على مر السنوات الثمانية الأخيرة وشاركتهم فيها طبقة من رجال الأعمال قديمة جديدة “تتمعش” من كل العهود و طبقة من المهربين و المتهربين نشأت بفضل ضعف الدولة و استهتار الإدارة
اذا كانت فعلًا مسؤولية كل من شارك في الحكم شركاء فيها، فيعني ان هؤلاء فشلوا و يجب محاسبتهم لكي لا نقول محاكمتهم، لا تمكينهم في مواقع متقدمة في السياسة والامن والادارة كما هم يطمحون الان. بالأمس أعلن الشيخ راشد براءة ذمته هو و حزبه النهضة مما وصلت له البلاد و حال العباد من تدهور لم يسبق له مثيل على كل الأصعدة.
تناسى الشيخ الغنوشي أن الفساد عمل تراكمي والحكم شراكة وأن التاريخ لن يبرّئ كل مَن سرق ونهب المال العام على مدى عقود، وتبقى مسؤولية النهضة بنسبة مشاركتها في السلطة وفي اختيار حلفائه وتغطية أدائهم التصويت الفارط منذ أسبوعين و القادم هو تعبير عن واقع الحال، هو معارضة الشارع للكل و خاصة من حكم و من نافق الحكم و بيضه ، و تحميله المسؤولية، دون سواه، عن كل ازمات البلد، وديونه، وفساده. لا يمكن تحييد النهضة عن ما حدث خلال السنوات الأخيرة ، و هو في موقع المتهم مع الآخرين ، و محاولة تبييض الصفحة هو بمثابة الضحك على الذقون وهروب للأمام، وهو خيار لن يمر .

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP