الجديد

النهضة تحسم أمرها: الغنوشي رئيسا للحكومة

خديجة زروق
اذا كان اجتماع المكتب التنفيذي لحركة النهضة الذي انعقد امس لم يبلور موقفا واضحا حول رئاسة الحكومة و اولويات المشاورات و المفاوضات التي يتعين خوضها مع الاحزاب السياسية و الاطراف المعنية بالأمر فانه قد فتح الباب امام توجه يبدو حسب مصادر مطلعة داخل الحركة ان قيادتها ستضعها موضع التنفيذ خاصة بعد مستجدات الساعات الاخيرة و ظهور قيس سعيد كلاعب رئيسي في المشهد السياسي التونسي .
في هذا السياق تشير مصادرنا الى أن حركة النهضة قد حسمت امرها في اتجاه التمسك برئيسها راشد الغنوشي كمرشح لرئاسة الحكومة الجديدة . هذا التمسك دفعت اليه عدة معطيات بعضها يتصل باعتبارات تتصل بالتفاعلات التي تعيشها حركة النهضة و البعض الاخر هو وليد قراءة قيادة الحركة للأوضاع الوطنية و الاقليمية .
ففي ما يتعلق بالأوضاع الداخلية للحركة فان هذا التمشي يمثل “استجابة ” لما عبرت عنه اطارات النهضة من ضرورة ان لا “تفر النهضة من انتصارها” و ان تتحمل مسؤولياتها و هذا التوجه تغذى حسب نفس المصادر من الدعوات التي اطلقها البعض لتكليف “كفاءة مستقلة ” برئاسة الحكومة اذ رات فيه الاطارات النهضوية تشكيكا في قدرات النهضويين و “تعلة ” للالتفاف على الارادة الشعبية.
هذه الارادة التي تجلت في ما افرزته الانتخابات من نتائج و قد يكون مدخلا لإفقاد الانتخابات دورها و رمزيتها مع ما يمثله ذلك من تداعيات سلبية على مسار الانتقال الديمقراطي .
التمسك براشد الغنوشي كمرشح النهضة لرئاسة الحكومة جاء ليؤكد استعادة “الشيخ ” لاهم خيوط اللعبة داخل الحركة مع ما يفرضه ذلك من وجوب ان لا يفرط فيها و ان يحافظ عل دور “الحكم ” بين الشخصيات المعنية ب”خلافته” و التي يمثل “قصر القصبة ” خطوة في طريق الوصول اليها.
تكفي العودة هنا الى التسريبات المتناقضة التي رشحت عبد اللطيف المكي و زياد العذاري و منجي  مرزوق  كمرشحين من الحركة لرئاسة الحكومة .
اما على المستوى الوطني فان التمسك براشد الغنوشي كمرشح لرئاسة الحكومة يستند الى انه من “اكثر الشخصيات الحزبية في تونس تجربة و خبرة ” و الى انه يبقى من انصار الحوار و التوافق علاوة على ان حركة النهضة تملك برنامجا عكس ما يدعي خصومها و ان تجربة راشد  الغنوشي في القيادة تجعله الاكثر قدرة على ادارة الفريق الحكومي .
كما  يعتبر دخول قيس سعيد على الخط سببا من اسباب التمسك براشد الغنوشي اذ بقدر ما تعبر حركة النهضة عن عدم رغبتها في ان تساهم في العودة الى مربع العلاقة المتوترة بين قرطاج و القصبة كما تجسدت في صراع الباجي قائد السبسي مع يوسف الشاهد بقدر لا تخفي بعض “التوجس” من الرئيس الجديد و نواياه.
وفي هذا الاطار تعتبر ان راشد الغنوشي هو الوحيد القادر على التعامل مع رئيس الجمهورية بندية و دون توتر مجاني و على تعديل بعض التوجهات و هو ما يجعل رئيس حركة النهضة عامل اطمئنان في الداخل و الخارج لبعض الاطراف و القوى التي “يزعجها غموض قيس سعيد و بعض توجهاته”.
و الحديث عن الاعتبارات الخارجية يحيل الى حديث القيادات النهضوية عن شبكة العلاقات الخارجية الواسعة لراشد الغنوشي و ما يحظى به من مصداقية لدى المؤسسات النقدية الدولية و هو ما تحتاج اليه تونس في تعبئة موارد تحتاج اليها لتجاوز ازمتها الاقتصادية .
من ناحية اخرى عادت قنوات الاتصال للاشتغال بين “حركة النهضة” و “قلب تونس” و قد وقعت اجتماعات بين الطرفين ادت الى تعهد واضح من قيادة “قلب تونس” بالتصويت لفائدة الحكومة حتى و ان لم يتواجد فيها.
كما تطور أيضا التنسيق بين حركة النهضة و “تحيا تونس” و هو ما يعني ان حركة النهضة قد قطعت اشواطا هامة على طريق ضمان حصول “حكومتها” على ثقة مجلس نواب الشعب .
وجع الدماغ الحقيقي بالنسبة لقيادة حركة النهضة في هذا المستوى يتمثل في كيفية التعامل مع كل من “حركة الشعب” و “التيار الديمقراطي” .
هنا نشير الى أن حركة النهضة لم تتقبل بارتياح دفع حركة الشعب في اتجاه تولي رئيس الجمهورية تعيين شخصية لتشكيل الحكومة و اعتبرت ان في هذا الدفع “مناورة ” لاحتواء النهضة و لخلق توتر في علاقتها بقيس سعيد و قد زاد استقبال رئيس الجمهورية قيس سعيد لوفد من حركة الشعب امس في تغذية شكوك النهضة من “نوايا” حركة الشعب .
لكن ما تسرب للنهضويين من امكانية وجود تباين داخل قيادة حركة الشعب حول المشاركة في الحكومة دفعها لعدم اغلاق باب التفاوض على امل ان تتوصل الحركتان  في النهاية الى اتفاق يدعم النهضة و يعزل “التيار الديمقراطي” الذي يعتبر النهضويون انه بالغ في ‘الابتزاز ” و هو ما يدفع لعدم المراهنة عليه.
خديجة زروق
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP