الجديد

قيس سعيد يقدم فريقه .. ديوان رئاسي "مقبول"

هشام الحاجي
لا شك ان النقد الذي  يعتبر حجر الزاوية في الانظمة الديمقراطية لا يمثل باي حال من الاحوال استهدافا او تحريضا بقدر ما يمثل شكلا من اشكال مساهمة الراي العام في التقييم و التقويم . و هو ما يعني ان الحديث عن رجال السياسة يمثل عملا مواطنيا يتعين لا المحافظة عليه بل مزيد دعمه.
هذا التذكير قد اضحى ضروريا في ظل تجند غريب لبعض الاقلام و المنابر و المواقع للتصدي ب”شراسة ” غير عادية لكل من يقترب بالتقييم من رئيس الجمهورية قيس سعيد و يتناسى هؤلاء ان رفض النقد هو قاعدة “اسوء الأنساق ” و انه ينذر ببناء نسق مغلق و عنيف .
و من حسن الحظ ان  الرجل  لا يبدو مشجعا لهؤلاء رغم سكوته عن بعض “انزلاقاتهم ” و انه قد اعطى من خلال تكليف رشيدة النيفر بملف الاتصال في رئاسة الجمهورية اشارة ايجابية للاعلام و الاعلاميين .
ففي مستوى التجربة و المسيرة فهي اكثر الماما وهي ايضا قريبة من خلال تجربتها الجمعياتية من الاعلاميين و من عدد من الجمعيات و المنظمات علاوة على براغماتيتها و لكن اختيار رشيدة النيفر – وفريق أغلبهم من “الكهول” –  التي لا يعرفها جيل الشباب و خاصة الذين كانوا “جيش قيس سعيد الفايسبوكي ” قد يخلق حالة من الشعور بالمرارة لدى هؤلاء الذين ينتظر عدد كبير منهم ان يرد لهم رئيس الجمهورية “المصعد ” مع ما يعنيه ذلك من امكانية حصول شيء من الفتور في تماسك الحزام السياسي المحيط بقيس سعيد .
الاختيار الثاني الذي يبدو مقبولا هو تعيين الجنرال محمد صالح الحامدي مستشارا لدى رئيس الجمهورية مكلفا بالأمن القومي . و لا شك ان العمل الهام الذي قام به سلفه كمال العكروت سيكون عاملا مساعدا للمستشار الجديد الذي تقلد عدة مهام في مسيرته و رفض لما شغل نفس الخطة مع الرئيس المنصف المرزوقي الدخول في “متاهة الحسابات السياسية ” و استقال من منصبه و هو ما يمثل تمسكا بالصرامة العسكرية .
و يبدو تكليف طارق بالطيب رئيسا للديوان الرئاسي ايجابيا في الجملة نظرا لتجربة الرجل الديبلوماسية و خاصة لاطلاعه على الملف الليبي الذي يبقى من اهم الملفات المطروحة على طاولة رئيس الجمهورية خلال العهدة الحالية .
و قد خلق عدم تكليف عبد الرؤوف بالطبيب بادارة الديوان الرئاسي  ( عين وزير مستشار بالقصر ) عامل ارتياح لقطاعات من الاعلاميين و المثقفين الذين تداولوا على صعيد واسع تدوينات كتبها الرجل و تضمنت مواقف اقل ما يقال عنها انها ابعد ما يكون عن تدوينات رجل دولة و حكم و هو ما يعني ان قيس سعيد لا يحكم من خلال عزل نفسه عن الشارع و ردود فعله و انه قد يريد احيانا اشياء تناقض رؤية “الشعب يريد ” الذي ساهم في انتخابه و الذي يتبنى جزء منه تصورات عبر عنها عبد الرؤوف بالطبيب .
لكن في المقابل يبدو ان قيس سعيد ينصت احيانا الى ما يمكن اعتباره “نميمة سياسية ” اذ يصعب اقدامه على اقالة خميس الجهيناوي و عبد الكريم الزبيدي عن موقف رئيس الحكومة يوسف الشاهد من وزيري الخارجية و الدفاع.
هناك من اعتبر “الاقالة المزدوجة ” التي كان احترام الحد الادنى من الشكليات يفرض تشريك يوسف الشاهد في الاعلان عنها عملية  “مقايضة ” بين قرطاج و القصبة من خلال تمكين قيس سعيد من ابعاد الجهيناوي و منح يوسف الشاهد فرصة اقصاء الزبيدي .
هذه “المقايضة ” التي تقبلها الوزيران المقالان بمرارة رافقتها ملابسات انعكست سلبيا على صورة رئيس الجمهورية الذي  لم يعلم وزير الدفاع بقرار اقالته رغم انه التقاه ساعة قبل الاقالة و عبر له عن ثقته في اداءه.
اقالة الجهيناوي و الزبيدي وهما “وزيرين مستقيلين ” و هو ما يعني -في صورة تأكد رواية الوزيرين – ان قيس سعيد لم يتخلص من العقدة الازلية لدولة الاستقلال و “النسق ” الذي بنته و المتمثلة في رفضها القبول باستقالة المسؤولين و ما ينجر عن ذلك من سعيها الى اخراجهم من الباب الصغير و هو ما يمثل شكلا من اشكال ضرب فكرة الدولة و استمراريتها .
 
هشام الحاجي
 

هشام الحاجي [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP