الجديد

"حكومة الرئيس" أو "الباطل الذي لن يوصل إلى الحق " ! 

سمير بن علي المسعودي
لم تعلن النتائج النهائية بعد، ولم يستدعي الرئيس الذي مازال يتحسس اقامته بقصر قرطاج في أيامه الأولى، رئيس حزب الفائز في الانتخابات التشريعية، وهو حزب “النهضة” ليمنحه خطاب التكليف، الذي يظل ساري المفعول لمدة شهر تمدد بشهر آخر، ورغم ذلك طلع علينا بعض الفائزين في الانتخابات، ب “بدعة” جديدة أطلقوا عليها “حكومة الرئيس”، ولم يستنكف بعض القياديين، من الصف الأول أو حتى القياديين المضطلعين بمهام ضمن الجامعة العامة للتعليم الثانوي، الرافد القوي لحزب “حركة الشعب”، إلى مطالبة الحزب الفائز بالمركز الأول في الانتخابات بالتنحي، وعدم إضاعة الوقت لفسح المجال إلى شخصية يعينها الرئيس لتكوين حكومة .
ولقد جاء بيان “حركة الشعب” الأخير بعد لقاء وفد عن “النهضة” متناسقا مع كل هذه النداءات ،  إذ أعلنوا رفضهم المشاركة في حكومة تقودها حركة النهضة، مع انفتاحهم على الحوار ؟
بينما يكرر قادة التيار الديمقراطي في كل المنابر الإعلامية أنهم متمسكون بمطالبهم في أن يقود الحكومة شخصية مستقلة وأن يحصلوا على وزارات الداخلية والعدل والإصلاح الإداري و أسأل هل توجد في تونس شخصية سياسية مستقلة ؟
ولعل التاريخ القريب يخبرنا أن من ادعوا هذه الصفة سرعان ما انكشفت انتماءاتهم ونعني بذلك ياسين إبراهيم وسعيد العايدي في حكومة المرحوم الباجي قائد السبسي الأولى و مهدي جمعة الذي ترأس الحكومة الانتقالية 2014 .
لقد اعطانا النظام الانتخابي الأعرج الذي نعتمده منذ2011 والذي أعدّ على مقاس نظام رئاسي لتوفير معارضة للرئيس إذا بنا نكبل به في ظل نظام برلماني معدل فصار بإمكان بعضهم نيل مقعد ب300 صوت.
ويكفي أن نقول أن حزبي النهضة وقلب تونس فقط  لديهما عدد لابأس من النواب بالحاصل الانتخابي بينما كل البقية صعدوا إلى المجلس بأكبر البقايا؟ فهل من الممكن انشاء حياة سياسية مستقرة والمشهد يؤثثه أحزاب تشترط قيادة المرحلة أو الحصول على وزارات سيادة وإقرار مشاريعها وقد صعدت إلى البرلمان بالبقايا؟
ولنعد إلى محاولة الالتفاف على الدستور بالحديث عن “حكومة الرئيس” والتي بات قادة  حزب “حركة الشعب” يرفعون  لواءها قد أحرجوا الرئيس بزيارته في بيته عشية تسلمه السلطة وقبل أن يلتقي بقية الأحزاب في سابقة أسالت الكثير من الحبر وقد  كان أولى بهم احترام الدستور والأعراف  والبروتكول لأن ذلك من شأنه أن يزيد في تهاوي صورة الطبقة السياسية المتهاوية أصلا في نظر الشعب التونسي .
والذي عبّر عن ذلك في الانتخابات الأخيرة وما نجاح كل هذه الأحزاب بفضل الإسعاف الناتج عن القانون الانتخابي الا دليل على ذلك بعيدا عن العنتريات التي يتشدق بها الجميع عن ثقة الشعب فيه لأن الأرقام لا تكذب فكم هي النسبة التي أعطاها لكم الشعب ؟ وهنا أتوجه بالخطاب إلى جميع الأحزاب ، فالناخبون حين توجهوا إلى صناديق الاقتراع لم يتوجهوا إلى انتخاب معارضين لأننا بتنا نسمع أن المتوجهين الى المعارضة أكثر من المتوجهين إلى الحكم ؟
على الطبقة السياسية أن تتلقف نفسها وتتجاوز المراهقة السياسية التي  تلبست بها منذ 8 سنوات وعلى الجميع أن يعوا أن المدار اليوم ليس السيطرة على حجرة سقراط بالمركب الجامعي أو الساحة الحمراء بكلية 9 أفريل بل تسيير دولة يمكن أن تتدحرج نحو الإفلاس مالم يتحد الجميع أحزابا ومنظمات ضمن برنامج موحد للإنقاذ.
وكفانا انتاجا للمصطلحات المضادة للديمقراطية ونحن نزعم أننا بصدد بناء أنموذج للديمقراطية في الفضاء العربي الإسلامي ويكفي العالم ما ابدعته المخيلة العربية السياسية البائسة من بدع من قبيل القائد الملهم والرئاسة المتوارثة والرئاسة مدى الحياة والجماهيرية التي قادت الشعوب العربية نحو الفقر والجهل والحروب الاهلية  والتهجير رغم ما تكتنزه بلدانهم من ثروات .

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP