الجديد

في غياب التوافقات .. لماذا "تغامر" النهضة برمزية "الشيخ" الغنوشي؟    

منذر بالضيافي
ندخل بداية من غدا الأربعاء 13 نوفمبر 2019، في العد التنازلي المتصل بإتمام السلطتين التشريعية (البرلمان ) والتنفيذية (الحكومة)،  بعد انتخاب رئيس الجمهورية، اذ ستكون البداية غدا من مجلس نواب الشعب، الذي سيعقد جلسة عامة افتتاحية، للمدة النيابية الثانية 2019 – 2024، ستخصص لانتخاب رئيس البرلمان الجديد ونائبيه، واللافت للانتباه أن الأحزاب والكتل الرئيسية، تذهب للجلسة العامة الانتخابية، دون حصول توافقات مثلما جرت العادة ، ومثلما حصل بعد انتخابات 2014.
اذ كان من المفروض  الذهاب الى جلسة الغد بعد الانتهاء من عقد اتفاق سياسي في شكل “حزمة” كاملة بين الأطراف الرئيسية، يتم بمقتضاها تحديد موقع ومشاركة كل طرف في البرلمان وفي الحكومة، وهو ما عجزت عن اتمامه المفاوضات، التي دارت بين كل من حركة النهضة الحزب المكلف دستوريا بتشكيل الحكومة، وبقية الأحزاب ذات الكتل الوازنة ونعني هنا حركة الشعب والتيار الديمقراطي.
كشفت المفاوضات، عن الأزمة السياسية العميقة التي تعصف بالبلاد، والمتأتية من ضعف المنجز الحكومي الذي كانت النهضة طرفا رئيسيا فيه، هذه التركة في ادارة الحكم خلفت  أزمة ثقة كبيرة بين مكونات المشهد السياسي، دون أن ننسى عنصر اساسي ويتمثل في  التركيبة الفسيفسائية التي جاءت بها نتائج الانتخابات.
التي أفرزت برلمانا مشتتا، وهو ما سيكون له تأثير سلبي على تشكيل الحكومة المقبلة، خصوصا لو تعذر الوصل الى “توافق” في انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه، حينها ستكون البلاد مقدمة على أزمة حكم، سيكون لها تداعياتها على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، في وضع يوصف بالهش في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية، واستمرار المخاوف الأمنية  سواء في الداخل، أو في الاقليم الذي تغلب عليه مظاهر عدم الاستقرار.
تواجه حركة النهضة، غدا الأربعاء وتحت قبة قصر باردو اختبارا مهما ومزدوجا، يتصل في جانبه الأول بمدي قدرتها على تجاوز حالة “العزلة السياسية”، التي برزت للسطح من خلال جولات المفاوضات، التي أجرتها خلال الأيام الأخيرة مع الفرقاء السياسيين، بعد تجربة “توافق” سياسي أمن لها المشاركة في الحكم، خلال فترة حكم الرئيس السابق المرحوم الباجي قايد السبسي، تريد الحركة أن يستمر في شكل “تعاقد” مع قوى جديدة هي أقرب للخط “الثوري” (أو تقدم نفسها كذلك)، في محاولة تماه مع ساكن قرطاج الجديد، الذي ما يزال “غامض” بما في ذلك عند الاسلاميين، فضلا عن كونهم يتوجسون من الارتفاع العالي لمنسوب “شرعيته”، وهو الذي أنتخب بما يشبه “الاستفتاء الشعبي”.
أما الاختبار الثاني، والذي لا يقل أهمية عن الأول، والذي ستجد حركة النهضة في مواجهته غدا، فهو الذي يتصل بموقع ومكانة “الشيخ” راشد الغنوشي، الذي اختارت الحركة ترشيحه لرئاسة البرلمان، وفي ذلك “مغامرة” قد تكون غير محسوبة “العواقب”، خصوصا في ظل عدم التوصل الى “توافقات” مسبقة، ما يجعل فرضية سقوط الغنوشي في انتخابات الغد سيناريو وارد وممكن ولا نظنه خاف عن النهضويين، وفي حالة حصوله فانه سيكون بمثابة الضربة الموجعة للشيخ المؤسس ولرمزيته واعتباريته، لا في الحركة فقط بل في البلاد، قد تكون مقدمة لخروجه من الباب الضيق،  من المشهد السياسي ومن قيادة الحركة، وهو الذي يواجه محاذير عدم التجديد له في المؤتمر القادم، استنادا الى القانون الداخلي للحركة، الذي يرفض تولي الرئاسة لأكثر من دورتين.
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP