الجديد

أزمة اقتصادية وحراك احتجاجي .. ماذا يحدث في إيران ؟

عماد بن عبد الله السديري
بعد قرارها الانسحاب من الاتفاق النووي الذي وقعته إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع الجانب الإيراني، انطلقت الولايات المتحدة الأمريكية في تطبيق سياسة الضغوطات القصوى على الجانب الإيراني (maximum pressure policy)
في المقابل، انطلقت إيران في تطبيق سياسة مضادة أطلقت عليها تسمية سياسة المقاومة القصوى (maximum resistance pressure).. وتقوم السياسية الأمريكية على تشديد العقوبات الاقتصادية وعزل إيران إقليميا من أجل خنقها وتشجيع التمرد والتغيير من الداخل.
من النظريات الاجتماعية والسياسية التي تطبقها الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الصدد نظرية تضخم الشباب ( youth bulge theory) التي تفترض أن تفاقم مشاكل الشباب الاقتصادية والاجتماعية ستدفعه إلى التمرد على السلطة الحاكمة إذا فشلت في الاستجابة لمطالبه وفي توفير حاجاته الأساسية، وهي نظرية قد ثبتت وجاهتها منذ العام 2011 على نحو خاص.
وبالفعل، أدت العقوبات الإيرانية إلى ارتفاع نسبة التضخم في البلاد إلى مستويات قياسية، إذ بلغت وفق بعض التقديرات حوالي 50٪ خلال السنتين السابقتين، وهي نسبة مرتفعة جدا ولها تداعيات خطيرة على المقدرة الشرائية للمواطن الإيراني.
وبحسب آخر تحديث نشره البنك الدولي بشأن المؤشرات الاقتصادية الأساسية في إيران في منتصف شهر أكتوبر 2019، فإن منع إيران من تصدير الغاز والنفط قد تسبب في خسائر اقتصادية فادحة، حيث يفترض أن ينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 10٪ خلال العامين 2019 و2020 نتيجة لاستمرار العقوبات الأمريكية..
أما اجتماعيا، فقد تحرك الشارع الإيراني بالفعل نتيجة لتفاقم الأزمة التي تعصف بالبلاد. فخرج الآلاف من المحتحين في مناطق كثيرة من البلاد مطالبين بالتغيير.. إلا إن التغيير من منظور بحثي مازال غير ممكن في إيران، فالحكومة مازالت رغم كل شيء تدير الأزمة بحنكة كبيرة..
فعلى سبيل المثال لا تزال الحكومة المركزية تتحكم في نسبة التضخم، رغم ارتفاعها المشط، ولم تفقد السيطرة عليها تماما.. وفي هذا الصدد، وجب التذكير بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد طبقت ذات السياسة الاحتوائية ضد فنزويلا حيث أدت العقوبات المشددة إلى تحطيم الاقتصاد الفنزويلي الذي انكمش بنسبة 65٪ ما بين الأعوام 2013 و2019. أما نسبة التضخم فقد وصلت في بداية هذا العام إلى 10 مليون بالمائة، ويفترض أن تتراجع مع نهاية هذا العام إلى حدود 1 مليون بالمائة..
وهو ما يعني أن إسقاط النظام السياسي الإيراني لن يكون حسابيا أمرا سهلا، إذ يستوجب ذلك تشديد العقوبات الأمريكية وعزلها أكثر فأكثر إقليميا، وبخاصة من خلال منع كسرها للحصار المفروض عليها عبر بوابة العراق أو سوريا أو لبنان أو اليمن.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP