الجديد

أزمة شاملة ومركبة .. تونس في مواجهة المجهول

خديجة زروق
يخيم على المشهد التونسي، عشية احساء الذكرى التاسعة للثورة (14 جانفي 2019)، حالة من “الغموض” الذي يجعل الأوضاع مفتوحة على كل السيناريوهات، فالأزمة الحالية شاملة ومعقدة ومتعددة الأبعاد.
فهي اقتصادية وتنذر بأن تحدث عواصف وزوابع اجتماعية، ونحن ندخل جانفي شهر “الغضب الاجتماعي” بامتياز، دون أن ننسى الأزمة السياسية التي من أبرز تجلياتها، عجز رئيس الحكومة المكلف والحزب المشكل لها عن تشكيل حكومة، فبعد مرور الشهر الأول لا نكاد نلاحظ حلحلة تسرع بميلاد حكومتنا العتيدة، التي تنتظرها “أهوال” بالجملة، لعل أشدها توقع حصول “صدام” مع قرطاج، ما يجعل بلادنا مرشحة لأن تعيش في قادم الأيام أزمة حكم، لا نبالغ بالقول أنها ستكون الأشد في تاريخها منذ تأسيس دولة الاستقلال.
انطلقت الاحتفالات بالذكرى التاسعة لانطلاق “الثورة ” في مناخ أقل ما يقال عنه أن الشعور بالإحباط و الخوف من المستقبل هو سمته الطاغية. و طغيان هذا الشعور يمثل في حد ذاته مؤشرا يبعث على التساؤل حول المستقبل لأن مسارات الثورات تفرض طغيان التفاؤل مع ما يدفع إليه من انخراط أوسع القطاعات و الفئات.
و لا شك أن الكلمة التي ألقاها رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس من سيدي بوزيد بالذات تمثل مؤشرا على أن التونسيين يخوضون المرحلة القادمة بمنسوب مرتفع من التخوف.
لم يغادر رئيس الجمهورية  في خطابه في الذكرى التاسعة لانطلاق الثورة مربع التحريض الذي قد يكون مفهوما حين يكون المرء مرشحا للانتخابات و لكنه يتحول إلى عامل توتر حين يصدر عن شخص يفترض انه مدعو بحكم الموقع لأن يكون عامل بحث عن عناصر الوحدة و التوافق.
كلام قيس سعيد المبهم أخذت نتائجه تظهر اليوم في ما نشر من وجود تباين بين المسار الرئاسي و المسار البرلماني و الحكومي و هو ما يوحي بمواجهة واردة بين قرطاج و باردو، إذا استثنينا خطاب الأمس فإن قيس سعيد كان حاضرا منذ تنصيبه بالغياب، فالرجل “صامت” يراقب وينتظر.
من جهة أخرى فان الوضع في مجلس نواب الشعب ليس لحد الآن أفضل حالا في ظل ما لوحظ من إستمرار نزعة التغيب عن حضور الجلسات العامة و عدم تمكن رئيس المجلس من فرض أسلوبه و انشغاله أكثر بإدارة المفاوضات حول تشكيل الحكومة و الصراع الذي تعيشه حركة النهضة.
و يضاف إلى ذلك ما يعيشه مسار تشكيل الحكومة من تعثر و تقلبات و غموض أبرز أن الأمر لا يخضع لرؤية قوامها البحث عن تنفيذ برامج بل أن المحاصصة هي الطاغية. و إذا ما اضفنا إلى ذلك الدعوات إلى إعادة النظر في الدستور و النظام السياسي و الوضع الاقتصادي الصعب يمكن القول أن تونس تنزلق تدريجيا نحو منطقة الاستعصاء التي تحمل في طياتها اخطارا لا حدود لها، تجعل بلادنا في مواجهة المجهول.
هذا دون أن ننسى تداعيات الوضع في الاقليم التي تمثل مخاطر على الاستقرار وعلى الأمن القومي التونسي.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP