الجديد

حكومة الرئيس .. قيس سعيد يستعيد المبادرة  

خديجة زروق
احال حجب مجلس نواب الشعب الثقة عن الحكومة التي اقترحها الحبيب الجملي أهم اوراق اللعبة السياسية إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد. و حين نتحدث عن اوراق اللعبة السياسية، فإننا لا نعني فقط ما يخوله له الدستور، من اختيار  “الشخصية الأقدر”، التي  سيعهد لها بتشكيل الحكومة الجديدة،  بل اساسا إمكانية كسب نقاط في معركة التموقع المعلنة، التي يخوضها الرجل بأساليب مختلفة، ضد الهندسة الحالية للنظام السياسي الحالي، بقاعدته التي يمثلها الدستور ، و بأهم ادواته متجسدة في البرلمان و الأحزاب السياسية.
يبدو أن قيس سعيد، قد أدرك أنه مطالب بالتقاط الفرصة، ليسجل بعض النقاط و هو الذي تراجعت شعبيته في المدة الأخيرة. وكانت اول النقاط تمثلت في دعوة الاحزاب السياسية الى تقديم مقترحاتها مكتوبة، و بالتالي “ابتدع” منهجية جديدة، تقوم على تجنب الالتقاء بقيادات الأحزاب وتمكينها من تصدر المشهد، وهي التي فشلت لما كانت المبادرة عندها.
هنا يستثمر قيس سعيد في بعض الانطباعات السلبية، التي تشكلت لدى الرأي العام عن الأحزاب السياسية، بوصفها لا تجيد إلا المناورات الجانبية، و لا تفكر إلا في مصالحها الذاتية.
هذا الانطباع، تغذيه وضعية المشهد الحزبي، بعد جلسة التصويت الشهيرة على منح الثقة. فقد تلاشت إمكانية بناء جبهة برلمانية، كما روج نبيل القروي رئيس حزب “قلب تونس”، و لم يثمر التقارب بين نبيل القروي و يوسف الشاهد اتفاقا حول ترشيحات مشتركة لرئاسة الحكومة، و برز تفكك في تحالف الضد الذي تشكل بين التيار الديمقراطي و حركة الشعب، بل ذابت “لاءات”  التيار الديمقراطي،  و ظل مظهر التماسك الوحيد داخل البرلمان متجسدا في كتلة الإصلاح الوطني المستقلة.، وطبعا كتلة الحزب الدستوري الحر بزعامة عبير موسي.
من بين أوراق قيس سعيد حاليا، هي حالة التبرم التي تطغى على قطاعات واسعة من التونسيين، و التي وظف رئيس الجمهورية احدها و هي اعتصام الكامور،  الذي لفت الانتباه بسلميته ، و بأن حالات التصعيد فيه ترتبط بسياقات تطورات في الوضع الداخلي، أو في الجارة ليبيا.
تحرك قيس سعيد و استقبل وفدا من معتصمي الكامور، و عبر بوضوح عن مساندته لهم و لكن هذا الوفد لم يجد نفس التجاوب من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي، بل أن هذا الوفد قد أضاف من خلال قراره الإعتصام في مجلس نواب الشعب ، صعوبات أخرى إلى المصاعب التي تلاحقت على راشد الغنوشي في المدة الأخيرة.
ان حالة التراجع التي تعيشها حاليا كل الأحزاب، تطلق أيادي رئيس الجمهورية قيس سعيد ليكون هو “المبتدأ “في المشهد السياسي، و قد يفضل تعميق “انتصاره ” بأن يرمي جانبا مقترحات الأحزاب السياسية، و يختار الشخصية التي تبدو له الأقدر .
كما أنه قد يختار شخصية من بين الاسماء المقترحة و لكن دون مراعاة التوازنات البرلمانية حتى يزيد في إعاقة عمل مؤسسة يعتقد جازما انها ليست المؤسسة التي تمثل فعليا الإرادة الشعبية.
لكن، الثابت أن الرئيس سعيد والذين من حوله يدركون جيدا أن الحكومة المقبلة ستكون محسوبة عليه، في وضع اقتصادي على حافة الافلاس مثلما يذهب لذلك بعض الخبراء، وفي ظل العجز عن تمويل الميزانية، خاصة بعد تراجع تحمس المؤسسات الدولية المانحة، وهو مرجح للاستمرار في ظل غياب مفاوض كفء ودبلوماسية نشطة.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP