الجديد

محللون: بعد 100 يوم من حكم الرئيس قيس سعيد .. تواصل الغموض، فشل دبلوماسي وغياب للمبادرة

تونس- التونسيون
أي تقييم لفترة حكم الرئيس قيس سعيد خلال ال 100 يوم الأولى من تواجده في قصر قرطاج، موقع “التونسيون” رصد أراء نخبة من المحللين والسياسيين، حيث وقفنا على ما يشبه الاجماع، على تواصل غموض الرجل وماذا يريد من توليه الرئاسة.  فضلا عن الاقرار بالفشل في السياسات الخارجية، نجم عنه ما يشبه الدخول في “عزلة دبلوماسية” غير مسبوقة في تاريخ تونس،  منذ تأسيس الدولة الوطنية، بعد حصولها على الاستقلال في خمسينات القرن الماضي. الى جانب التأكيد على أنه لا يمكن الحديث عن تقييم حصيلة والرجل لم يقدم لا برنامج ولا تصورات يمكن أن يحاسب عليها.
 
عبد المجيد المسلمي، قيادي في تحيا تونس: فمتى سيصبح الرئيس قيس سعيد رئيسا؟

لدي ثلاثة ملاحظات أساسية على اداء الرئيس قيس سعيد خلال ال 100 يوم الاولى لعهدته الرئاسية.
الملاحظة الاولى: ضعف التواصل الإعلامي للرئيس، فباستثناء خطاب 17 ديسمبر و راس السنة الميلادية لم نلحظ نشاطا اعلاميا يذكر للرئيس،  لتوضيح رؤيته في جميع المجالات لا لقاء مع الصحافة الداخلية و لا مع الصحافة الخارجية و لا قنوات داخلية او خارجية، مما يجعلنا نطلق عليه الرئيس الصامت.
الملاحظة الثانية: ضعف النشاط داخل الجهات، اذ كان من المنتظر ان يقوم الرئيس بزيارات للجهات الداخلية للاطلاع على وضعها،  و على مشاريع التنمية و دفع عجلة تلك المشاريع و اعطاءها دفعا خاصة في ظل حكومة تصريف الاعمال.
و لكن الرئيس، لم يقم الا بزيارة واحدة يتيمة كانت محدودة، و كانه يريد الانزواء بالقصر و ملاحظة الاوضاع من بعيد.
الملاحظة الثالثة: هو غيابه عن محطات خارجية مهمة و عدم زيارته لأي بلد، و حتى عمان فقد كانت زيارته للعزاء، و هذه نقيصة كبيرة و الحال انه المسؤول عن العلاقات الخارجية.
هذه الملاحظات تجعلنا امام ظل رئيس او رئيس بالغياب و ليس رئيسا حقيقيا. . فمتى سيصبح الرئيس قيس سعيد رئيسا؟
سامي بن سلامة، ناشط ومحلل سياسي: مائة يوم من أجل أية حصيلة ؟

استبشر كثيرون بصعود الرئيس قيس سعيد إلى أعلى منصب في الدولة التونسية بصفة مفاجأة ورأى فيه البعض المنقذ من الفقر وانعدام الآفاق والفساد المهيمن على تونس بعد تسع سنوات من اندلاع الثورة.
كانت الآمال المعلقة على الرجل كبيرة رغم عدم تقديمه برنامجا واضحا وعدم التزامه بشيء تقريبا أثناء حملته الانتخابية.
أتفق شخصيا  معه في نقطتين وهما ضرورة تغيير النظام السياسي واعتماد نظام رئاسي ديمقراطي وكذلك تغيير النظام الانتخابي من نظام القائمات المقنّعة إلى نظام انتخاب مكشوف الوجه على الأفراد وعلى دورتين وإلى حد الآن لم نر منه تحركا واضحا في هذا الإطار.
ويمكننا القول بعد مرور المائة يوم الأولى من عهدته الرئاسية بأن الحصيلة لم تكن في مستوى الانتظارات. لم يفلح الرئيس الجديد في تحريك المياه الراكدة منذ توليه السلطة. على المستوى الداخلي لم نشهد ذلك الرئيس المتمكن من الشأن السياسي ، فكلما صرح إلا وازدادت الأمور غموضا.
لا يعرف أحد إلى يومنا هذا إن كان له مرشحين لوزارتي الخارجية و الدفاع، وعجز عن تشكيل ديوان رئاسي في المستوى، ولم تكن اختياراته موفقة واعتمد على أفراد تعوزهم الخبرة وأثارت خلفياتهم السياسية وارتباطاتهم جدلا واسعا. وقد ساهم ذلك في تنامي الشكوك حول نواياه وتوجهاته الحقيقية.
تميزت نشاطات الرئيس وخطاباته الأولى (في سيدي بوزيد خاصة) بسيل جارف من العواطف وبتشنج ملحوظ، لكأنه اختار مواصلة حملته الانتخابية والحال أنه الوقت المناسب لتقمص دور الرئيس المنتخب.
أخطأ في اول فرصة أتيحت له لممارسة صلاحياته الدستورية واختار تغليب حساباته الشخصية على المصالح العليا للوطن واختار من ضمن جميع المرشحين للفوز بالتكليف لرئاسة الحكومة أسوأ مرشح وصاحب أردأ رصيد وزاري وقد قدم ترشحه من قبل حزب واحد على خلاف بقية المرشحين.
مثل ذلك التكليف مخالفة واضحة لنص الدستور الذي تحدث عن الشخصية الأقدر لنيل ثقة البرلمان ولم يكن يقصد بذلك الشخصية الأقدر لتطبيق خطط الرئيس.
لم يتحمل السيد سعيد مسؤولية اختياره ملقيا المسؤولية في خطاب التكليف على نواب الشعب كما أنه مارس ضغطا كبيرا لكي يتم إقصاء أطراف بعينها كقلب تونس والدستوري الحر من المشاورات مغلبا مشاعره الشخصية ومعبرا عن عدم إيمانه بأن رئيس الجمهورية هو رئيس كل التونسيين من صوت له ومن لم يصوت.
وهو ما أثبته بتعامله الطبيعي مع مشاركة الروابط السابقة التي تم حلها لمخالفتها القانون ودفاعها عن العنف والارهاب في تشكيل الحكومة.
استقبل الرئيس فيما بعد أبناء الدواعش الارهابيين في قصر الرئاسة وأرسل بذلك رسائل سيئة إلى الإرهابيين وكذلك إلى التونسيين الذين اكتووا بنار الإرهاب. وأثار ذلك ردود فعل عنيفة ضده، إذ اعتبر الأمر بمثابة التطبيع مع الإرهاب وتكريما له إذ أن الرئيس لم يستقبل في قصر الجمهورية إلى يومنا هذا أبناء وعائلات مئات العسكريين والأمنيين الذين اغتالهم الارهاب ونكل بهم.
ولا يبدو إلى حد الآن بأن الرئيس الجديد الذي يفتقر للخبرة وللحنكة السياسية شاعر بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه. إذا لا يعتقد أحد بأن سياسة العواطف الجياشة واحتضان الشباب العاطل التي بالغ في اعتمادها ستقنع العاطلين والمواطنين المنتظرين لقرارات جريئة بسلامة التوجه وبقدرة الرئيس على ممارسة سياسات تكفل تغيير ما وعد بتغييره.
أما على المستوى الدولي فعلاوة على ضعف الديبلوماسية التونسية في عهده، فقد تميزت بداية عهده بغموض تام فيما يتعلق بالموقف التونسي من قضايا شائكة تتعلق بالمسائل السورية والليبية واليمنية والفلسطينية.
ومع رفضه الواضح التنقل إلى العواصم الاوروبية والعربية وربط علاقات مثمرة مع شركاء تونس التقليديين، فإن ما يلاحظ أن السفرة الوحيدة التي قام بها كانت للتعزية في وفاة سلطان عمان قابوس بن سعيد أحد المطبعين مع اسرائيل.
نسف ذلك أسس دعايته الانتخابية المرتكزة  على اعتباره التطبيع خيانة عظمى. وهو ما يدعو إلى التساؤل عن الأسباب الحقيقية التي دعته إلى عزل وزير الخارجية السابق حال توليه السلطة بدعوى رفضه للمطبعين وإلى انتظار مواقفه من العدوان الصهيوني المتكرر على قطاع غزة ومن صفقة القرن الأخيرة.
ما نخشاه أن لا تختلف المائة يوم الأولى للسيد قيس سعيد في الحكم عن المائة اليوم التي تليها. فإلى يومنا هذا لا يعلم احد تفاصيل برنامج الرئيس الحقيقية وإن كان ينوي التحرك والقيام بمبادرات لتطبيق برنامجه، وإن كان له برنامج أصلا.
 المنصف عاشور، ناشط سياسي: فشل وخيبة أمل في العلاقات الخارجية
 
تقييم مائة يوم لمأمورية رئيس الجمهورية المنتخب، أصبح منذ سنوات تقليدًا إعلاميًا وسياسيًا معمولًا به وحتى لا نسقط في مسايرة الموضة، دون وعي نقدي وتعامل يأخذ بخصائص الوضع في تونس، علينا ان نعتمد منهجًا علميًا نقديًا في عملية التقييم، و الانطلاق من مقاييس موضوعية حتى نتجنب عديد الانحرافات المنهجية والسياسية.
وفي هذا الإطار نعتقد ان عملية تقييم فترة المائة يوم من عهدة قيس سعيد لا بد ان تنطلق من مرجعيات أساسية ثلاث الا وهي:
1/ صلاحيات الرئيس كما يضبطها دستور البلاد
2/ البرنامج الانتخابي للسيد الرئيس قيس سعيد
3/ انتظارات الشعب التونسي، وتطلعه إلى تحسين أوضاعه وأمله في ان يرى الوعود الانتخابية تتحقق على ارض الواقع
ومنذ البداية ، لا بد من التأكيد ان احد العناصر الأساسية في عملية التقييم، ليست بالوضوح التام وهي المتعلقة بالبرنامج الانتخابي للمترشح قيس سعيد، الذي غلب عليه الجانب القيمي والرمزي، كمقاومة الفساد والصرامة في تطبيق القوانين، ومقاومة التهميش الاجتماعي، والحد من الفوارق الاجتماعية، و تطوير المشاركة الشعبية، في الشأن العام بتطوير النظام السياسي، لتجاوز أزمة الديمقراطية التمثيلية، وارساء أسس التمثيلية المباشرة وتعزيز السلطة المحلية، و اعادة السيادة للقرار الوطني المستقل لتونس في علاقاتها الخارجية . .
سنكتفي ببعض الملاحظات التقييمية الأولى حول مسؤولية الرئيس قيس سعيد، في علاقته بالسياسة الخارجية و بالدبلوماسية التونسية،  وهو ما يمثل جانبًا هامًا من مشمولاته الدستورية، خاصة وان تونس ستتحمل لسنتين عضوية غير قارة بمجلس الأمن، وتترأس الجامعة العربية،  و تستعد هذه السنة لاحتضان قمة الفرنكوفونية. كما انها مدعوة الى مراجعة علاقاتها بالمؤسسات المانحة وشريكها الاستراتيجي الاتحاد الأوروبي .
و يمكن الجزم بدون تردد ان حصيلة هذا المجال في تقييم حصيلة المائة يوم في نشاط رئيس الجمهورية،  تبقى دون المأمول بكثير و مخيبة للآمال . الارتجال والتردد وغياب المبادرة و التفاعل مع الأحداث الدولية هو الذي ميز سلوك رئاسة الجمهورية.
وكان القرار السريع والمفاجئ، القاضي بإعفاء وزير الخارجية خميس الجهيناوي بطريقة غير لائقة، و فيها تعسف على الرجل والدبلوماسي، الذي قد نختلف في تقييم مسيرته المهنية ولكن لا يمكن قبول محاولة الإساءة له ولصورة رجل الدولة والدبلوماسي الذي يمثلها و هو الذي تحمل المسؤولية طيلة ما يزيد على أربعة عقود.
وفي مجال العلاقات الخارجية، نشير هنا الى التعامل المرتبك مع الملف الليبي، على المستوى الخارجي، والمحيط المجاور والإقليمي والدولي . وبرز ذلك اثناء زيارات بعض المسؤولين الدوليين الى بلادنا، والتصريحات المتضاربة حول موقف تونس من القضايا الدولية و الأزمة الليبية بالخصوص .
الملاحظة الأخيرة تخص العلاقة مع القضية الفلسطينية ، فان كان لا يخفى الرئيس قيس سعيد تعلقه الشديد بهذه القضية، وتأكيده في كل مناسبة بانه لا يقل حماسًا عن الفلسطينيين و بانها تبقى قضيته الأولى، غير انه بدا “أكثر اعتدالا”، في خطابه خاصة الذي القاه تحت قبة البرلمان، بمناسبة أداءه القسم والذي غاب فيه الحديث عن التطبيع وعن تجريمه والاكتفاء بتشديده على الحق الفلسطيني .
وفي الأخير، نترقب من رئيس الدولة خطابا ورسائل اكثر تعقل ووفاء لتقاليد الدبلوماسية الهادئة التونسية .
 العجمي الوريمي، قيادي في “النهضة”: نشاط الرئيس مستمد من الصلاحيات الممنوحة له في الدستور

أول ما يمكن الانطلاق منه، في القيام بعملية تقييم أولية للمائة يوم الأولى من العهدة الرئاسية للرئيس قيس سعيد، أنه حافظ على شعبيته مع بقاء شيء من الغموض حول شخصه و مشروعه و برنامجه، في ظل ما يشبه الاتفاق الكامل حول وجود فشل اتصالي من الفريق الذي اختاره لهذه المهمة، سواء في إيصال الرسائل أو نجاعة التدخل أو إيضاح الرسائل و المواقف.
استطاع الرئيس قيس سعيد الحفاظ على علاقة حية مع المواطنين، من خلال تمش إختار أن يكون وسطيا، إذ لم يبلغ سياسة “الاتصال المباشر “، التي مارسها الحبيب بورقيبة ، و لم يغلق باب التواصل مع المواطنين، و سجل حضوره في مناسبات تنسجم مع قناعاته كفاجعة حادثة عمدون أو الاحتفال بذكرى الثورة في مهدها (سيدي بوزيد) .
و قد حرص رئيس الجمهورية على تسجيل حضوره و أعتقد في هذا الصدد أن إيقاع نشاط رئيس الجمهورية مستمد من الصلاحيات الممنوحة له في الدستور ، و هو ما تجلى في إشرافه على اجتماع الأمن القومي، و اهتمامه بالمسالة الأمنية من خلال تحوله إلى ثكنة الحرس الوطني بالعوينة، و إن كان اختيار المكان قابلا للنقاش.
من هذه الزاوية أبدى رئيس الجمهورية اهتماما بظاهرة “البراكاجات “و هو في صلب مهامه، و لكن أعتقد أن الرئيس قيس سعيد يفتقر لآليات التنسيق و التدخل و التعامل مع رئاسة الحكومة و مجلس نواب الشعب، رغم أنه بادر لإيجاد حركية من شأنها تفعيل دور رئيس الجمهورية.
كما أعتقد أنه لا بد من إيجاد آليات واضحة تجعلنا نرى الأثر في مبادرات مشتركة للرئاسات الثلاث حسب الصلاحيات. رئيس الجمهورية إختار كمنهجية عمل عدم الاشتغال على جبهتين أو أكثر في وقت واحد، رغم أن الظرف يفرض ذلك أحيانا، إذ اهتم بتشكيل الحكومة الجديدة، و ترك إلى حين النشاط الخارجي، في حين كان بالإمكان الاهتمام بالملف الخارجي خاصة و أن الوضع الإداري و الأمني و السياسي مستقر، ولا وجود لما يدعو للتركيز المفرط على المسألة الداخلية.
لقد كان من الأفضل أن يكون رئيس الجمهورية حاضرا في دافوس و أن يكون خلال المائة يوم الماضية قد أدى زيارات إلى الجزائر و فرنسا و ان يكون قد استقبل عددا من السفراء.
ماجد البرهومي، حقوقي ومحلل سياسي: اختيارات خاطئة في الداخل والخارج

 لا بد عند القيام بعملية تقييم أولية للمائة يوم الأولى من العهدة الرئاسية للرئيس قيس سعيد، أن ننطلق من أن الدستور الذي يمنح صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية،  لأننا في نظام برلماني، و إن كانت فيه بعض آليات النظام الرئاسي، و من بينها انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع العام و المباشر.
و من منطلق هذه الصلاحيات المحدودة سأحصر تقييمي في إطار هذه الصلاحيات، و في اعتقادي أن رئيس الجمهورية قيس سعيد، قد أخطأ خطأ فادحا حين استجاب لرغبة رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد، و أقال وزيري الخارجية و  الدفاع و هو ما ساهم في شل حركة الديبلوماسية التونسية، و عزل تونس عن العالم الخارجي.
وقد واصل قيس سعيد لعب دور سلبي في الملف الليبي،  حيث ادعى أنه التزم الحياد في حين أنه أدخل تونس في لعبة المحاور، و هو ما أدى إلى عدم دعوة تونس لحضور مؤتمر برلين.
كما أخطأ قيس سعيد في عدم التحول إلى الجزائر لحضور موكب تنصيب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، علاوة على عدم حضوره جنازة رئيس هيئة الأركان الجزائرية الجنرال أحمد قايد صالح، باعتبار مبدأ المعاملة بالمثل في العلاقات الدولية، إذ حضر الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح موكبي جنازة الرئيس الباجي قائد السبسي و تنصيب الرئيس قيس سعيد.
و أخطأ قيس سعيد باختياره إلياس الفخفاخ، لتشكيل الحكومة إذ أعاد تقسيم التونسيين من جديد، إلى من يعتبر نفسه ثوريا و بين من يعتبره رئيس الحكومة المكلف غير ثوري، ليعيدنا إلى سياقات حكم الترويكا العجاف، و التي شهدت نتيجة هذا التقسيم المصطنع اغتيالات سياسية لا نريد أن نعيشها من جديد.
عبد الواحد اليحياوي، قيادي في “التيار الديمقراطي”: لا تقييم لمن لا برنامج له

يبقى من الصعب تقييم المائة يوم الاولى من رئاسة قيس سعيد لسبب أساسي وهو ان الرجل لم يطرح على التونسيين برنامج حكم. فالرجل كان صامتا مكتفيا بصورة السياسي من خارج السياسة ، وصاحب خصال شخصية قريبة من مخيال التونسي العادي، من حيث الاستقامة والنزاهة.
وحتى اليوم،  لا احد يعرف ماذا يريد قيس سعيد،  رغم كل الشرعية الانتخابية التي يتمتع بها، وماذا ينوي ان يفعل بها رغم الضعف الذي تعانيه المنظومة الحزبية، التي يقدم نفسه كبديل لها، والارجح ان الرجل نفسه لا يعرف ماذا يريد، وربما لا يصدق أصلا انه صار الرئيس.
انعكس عمليا غموض الرئيس على المجالات التي يتيح له فيها الدستور التدخل، خاصة الخارجية حيث تبدو تونس دون رؤية واضحة، في اقليم متوتر وتشقه صراعات المحاور الاقليمية والدولية.
في الجملة رغم ان الوضع السياسي الداخلي يسمح لقيس سعيد بلعب دور محدد نتيجة تشظي التمثيليات البرلمانية والصراعات بين الاحزاب  فإنه من الواضح انه لا يعرف ماذا يعرف بالسلطة وقد يخرج منها بعد خمس سنوات وهو لا يعرف ذلك.
غازي معلى، محلل سياسي: كيف نحاسب شخص لم يقدم وعود واكتفى بشعارات

لا يجوز ان تحاسب اي شخص على شيء لم يعد به، و بالتالي رئيسنا دخل قصر قرطاج بدون برنامج واضح، و لا أهداف محددة ، مجرد شعارات كتبها بعض الشباب على الجدران، تبناها و قال لنا في حملة تفسرية :”الشعب يريد”،  إذًا من ليس له برنامج لا يمكن ان تكون له حصيلة، و من يحاسبه فهو يحاسب نفسه على اختياره.
و إذا انتقلنا إلى صلب مهامه الدستورية، التي يمارسها بفعل القانون و الدستور و المسؤولية السياسية ، فالرجل لم يثبت فقط انه ليس له برنامج و رؤية ، بل اثبت أيضا ان هناك ارتجال و ضعف في التعاطي مع الحجم الكبير من المسؤوليات و دقة الوضع في البلد و المنطقة ، فبعد ان التقى شيوخ قبائل ليبين لا يمثلون الا أنفسهم و لا حجم سياسي و لا اجتماعي لهم في ليبيا، و أراد ان يبنى معهم حل في بلد جار أوضاعه معقدة إلى ابعد الحدود، و ما ان انتهى الموعد معهم ، حتى صدرت بيانات التنديد و التكذيب و التشكيك في جدوى اللقاء.
أيام قليلة بعد هذا اللقاء الكارثة، جاءه رئيس تركيا في زيارة قيل عنها أنها غير معلنة، حل أردوغان  بفريق حرب فأربك الرئيس و ادخل “غولة”  في المشهد السياسي التونسي، و في الموقف الرسمي من عدد من قضايا المنطقة.
كلها عوامل اضعفتنا إلى حد اننا استبعدنا من اهم مؤتمر يخص دولة جارة أمنها و استقرارها من امننا و استقرارنا، و حتى و ان أتت الدعوة في الساعات الأخيرة  تم رفضها في ما فهم على أنه مجرد  ” عنتريات ” عفى عنها الزمن.
و لكي يختم أيامه المئة الأولى في احلى حلة استقبل في مقر السيادة الأولى في تونس أيتام الإرهاب و جعلهم يجلسون في قاعة كبار الضيوف و كأنه يكرم آبائهم الارهابيين المجرمين و امهاتهم زعيمات جهاد النكاح، و بالتالي أعطى رسالة لم يفهمها الا هو،  او يجوز ان تكون هذا ما “يريده الشعب”، اذ كل أعماله و افعاله تحت شعار “الشعب  يريد”.
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP