الجديد

الضمانات الحقيقية لتحوير وزاري ينقذ البلاد والعباد

المنصف عاشور
تعيش بلادنا أزمة حادة، أصبحت تهدد بجدية لا فقط مستقبل الانتقال الديمقراطي، بل أيضا  كيان  الدولة واستقرار مؤسساتها و مكانتها في المجتمع، ومست من صورة الأحزاب السياسية و وسائل الاعلام، وعمقت عزوف التونسيين عن الشأن العام، و أصبحت تزعج شركاء تونس الدوليين، ولا تطمئن المستثمرين الأجانب.
لهذا الأسباب وغيرها، يكتسي التحوير الوزاري المرتقب، أهمية بالغة ويتعدى مدلوله البعد الحكومي، او الاداري، ولا يمكن النظر اليه من زاوية تقليدية تقوم على خلفية “سنة التغيير”، و  أعراف التداول على المسؤوليات.
كلّ ملاحظ يتطلع الى نتائجه للتعرف على المقاربة التي اعتمدها يوسف الشاهد، و مدى قطعه مع الأشكال البالية في صناعة القرار السياسي. و هل له ان يؤكد اختلافه في الأسلوب والممارسة عن معارضيه؟
الواضح ان التحوير، لن يتم في توقيت مناسب إذ كان من المفروض ان يحصل منذ أشهر عديدة، بعيدا عن ضغوطات المواعيد الانتخابية لسنة 2019، و عن حمى التجاذبات السياسية والتموقعات الحزبية الضيقة، وان يعطي الأولوية لشرط الكفاءة، ويتخلص الى حد ما من منطق المحاصصة الحزبية والأجندات الشخصية.
وهنا لا بد من التأكيد على مسالة في غاية الأهمية، تتعلق بالكيفية التي سيتعامل بها التونسيون و الفاعلون السياسيون، على اثر اعلان رئيس الحكومة عن التعديل الوزاري، و هل سيعيرونه شيئا من اهتمامهم و تقديرهم ومساندتهم أم سيتواصل عزوفهم و لا مبالاتهم وقلة ثقتهم في السياسيين عموما وفي الفريق الحكومي بشكل خاص.
وهو ما يجرّنا إلى أحقية التساؤل عن الشروط الدنيا الكفيلة بضمان توافق واسع حول التحوير الوزاري المرتقب والتي يمكن ان نلخصها في المسائل الاساسية التالية:
1/
الحرص على كسب حياد رئيس الجمهورية واستعادة البعض من منسوب الثقة في العلاقة معه بعد مرحلة الاهتزاز والفتور وعبر الحملات الخسيسة والقذرة التي استهدف شخصه و دوره و خاصة رمزيته.
2/
التفاعل الإيجابي مع الضمانات السياسية التي طالبت بها بعض القوى قصد تنقية المناخ السياسي ووضح حد لتيار التشفي ونصب المشانق والسمسرة بعذابات الضحايا وإيجاد صيغة لاستكمال مسار العدالة الانتقالية بعد إنهاء مهمة هيئة الحقيقة والكرامة.
3/
تغليب عنصر الكفاءة في الاختيار وعدم القبول برسكلة الفاشلين منهم بعيدا عن منطق المحاصصة واقتسام الغنيمة.
4/
توضيح ملامح البرنامج المشترك للمرحلة الجديدة.
5/
التعهد من الفريق الحكومي الجديد بالتفرغ كليا لقضايا المواطنين بعيدا عن الاجندات الانتخابية.
6/
التأكيد على تعزيز خيار دولة الاستقلال بتدعيم نمط المشروع المجتمعي العصري والتشجيع على التشريعات الرامية الى تعزيز مكتسبات الحداثة و التقدم ببلادنا.
7/
الوقوف ضد كل محاولات السيطرة على اجهزة الدولة او إخضاعها للمصالح الحزبية.
8/
التعهد بمواصلة الجهود الحريصة على إظهار الحقيقة ومتابعة الجناة في ملفي الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
هذه الشروط أو بالأحرى الضمانات من شانها ان تعطي مضمونا و مدلولا للاتفاقات القادمة وتفرض على الأطراف ألمعنية الالتزام بها واحترامها واعتبارها بمثابة خارطة طريق المرحلة التي تفصلنا ان الانتخابات المقبلة . .

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP