الجديد

رضا لينين يتحدث عن قيس سعيد الرئيس وعن فريقه وأسلوبه في الحكم

في حوار مع موقع “صواب الرأي”، تحدث “رفيق” الرئيس قيس سعيد رضا لينين، عن استقالة مستشار الرئيس بالطيب، والتغييرات التي سيدخلها الرئيس على ديوانه، وعن رايه في فريق قيس سعيد وأيضا عما وصفه ب “الدول التي تهدد تونس… في ما يلي نص الحوار:
الوصول لفهم ما يريد رضا لينين قوله يبدو صعباً وعسيراً. المعجم الذي يستمد منه الرجل أفكاره ونصوصه أقرب إلى الفلسفة منه للسياسة، وخلفيته اليسارية الماركسية، شديدة الوفاء للمادية الجدلية ومسار نقد الاقتصاد السياسي السائد، تجعل من خطابه معايراً وغريباً في الساحة السياسية. لكن العسر ليس في الوصول لفهم قوله فحسب، بل إن الوصول إليه شخصياً يبدو أكثر عسراً. سيكون عليك القيام برحلة بواسطة التاكسي الجماعي، تلك العربة التي تنهب الأرض في جنون رهيب، من وسط العاصمة إلى مدينة سجنان ومنها إلى مدينة الخليدية، ذات الطبيعة الزراعية، لتجتازها عبر الحقول والبساتين إلى قرية صغيرة، لا يتعدى عدد سكانها المائتي ساكن تلفها حقول الزيتون والأراضي الخصبة من كل جانب. هناك، ستجد “جنة” رضا شهاب المكي، مهندس “النصر الرئاسي” لقيس سعيد، والرجل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، بعد عقود من الغياب عن ساحات الفعل السياسي، مذ تركها في أعقاب خروجه من قيادة العمل الطلابي في الجامعة التونسية. في هذه المقابلة يحدثنا رضا لينين عن سر اسمه الحركي الغريب، وعن أول مصافحة له مع رئيس الجمهورية قيس سعيد، كما سيقدم لمحة عامة عن تفاصيل المشروع السياسي الجديد الذي “بشرت” به حملة قيس سعيد.
من هو رضا شهاب المكي؟
ولدت في مدينة مكثر ولكن أصولي تعود إلى منطقة تسمى الكدية، تتبع لمعتمدية السرس من ولاية الكاف. تربينا في بيئة فلاحية جميلة وتربينا على صداقة الحيوانات حتى البرية منها. انتقلنا في بداية الستينات إلى وسط العاصمة تونس، ولكن بقيت علاقتي قوية بالكاف. رضا شهاب المكي، تلميذ متوسط في الدراسة. لم تكن لي رغبة كبيرة في التفوق. دخلت إلى الجامعة في السبعينات، برأس خال من السياسة لكني كنت شغوفا بالفلسفة، اكتشفت النضال والحركة النضالية خلال السنة الثانية في الجامعة، وجدت نفسي أغرق في عالم السياسة. رسبت أكثر من 10 سنوات، حتى أن الجامعة وتفاصيلها أصبحا جزاء كبيرا من حياتي. تخرجت لأشتعل معلماً، ثم استاذ تعليم ثانوي، ثم متفقد تعليم ثانوي وفي الست سنوات الأخيرة، وفي إطار التعاون الفني، ذهبت إلى البحرين خبيراً في المواطنة وحقوق الانسان.
ما سر تسميتك بــ “لينين”؟
لا تقلقني هذه التسمية، فهي بكل بساطة ارتبطت بشخص مفكر في التاريخ الإنساني الثوري، ليس في روسيا فقط، وإنما في العالم أجمع، بداية القرن العشرين. بالنسبة للتسمية فأنا لم أخترها لنفسي، ولست من هواة الألقاب، ولكن في كلية الحقوق، حين كنت طالبا، تقريبا كل الطلبة كانت لديهم تسميات، و”لينين” بالذات لأنه وحسب الأصدقاء الذين أطلقوا هذه التسمية فسببها أنني كنت أجادل وأناقش كثيرا.
متى كانت أول مصافحة لك مع حملة قيس سعيد؟
في العام 2011 قرأت مقالا لقيس سعيد يتحدث فيه عن نظام اقتراع الأفراد وضرورة بداية التفكير في مسألة سلطة المحليات.  قبل ذلك وبداية من جانفي 2011 شكلنا فريق من بقايا “الوطنيين الديمقراطيين”، من الذين أمنوا بأن الأفكار القديمة لم تعد تنسجم مع العالم الجديد، وسمينا هذا الفريق “قوى تونس الحرة” وبدأنا نشتغل على النصوص من أجل التغيير.  بعد ذهابي إلى البحرين اكتشفت أن “قوى تونس الحرة” قد قام بعملية تنسيق مع الأستاذ قيس سعيد وانطلقوا يجوبون البلاد شرقا وغربا وكنت أساهم بنصوص أنشرها من حين لأخر. لم يكن ضمن المشروع الذي نعمل عليه المشاركة في الانتخابات الرئاسية لكن في سنة 2014 اقترحت على الأستاذ قيس سعيد الترشح للانتخابات الرئاسية بناء على أن مشروعنا يقوم على نظام اقتراع الأفراد ونظام اقتراع الأفراد الوحيد الموجود حاليا هو الانتخابات الرئاسية ولكن تم التخلي على الفكرة. في سنة 2018 قرر قيس سعيد الترشح للرئاسة لكن كما قلت جذور الفكرة تعود إلى سنة 2014 .
كيف استطاع قيس سعيد الوصول إلى قرطاج بدون ماكينة انتخابية؟
هزمتهم الأسلحة الجديدة التي ليست أسلحتهم. الأسلحة الفكرية وليست النارية، أسلحة الأفكار الجديدة. لو اتبعنا ماكيناتهم الانتخابية وطريقة تفكيرهم وطريقة قيادتهم لحملاتهم الانتخابية وخطابهم لتحصلنا على صفر فاصل. سعيد فاز لأنه غيّر الأسلوب. هم جميعا لديهم نفس التشخيص ونفس الشعارات، من مكافحة المديونية ومكافحة الفساد. نحن ذهبنا إلى أسباب هذه المشاكل وهي النظام السياسي نفسه وما يترتب عليه من نظام اقتراع. لم نعط أية وعود في الحملة الانتخابية. ولم يكن لنا أي برنامج انتخابي، وبالفعل كنا في حملة تفسيرية، كنا على قناعة أن المواطنين هم أدرى الناس باحتياجاتهم، فلماذا نطلق لهم وعوداً، وهم يعرفون بالضبط ماذا يريدون، وعنوان حملتنا كان “الشعب يريد”.
هل تقصد أن جل الذين انتخبوا قيس سعيد قد انتخبوه لأنهم أمنوا بالمشروع الجديد؟
أصبحنا في عصر جديد وأرى أن الشخص وصفاته الشخصية وسلوكياته الحقيقية أصبحت جزءا من الخيار، سوى أمنوا بالمشروع أو بالرجل فقط فالأمر سيان.
كيف تقيم قيس سعيد “الرئيس” حتى الآن؟
أولا، كان عند وعده وحضر في حوار القناة الوطنية بعد مئة يوم على توليه الرئاسة. ثانيا، بالنسبة لفريق الرئيس، لو كنت مكانه لكنت اخترت هذا التوجه وهو عدم اختيار أشخاص من المشروع أو من فريق الحملة الانتخابية ليكونوا ضمن مستشاري الرئيس، ولكن هذا الفريق يحتاج إلى تطعيم. بالنسبة للنشاط الرئاسي هناك كم من النشاط الحكومي غير موجود ومفقود وهو ما يعطل بقية مؤسسات الدولة وفي السياسة الخارجية زار الجزائر كما وعد.
كيف ترى استقالة عبد الرؤوف بالطبيب؟
هو جزء من عملية تغيير آن أوانها. أنا أعلم والكثير من الناس يعلمون، أن لا مصلحة للماكينات بقيس سعيد كرئيس، وهذا ما يفسر حجم الانتقادات التي تطال الرئيس وفريقه، فلم أسمع أحدا من السياسيين قال يوما أنه يجب أن نعطي بعض الوقت للفريق الجديد للتعلم.
ولكن هل تعتقد أن مؤسسات الدولة ليست مكانا للتعلم؟
ولكن بورقيبة عندما حكم الدولة لم تكن له شهادة “محترف سياسة”.
ما رأيك في حرب التصريحات بين المستشار المستقيل عبد الرؤوف بالطبيب والمستشارة الاعلامية لرئيس الدولة رشيدة النيفير؟
هي جزء من الارتدادات الناتجة عن صعوبة فهم المشروع الجديد. وطبيعي جدا أن يخلق مثل هذا الارتباك ولكن لا يجب الاستمرار فيه.
هناك من يتحدث اليوم عن حالة من القطيعة بين فريق قيس سعيد الانتخابي وفريقه في قصر قرطاج؟
صحيح هناك حالة من التململ وأراها طبيعية. هناك من يرى نفسه أنه أفضل من الأخرين في التسيير، ورغم ذلك غير متواجد في الفريق، وهذا طبعا يولد حالة من التململ. أنا أقول إنه يجب إعطاء الوقت للجميع قبل الحكم، طالما الحكومة معطلة والبرلمان معطل، يجب الانتظار حتى تكون الدولة في وضعية عادية ونرى عمل الفريق.
كنت تحدثت سابقا عن أن الدولة التونسية مهددة من نظم عالمية، هل يمكن أن تفسر أكثر؟
ما يحصل الأن أن منظومة الاحتكار الدولي وصلت إلى درجة من الخطورة، التي أصبحت لا حاجة لها بكيان الدولة إلا ما يبقى في حاجاتها الخاصة للدولة مثل الجيش والشرطة والسجون وغيره. يمكن أن نرى أول بوادر هذه السياسة الجديدة في الولايات المتحدة من خلال انتخاب دونالد ترامب، خاصة بالنظر إلى كل ما تعلق بهذا الرجل من جدل. السبب أن الحالة الاقتصادية الأمريكية لم تعد تحتمل طريقة التسيير القديمة، فقد أصبحت تحتاج إلى من يتحدث بلغة المال وعلى الدولة ألا تعترض على هذا. وهذا ما يفسر خروج شخص شبه منتمي إلى الحزب الجمهوري لا يحترم الإعلام والصحافة يتحدث بلغة المال ومنحدر من الكارتلات الاقتصادية المتوحشة التي تحكم العالم. ونفس الشيء بالنسبة إلى فرنسا عند انتخاب الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون، بالنظر إلى ظروف وصوله إلى قصر الإليزيه، وهو بعيد كل البعد منظومة الدولة السياسية الكلاسيكية. هذه النظم بدأت تهدد الدولة التونسية وكل دول المنطقة.
ماهي النقاط الكبرى لمشروعكم الجديد؟
التنمية والتجديد والانتقال من حالة الضعف إلى حالة القوة أمر أصبح بيد الشعوب، فهي التي تعرف بالضبط ما تحتاجه. يمكن أن تزور جميع مناطق تونس وستجد مواطني كل منطقة يعرفون بالضبط ما يحتاجونه وما ينقص منطقتهم، لكن قوة الاقتراح وقوة المال لا يملكونها بل تملكها أحزابهم. عندما تدخل مجلس نواب الشعب لن تجد نواب شعب ستجد نواب أحزاب. فدور النخب دائما ما كان التوضيح والدفع وليس الاحتكار، إذن لتفادي هذا الاحتكار يجب أن تكون هناك انتخابات في الدوائر المحلية، ينتخب فيها ممثلون عن هذه الدوائر، وفي المرحلة الثانية، وهي من المحلية إلى المجلس التشريعي، لا يكون بالانتخاب بل بالقرعة. إذن الشرعية الأولى يحصل عليها الشخص بالانتخاب أما الشرعية الثانية فيحصل عليها من خلال القرعة، هذا في ما يتعلق بالانتخاب على الأفراد. أما الألية الثانية، التي يحتويها المشروع، فهي سحب الوكالة، ففي النظام الحالي لا وجود لسحب الوكالة، حيث يقضي النائب 5 سنوات في المجلس حتى وإن ارتكب أخطاء فضيعة، لكن عند تطبيق هذا المشروع سوف يحق للمواطنين سحب الوكالة. هذه الألية ترعب المشهد السياسي بأكمله. أخيرا، المشروع يحتوي على ثلاث نقاط ارتكاز مهمة وهو عدم التوزان بين المدينة والريف، وعدم التوازن بين الجهد والمال والنظام السياسي.
هل تعتقد أن الشعب التونسي وصل إلى درجة وعي يمكنه من خلالها تقبل هذا المشروع؟
أولا، هو عمل على المدى الطويل، وثانيا الوعي ينتشر عندما تكون الحالة ثورية. فمزاج “الشعب الثقافي” عندما تبدأ الثورة بالذوبان يعود إلى الركود، إذن يجب الابقاء على حالة الثورية، ويجب التحول بها من حالة المواجهة بين أفراد الوطن الواحد إلى إدراك المشترك بين هؤلاء الأفراد.
هل تعتقد أن تنظيم الحكم المحلي في تونس قد فشل؟
طبعا فشل فشلا ذريعا، هناك أكثر من 60 منطقة بلدية أعادت الانتخابات. كل انتخابات تكلف خزينة الدولة 50 ألف دينار، ألا يعد هذا فشلا.
ماهي سلبيات النظام الحالي، التي دفعتكم إلى التفكير في اقتراح مشروع نظام سياسي جديد؟
المركزية في الاقتصاد والمركزية في السياسة وعدم التوازن بين الجهد والمال، الذي تسبب في كل مظاهر الفساد الموجود حاليا.
ما هو مصير الأحزاب والعائلات السياسية في تونس عند تطبيق هذا المشروع؟
النظام السياسي خلق وساطات، أو ما يسمى في المنطوق الشعبي “الأحباب”، حتى إذا أردت ممارسة الفن، مثلا، يجب أن تحصل على رخصة للممارسة، أما اليوم فإن الشاب الذي قرر أن يصبح فنانا اشترى قيثارة وبدأ الرحلة، ولم يعد في حاجة إلى رخصة. مرجعيتك أنت حر فيها ولكن المشترك هو العام وفي العالم اضمحلت الكثير من التنظيمات.
نتيجة مخيبة للآمال لليسار التونسي في الانتخابات الأخيرة، هل تعتقد أنها أزمة عابرة أم بداية لنهاية اليسار التونسي؟
اليسار لا ينتهي. ولكن الأكيد أن نتيجة الانتخابات هي نتيجة لعدم التجديد وعدم الايمان بأن الحياة تتغير.
رابط الحوار
https://sawaab-arraii.com/ar/rda-lynyn-hnak-halt-mn-altmlml-fy-sfwf-almhytyn-bqys-syd?fbclid=IwAR1YTFxHASR-FZ29RTSzCyYFVRcPgOEblY6u4Qj8WlsJPZ_351iHRkwIweg
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP